روسيا تؤكّد بقاء قواتها في سورية وتسخينٌ ميداني شمالاً

27 مايو 2022
تدخلت روسيا عسكرياً في سورية منذ عام 2015(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس الخميس، أن القوات الروسية باقية في سورية، في وقت يتواصل التسخين الميداني في الشمال السوري على طول خطوط التماس بين القوات التركية و"الجيش الوطني السوري" من جهة، و"قوات سورية الديمقراطية"(قسد) من جهة أخرى، في ظل توقعات بعملية عسكرية تركية وشيكة في المنطقة.

وقال لافروف في مقابلة مع موقع قناة "روسيا اليوم" باللغة العربية: "نحن هناك (في سورية) بناء على طلب الرئيس الشرعي للجمهورية العربية السورية، بشار الأسد، والحكومة الشرعية لذلك البلد، نحن هناك في حالة امتثال كامل للمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة. ونحن نؤدي المهام التي حددها مجلس الأمن في القرار 2254. وسنلتزم بهذا الخط في المستقبل أيضاً".

وأضاف الوزير الروسي: "سندعم القيادة السورية في جهودها لاستعادة وحدة أراضيها بشكل كامل، بسبب وجود وحدات عسكرية تتبع دولاً لم يدعها أحد، ولأن الجيش الأميركي، على سبيل المثال، الذي احتل جزءا كبيراً من الضفة الشرقية لنهر الفرات، ما زال حتى الآن ينشئ علناً تشكيلات شبه دولة هناك، ويشجع الانفصالية مباشرة، مستخدماً لهذا الغرض مزاج جزء من السكان الأكراد في العراق".

وزعم لافروف: "يهدف قانون قيصر سيئ السمعة إلى خنق الاقتصاد السوري. لكننا نرى أن الدول العربية تتفهم أكثر فأكثر الطريق المسدود لهذا المسار وتهتم باستئناف علاقاتها مع سورية. لذلك، أعادت دولة الإمارات العربية المتحدة، أخيراً، أعمال سفارتها بالكامل. ولم يسحب عدد من الدول العربية سفاراته من دمشق".

وقال: "الآن يجري التحضير للقمة القادمة لجامعة الدول العربية، وقد ناقشناها في الجزائر مع الرئيس عبد المجيد تبون. والغالبية العظمى، على حد علمنا من اتصالاتنا، تؤيد نوعا من الحل الذي يسمح ببدء عملية استئناف العضوية الكاملة لسورية في جامعة الدول العربية".

وأشار إلى وجود "نقطة أخرى وهي مشكلة اللاجئين"، مشيراً إلى أن "وسطاء الأمم المتحدة يحاولون المشاركة في هذه القضية. لكن الولايات المتحدة والأوروبيين المطيعين لها تماما بكل الطرق الممكنة، يمنعون عودة هؤلاء الأشخاص. ولاحظ أنه عندما عقدت سورية مؤتمراً في دمشق قبل عامين لحشد الأموال والإمكانيات لخلق فرص لعودة اللاجئين، بذل الأميركيون جهداً كبيراً لمنع الجميع من حضور هذا المؤتمر"، وفق قوله.

وحول التسوية السياسية في سورية، قال: "العملية التي تجري في جنيف، اللجنة الدستورية، لجنة صياغة الدستور. نحن على اتصال منتظم بغير بيدرسون، الذي يمثل الأمم المتحدة، كوسيط في هذه العملية؛ زارنا منذ وقت ليس ببعيد. كما نتواصل معه من خلال مكتبنا التمثيلي في جنيف. الآن هناك اتفاق على أنه في الأسابيع القليلة المقبلة؛ نعم، حتى نهاية مايو، يبدأ الاجتماع التالي لهيئة الصياغة".
وختم بالقول: "القضية، كما نرى جميعاً، تتقدم بصعوبة. لذلك، تظل هذه المهمة على جدول الأعمال. لكن في الآونة الأخيرة، وبفضل الإجراءات المتخذة سواء من خلال قواتنا أو القوات المسلحة السورية، لم نلاحظ أي استفزازات من داخل إدلب ضد مواقع الجيش السوري وقواعدنا في سورية".

وتأتي تصريحات لافروف، عقب تداول أنباء، خلال الأيام الماضية، عن انسحاب روسي وشيك من سورية.

وفي عام 2015 تدخلت روسيا إلى جانب النظام في سورية، وذلك بعدما بدت عليه علامات الانهيار أمام تقدم المعارضة المسلحة.

 

تسخين ميداني

ميدانياً، شهدت مناطق سيطرة المعارضة السورية، شمال غربي البلاد، اليوم الجمعة تحليقاً مكثّفاً للطيران الحربي وطيران الاستطلاع الروسيين دون ورود معلومات عن تنفيذ غارات.

وأشارت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إلى أن الطيران الحربي والمروحي الروسي حلق فجر اليوم الجمعة، مرات عدة فوق مناطق نفوذ "الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا شمالي محافظة حلب، وفي سماء ريفي الحسكة الشمالي والشمالي الغربي، فيما حلقت طائرات مسيّرة ومروحية أميركية فوق قاعدة قسرك شرق تل تمر شمال غريب الحسكة وصولا إلى المنطقة الواقعة جنوب درباسية وشرق أبو راسين.

ويتزامن ذلك مع قصف مكثف مصدره "الجيش الوطني" والجيش التركي، لمناطق سيطرة "قسد" في ريف حلب الشرقي.  

وكانت وسائل إعلامية تركية تحدثت، أمس الخميس، عن اكتمال الاستعدادات العسكرية لبدء عملية عسكرية ضد "قسد" في مناطق عديدة محتملة من شمالي سورية.

من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع التركية في بيان، إحباط هجوم وشيك كانت "قسد" تستعد لتنفيذه على مناطق انتشار القوات التركية شمال شرقي سورية، مشيرة إلى "تحييد 5 إرهابيين من حزب العمال الكردستاني/ وحدات حماية الشعب كانوا يستعدون لتنفيذ هجوم عبر تدخل ناجح لوحدات الكوماندوس التركية"، وفق ما نقلته وكالة "الأناضول".

مجلس الأمن القومي التركي

وكان مجلس الأمن القومي قد عقد، أمس الخميس، اجتماعاً بحث فيه العملية العسكرية المحتملة شمالي سورية.

وانتهى الاجتماع الذي حضره الرئيس رجب طيب أردوغان، بتأكيد اعتبار العمليات الجديدة شمال سورية ضرورة فرضها الأمن القومي لتركيا.

وجاء في بيان مجلس الأمن القومي، أن تركيا "تحترم دائماً روح وقانون التحالفات الدولية، وتتوقع المسؤولية ذاتها من الحلفاء"، معتبراً أن "العمليات على الحدود الجنوبية ضرورة أمنية، ولا تستهدف سيادة دول الجوار".

تصعيد تركي شمالاً

في غضون ذلك، قصفت مدفعية الجيش التركي وفصائل المعارضة العديد من المناطق الواقعة تحت سيطرة "قسد" كبلدة أبو راسين بريف الحسكة، ومدينة تل رفعت بريف حلب الشمالي، ولم يسفر القصف عن أضرار بشرية، واقتصرت أضراره على دمار في مبانٍ خدمية ومنازل مدنية.

وكانت وسائل إعلامية تركية تحدثت، أمس الخميس، عن اكتمال الاستعدادات العسكرية لبدء عملية عسكرية ضد "قسد" في مناطق عديدة محتملة من شمالي سورية، عقب تصريحات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الإثنين الماضي، أشار فيها إلى أن بلاده "ستبدأ قريباً باتخاذ خطوات تتعلق بالجزء المتبقي من الأعمال التي بدأتها لإنشاء مناطق آمنة على عمق 30 كيلومتراً، على طول الحدود الجنوبية (مع سورية).

ويوم أمس الخميس، قال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أغلو، إن بلاده "لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الهجمات في شمال سورية، وستقوم بما يلزم من أجل ضمان المنطقة الآمنة".

وأضاف جاووش أوغلو في حديث للصحافيين على متن الطائرة في رحلة العودة من إسرائيل إلى تركيا، أن "المخاطر الأمنية باتت تحد تركيا؛ سواء من منطقة نبع السلام (في منطقة شرقي الفرات) أو بقية المناطق، وتركيا أنشأت المنطقة الآمنة من أجل إزالة هذه التهديدات".

 
"داعش" يعلن حصيلة عملياته

على صعيد منفصل، ادعى تنظيم "داعش"، تفيذ الخلايا الأمنية التابعة له، 56 عملية أمنية في المناطق والدول التي ينتشر فيها مقاتلوه حول العالم.

وذكرت جريدة التنظيم الرسمية "النبأ"، اليوم الجمعة، أن العمليات أسفرت عن مقتل 204 أشخاص من بينهم 72 من قوات النظام السوري وجنود من الجيش العراقي بينهم خمسة ضباط، إضافة إلى مقتل 85 من قوات "قسد" وقوات "الحشد الشعبي العراقي".

كما أسفرت العمليات، بحسب زعم "داعش"، عن تدمير 21 آلية عسكرية إضافة إلى خمس كاميرات حرارية خاصة بالمراقبة.

ولم تكن لسورية حصة كبيرة من عمليات التنظيم خلال الأسبوع الأخير، حيث نفذ مقاتلوه عمليتين في محافظتي الحسكة ودير الزور، مقابل 33 عملية في العراق، بحسب ادعائه.

قتيل من الفرقة الرابعة في درعا

وفي الجنوب السوري، ذكر "تجمع أحرار حوران"، أن حسين فنيخر، أحد المنتسبين للفرقة الرابعة التابعة للنظام، قتل الليلة الماضية في ريف المحافظة الغربي، إثر استهدافه بطلق ناري من قبل مجهولين في بلدته خراب الشحم بريف المحافظة الغربي.

ووفق الموقع، فقد كان فنيخر أحد العاملين في المجال الطبي في منطقة القنيطرة، وعقب التسوية انضم مع أشقائه حسام ويونس لمكتب أمن الفرقة الرابعة المدعومة من قبل إيران.

دورية مشتركة للنظام و"قسد" في الحسكة 

سيّرت قوات النظام السوري وقوات تتبع لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) اليوم الجمعة دورية مشتركة بحماية جوية روسية، في محافظة الحسكة، شمال شرقي سورية، في حادثة هي الأولى من نوعها من قبل الطرفين.

وقالت مصادر مقربة من "قسد" لـ"العربي الجديد"، إن آليات عسكرية تابعة للنظام وأخرى تتبع لـ"قسد" جالت المناطق الواقعة غربي وشرقي مدينة الدرباسية بريف الحسكة، قرب بلدة أبو راسين، ورافقتها ست مروحيات روسية، الهدف منها الكشف عن طريق سيرها وحمايتها.

وأوضحت أن الدورية التي جاءت في ظل التهديدات التركية لبدء عمل عسكري شمالي سورية، تهدف إلى إيصال رسالة، للمعارضة السورية وتركيا مفادها أن أي هجوم سيتم التصدي له بقوة، وأشارت إلى أن هناك رفضاً روسياً لأي عمل عسكري في المنطقة، يتمثّل في دعم قوات النظام وجمعها و"قسد" في بوتقة واحدة، على حد وصفه.

وبحسب المصادر، فإن روسيا نقلت العديد من الطائرات الحربية إلى مطار القامشلي الواقع تحت سيطرة قوات النظام، وقامت مروحيات تتبع للقوات الروسية بالعديد من الجولات في سماء المناطق الواقعة تحت سيطرة "قسد" في ريف الحسكة، على الحدود السورية - التركية.

المساهمون