رسائل واشنطن لبيونغ يانغ: مناورات مكثفة لحماية الحلفاء

13 ابريل 2022
صعّدت كوريا الشمالية تجاربها الصاروخية (جان يونغ جي/فرانس برس)
+ الخط -

وجّهت الولايات المتحدة، مجدداً، خلال اليومين الماضيين، رسالة تحذيرية إلى كوريا الشمالية، في استعراض قوة في المياه الإقليمية، مع استمرار الشمال الكوري وزعيمه كيم جونغ أون، في اللعب على حافة الهاوية، منذ مطلع العام الحالي، في تصعيد غير مسبوق منذ عام 2017. ولن يتخطى على الأرجح، دخول مجموعة حاملة طائرات هجومية للبحرية الأميركية، البحر الشرقي، أو بحر اليابان، منذ أول من أمس الإثنين، حدود استعراض القوة، وإيصال رسائل بالتزام حماية الحلفاء، وهو ما استعيد مع عودة التدريبات الأميركية - الكورية الجنوبية المشتركة، والأنشطة المتزايدة لسلاح الجو والبحرية الأميركية في المنطقة.

قلق أميركي وأطلسي من اختبارات كوريا الشمالية

وفيما يتنامى القلق في سيول وطوكيو، من الاختبارات الصاروخية الباليستية المتقدمة التي تكشف عنها وتجريها بيونغ يانغ تباعاً، واستمرار إعادة العمل بموقع بانجي - ري النووي، خرج أمس الثلاثاء، تحذير أيضاً من حلف شمال الأطلسي من وصول الصواريخ الكورية الشمالية إلى أراضي دول الحلف. وعلى خلفية الحرب الروسية على أوكرانيا، ترصد واشنطن وحلفاؤها، بمزيد من الحذر والتوجس، أي تحركات عسكرية من "محور الشرق"، حيث لم تخف بكين وبيونغ يانغ معارضتهما للنشاط الأطلسي في شرقي أوروبا، أو انحيازهما للموقف الروسي.

قد تختبر بيونغ يانغ صواريخ جديدة بذكرى ولادة كيم إيل سونغ الجمعة

وأكد مسؤول أميركي، أمس الثلاثاء، ما تداولته وكالة "يونهاب" الكورية الجنوبية، خلال اليومين الماضيين، عن نشاط أميركي عسكري في بحر اليابان، لإجراء تدريبات مع البحرية اليابانية، وذلك قبل أيام من مناسبتين سياسيتين في كوريا الشمالية، ترجح تقديرات أن يستغلهما الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون لإجراء اختبارات صاروخية نووية جديدة أكثر تقدماً، مع تنامي القلق في المنطقة من التصعيد المتواصل الذي تمارسه بيونغ يانغ.  

ويتواصل التصعيد في شبه الجزيرة الكورية منذ أشهر، بعدما فشلت واشنطن في دفع بيونغ يانغ إلى طاولة التفاوض مجدداً، حول برنامجها النووي، والذي جمّد في آخر عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. ويثير هذا التصعيد قلق كوريا الجنوبية واليابان، وسط ارتفاع مستوى التوتر بين سيول وبيونغ يانغ، بعد فترة من محاولة التقارب في عهد ترامب.

"أبراهام لينكولن" قبالة شبه الجزيرة الكورية

وأكد مسؤول أميركي لوكالة "رويترز"، أن المجموعة الهجومية الخاصة بحاملة الطائرات أبراهام لينكولن تنشط في المياه قبالة شبه الجزيرة الكورية، وذلك بعدما أفادت "يونهاب" بإرسال السفن. وقال المسؤول إن المجموعة تنشط في بحر اليابان، والمعروف أيضاً بالبحر الشرقي، لإجراء تدريبات مع القوات اليابانية لطمأنة الحلفاء والشركاء في المنطقة. ونقلت "يونهاب" عن مصادر مطلعة لم تسمها أن "أبراهام لينكولن" ستعمل في المنطقة لما يتراوح بين ثلاثة وخمسة أيام.

ويأتي هذا النشاط الأميركي العسكري، قبيل بدء تدريبات أميركية – كورية جنوبية مشتركة، في إطار تدريب إدارة الأزمات، تبدأ الإثنين المقبل، وستركز على ألعاب الحروب المُحوسبة. كما تأتي قبل أيام قليلة من احتفال بيونغ يانغ بالذكرى الـ110 لولادة مؤسس البلاد كيم إيل سونغ، بعد غدٍ الجمعة، ثم عيد الجيش الكوري الشمالي الـ90 في 25 إبريل/نيسان الحالي. ويتنامى قلق المسؤولين الأميركيين من أن تجري كوريا الشمالية تجربة نووية تحت الأرض خلال الأيام المقبلة. وقال المبعوث الأميركي الخاص للمسألة الكورية الشمالية، سونغ كيم، الأسبوع الماضي، إن بيونغ يانغ قد تجري اختباراً صاروخياً أو نووياً بذكرى ولادة كيم إيل سونغ.

وأمس الثلاثاء، أعربت اللجنة العسكرية لمنظمة حلف شمال الأطلسي في سيول، عن قلقها، من إمكانية وصول الصواريخ الكورية الشمالية إلى أراضي دول الناتو.

وهذه هي المرة الأولى منذ نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017 التي يرسل فيها البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) مجموعة حاملة الطائرات إلى المياه بين كوريا الجنوبية واليابان. ففي ذلك العام، تمّ إرسال حاملات الطائرات الأميركية رونالد ريغان وتيودور روزفلت ونيميتز، ومجموعاتها الهجومية متعددة السفن، في استعراض للقوة ولإجراء مناورات مشتركة مع البحرية الكورية الجنوبية، بعدما أجرى الشمال اختبارات لصواريخ باليستية نووية وعابرة للقارات.

أعرب الناتو عن قلقه من وصول الصواريخ الكورية الشمالية إلى أراضي دوله

وصعّدت كوريا الشمالية منذ بداية العام الحالي، تجاربها الصاروخية، وأجرت في يناير/كانون الثاني الماضي، تجربتين لصواريخ فرط صوتية (كانت أجرت أول اختبار لصاروخ فرط صوتي في خريف 2021)، بحسب ما أكد إعلامها الرسمي. وفي مارس/آذار الماضي، أجرت بيونغ يانغ أول اختبار لصاروخ باليستي عابر للقارات منذ 2017، حين كان التصعيد في أوجّه بين واشنطن وبيونغ يانغ. وجاءت الاختبارات الجديدة، في وقت أعاد فيه كيم إحياء سياسة حافة الهاوية، في محاولة للضغط على الولايات المتحدة وخصوم بلاده للاعتراف بكوريا الشمالية قوة نووية ورفع العقوبات القاسية المفروضة عليها. من جهتها، شدّدت واشنطن، في عهد الرئيس جو بايدن، عقوباتها، مع كل تجربة صاروخية جديدة للشمال للكوري.

ولا يتضمن جدول نشاط "أبراهام لينكولن" في مياه البحر الشرقي، أي تدريبات مشتركة مع البحرية الكورية الجنوبية، لكن المسؤولين في سيول قد يصعدون على متن حاملة الطائرات، في محاولة لإيصال رسالة تحذيرية إلى بيونغ يانغ، التي لطالما نظرت إلى هذه التحركات، وخصوصاً التدريبات الأميركية – الكورية الجنوبية المشتركة، على أنها بروفة حرب. وكان سلاح الجو الأميركي قد أجرى الشهر الماضي استعراضاً للقوة فوق مياه البحر الأصفر (يعرف أيضاً ببحر الغرب في الكوريتين) في المياه الدولية، رداً على اختبارات كوريا الشمالية للصواريخ الباليستية العابرة للقارات الأخيرة. وحينها، كانت حاملة الطائرات أبراهام لينكولن في مياه الفيليبين.
(العربي الجديد، رويترز)