لم تقنِع تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، المستنكِرة لهجوم أنصار الرئيس الأميركي الخاسر في الانتخابات دونالد ترامب، على مقر الكونغرس الأميركي، أحداً في إسرائيل، بقدر ما عزّزت المخاوف مما قد يقدِم عليه نتنياهو نفسه وأنصاره في حال خسارته الانتخابات الإسرائيلية المقررة في الثالث والعشرين من مارس/ آذار المقبل. على العكس من ذلك، أعادت المشاهد من واشنطن إلى الأذهان سلسلة طويلة من تهديدات أنصار نتنياهو، وعلى رأسهم الوزير دافيد أمسالم، بأنه إذا تقرّر تقديم نتنياهو للمحاكمة، فإن ملايين الأنصار سيزحفون إلى المحكمة، فضلاً عن الهجمات التي شنّها أنصار تنظيم "لافاميليا" العنصري الفاشي على متظاهرين ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية في القدس المحتلة والاعتداء عليهم جسدياً.
وكان نتنياهو قد سبق ترامب، ومنذ عام 2015، إلى اتهام مناهضيه ومعارضيه بأنهم يساريون وخونة، ووصل به الأمر حدّ الادعاء، قبل ترامب، طبعاً، بأن العرب واليسار الإسرائيلي يسرقون الانتخابات ويزّيفونها، فضلاً عن اتهام المستشار القضائي للحكومة (أفيخاي مندلبليت)، وقائد الشرطة السابق (روني الشيخ)، ومسؤولين آخرين عن أجهزة القضاء، بحياكة مؤامرات، طاولت الاتهامات بشأنها، أيضاً، الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، والعضو السابق في حزب نتنياهو "الليكود"، جدعون ساعر، بالتآمر لإلقاء مهمة تكليف الحكومة على ساعر وليس على نتنياهو، على الرغم من أن الأخير هو رئيس ومرشح "الليكود" لرئاسة الحكومة.
وعلى الرغم من أن اتهامات نتنياهو كلّها تحطمت على أرض الواقع، إلا أنه لم يرتدع، وواصل باستمرار على مدار العام الماضي، بعد ثلاث معارك انتخابية، اتهام كلّ معارض له بأنه يساري، أو جزء من مؤامرة الإعلام والقضاء للانقلاب على قرار الناخب الإسرائيلي، زاعماً أن محاكمته الشخصية بتهم الفساد لا تعدو كونها محاولة لإنهاء حكم اليمين و"الليكود" لا غير.
ومثلما وجد ترامب من يؤازره في محاولات الادعاء بتزييف النتائج وسرقة الانتخابات الأميركية، حشد نتنياهو في أكثر من مناسبة جمهوراً مشابهاً، ردّد كل ما يقول، وأجّج الشرخ الداخلي في المجتمع الإسرائيلي. وقد برز ذلك على نحو خاص، عندما مثل نتنياهو للمرة الأولى أمام المحكمة الإسرائيلية للاستماع لبنود الاتهام ضده، مصحوباً بسبعة من وزراء الحكومة وأربعة من نواب الكنيست، فيما لبّى العشرات دعوات حزبه للتظاهر خارج المحكمة ضد مجرد القرار بتقديم لائحة اتهام رسمية ضد نتنياهو، عندما يخسر الأخير الانتخابات.