رسائل نارية من النظام السوري قبيل قمة طهران الثلاثية

16 يوليو 2022
قوات المعارضة في الشمال السوري، نوفمبر 2020 (بكر القاسم/فرانس برس)
+ الخط -

في تكرار لمسار التصعيد العسكري قبيل كل جولة تفاوض سياسية حول الملف السوري، عمدت قوات النظام السوري مدعومة من موسكو إلى التصعيد الميداني في شمال غربي سورية، وذلك قبل أيام من القمة الثلاثية التي من المقرر أن تُعقد في طهران، يوم الثلاثاء المقبل، بين الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والإيراني إبراهيم رئيسي والتركي رجب طيب أردوغان، لمناقشة التطورات على المسار السوري.

وبدا تصعيد قوات النظام محاولة لتوجيه رسائل نارية إلى الجانب التركي، الذي يتوعّد بعملية عسكرية جديدة في شمال البلاد ضد "قوات سورية الديمقراطية" (قسد).

اشتعال جبهات إدلب

وشهدت محاور القتال في مدينة سراقب، شرقي إدلب، والطريق الدولي حلب ـ اللاذقية أمس الجمعة، قصفاً متبادلاً بين قوات النظام وفصائل المعارضة.

كما قصفت قوات النظام بالمدفعية محيط مدينة سرمين بريف إدلب الشرقي، ومحيط بلدة آفس، شرقي محافظة إدلب، ما تسبّب بدمار في الطرقات الرئيسية المؤدية إلى المنطقتين، من دون وقوع إصابات بشرية. وجاء ذلك بالتزامن مع قصف مماثل طاول ثماني قرى وبلدات في منطقة جبل الزاوية، جنوبي محافظة إدلب، وريف حلب الغربي، في ظل تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع الروسية في سماء المنطقة.

واندلعت الاشتباكات فجر أمس، خلال صدّ غرفة "الفتح المبين" التابعة للمعارضة محاولة تقدّم لقوات النظام، على محور بلدة معارة النعسان، شمال شرقي إدلب، حيث دارت اشتباكات عنيفة بالرشاشات الخفيفة والمتوسطة، ترافقت مع قصف متبادل بقذائف الهاون مع معلومات عن سقوط قتلى بين قوات النظام.


اندلعت الاشتباكات خلال صدّ المعارضة محاولة تقدّم لقوات النظام في إدلب

وقالت مصادر عسكرية من فصائل المعارضة، لـ"العربي الجديد"، إن ضابطين برتبة ملازم أول، ضمن ملاك "الفرقة 25 مهام خاصة"، وعنصراً واحداً، قُتلوا خلال هذه الاشتباكات، في حين قصفت المعارضة مواقع لـ"الفرقة 25" في بلدة بالا بريف حلب الغربي، شمال غربي سورية.

وأشارت المصادر إلى أن الضابطين شاركا قبل أيام في تدريبات مظلية بإشراف ضباط روس من قاعدة "حميميم" الجوية في محيط مطار كويرس العسكري بريف حلب الشرقي، وذلك استكمالاً للتدريبات التي تُجريها الفرقة لعدد من ضباطها بريف حلب الشرقي، وضمن مدرسة المجنزرات (أكبر معسكرات الفرقة 25) بريف حماة الشرقي.

وفي سياق هذا التصعيد، اتهمت روسيا "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) بالتخطيط لتنفيذ ما وصفته "استفزازاً" يتضمن هجوماً بأسلحة كيميائية في إدلب.

ونقل موقع "روسيا اليوم" عن نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة يفغيني غيراسيموف قوله، أول من أمس الخميس، إن "الجبهة تخطط لتنظيم استفزاز عبر استخدام حاويات تحوي مواد سامة في إدلب وإلصاق الاتهام بالقوات السورية".

وأضاف أنه "بحسب المعلومات التي تلقاها المركز الروسي للمصالحة من السكان المحليين، قام مسلحو الجبهة بنقل حاويات بها مواد سامة إلى بلدتي احسم وبلشون في محافظة إدلب".

كما اتهم "تحرير الشام" بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، عبر العديد من عمليات القصف التي طاولت مناطق في إدلب وحلب وحماة. وشنّ الطيران الحربي الروسي، أول من أمس الأربعاء، هجمات على ما قال إنها نقاط وتحصينات تحت الأرض وورشة لتصنيع طائرات مسيّرة لفصائل المعارضة في إدلب.

تعزيزات لـ"هيئة تحرير الشام"

من جهتها، عززت "هيئة تحرير الشام" مواقعها قرب بلدة آفس ومناطقها في جبل الزاوية، فيما دمرت غرفة عمليات "الفتح المبين" موقعاً لقوات النظام، على محور قرية مكلبيس، غربي حلب، حيث تم استهداف مبنى لخزان مياه كانت تثبت عليه قوات النظام والمسلحون الموالون لها، قاعدة صواريخ حرارية لاستهداف التحركات المدنية والعسكرية ضمن مناطق نفوذ "هيئة تحرير الشام" والفصائل، كما بينت مشاهد مصورة نشرتها حسابات مقربة من غرفة "الفتح المبين".


اتهم الروس "هيئة تحرير الشام" بالتحضير لهجوم كيميائي

وقال العقيد مصطفى بكور، المتحدث الرسمي باسم فصيل "جيش العزة" المنضوية ضمن غرفة عمليات "الفتح المبين"، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه لوحظ خلال الشهرين الماضيين تزايد محاولات التسلل من قبل قوات النظام والمليشيات الإيرانية على مختلف الجبهات.

وأعرب عن اعتقاده بأن هذا يندرج في سياق "جس النبض لمعرفة مدى جاهزية الفصائل لصد أي تقدّم محتمل باتجاه المنطقة المحررة". وأضاف: "كما يندرج ذلك في إطار التدريبات المستمرة التي تجريها قوات النظام والمليشيات الإيرانية والروس على سيناريوهات لاستعادة ما تبقّى من مناطق خارج سيطرة قوات النظام"، لافتاً إلى أن هذه المحاولات تتزامن "مع التجاذبات الدولية للقوى الفاعلة في سورية في ملفات عديدة".

وأشار بكور إلى أنه "في إطار التحضير لكل عمل تفاوضي بين الدول عادة ما تقوم هذه الدول بتوجيه رسائل عبر وسائط مختلفة لبعضها"، في إشارة إلى المساومات الأخيرة في مجلس الأمن حول التمديد لآلية دخول المساعدات عبر معبر باب الهوى. لكنه استبعد احتمال حصول تصعيد عسكري واسع في إدلب، مرجحاً أنه "في حال حصل أي تصعيد في المنطقة فلن يتعدى عمليات قصف متفرقة قد تؤدي إلى سقوط ضحايا بين المدنيين".

ورأى أنه "لا توجد رغبة دولية بتغيير خريطة مناطق السيطرة في إدلب في المستقبل القريب"، لافتاً إلى أن "ذلك يمكن أن يتغير بأي لحظة وهذا الأمر يستوجب اليقظة الدائمة والجاهزة العالية من جميع الفصائل".