رسائل عربية من مونديال قطر

05 ديسمبر 2022
اقتحم بلاغة الملعب خلال مباراة فرنسا وتونس (Getty)
+ الخط -

لم تكن قفزة الشاب التونسي أمين بلاغة في قلب الملعب في مباراة تونس وفرنسا، مجرد عملية بهلوانية قام بها شاب طائش بغاية الشهرة وجلب الأنظار، لأن حمله للعلم الفلسطيني وهو يقتحم الملعب كان رسالة واضحة وصريحة لمن يهمه الأمر، وتتويجاً لأيام من الانتصار للقضية في كل شوارع الدوحة خلال هذا المونديال.

لم يكن أحد ينتظر أن تتحول فلسطين إلى قلب هذا المونديال، ولكن الشعوب العربية المنتشرة في شوارع قطر، طرحت قضيتها الأم مجدداً على الطاولة أمام أنظار العالم، وأكدت لكل أنظمتها أن نظرية التطبيع سقطت مرة أخرى شعبياً في المنطقة برغم كل الشحن وكل الجهود المحمومة خلال السنوات الماضية لفرض التطبيع.

ولكم استمتعنا خلال هذه الأيام بالصحافي الإسرائيلي وهو يشتكي من الجمهور العربي، منبوذاً ومطروداً من الجميع، يبتعد عنه الناس أمتاراً بمجرد أن يكشف عن هويته، وكأنه حمى ستصيبهم. ومهما هرولت أنظمة لفرض تقاربها مع الكيان الصهيوني، فإن ذلك لن يجدي مع الشعوب ولن يغير من واقع الأمر شيئاً.

كانت فلسطين أولى الرسائل التي وجهها العرب من الدوحة إلى كل العالم، ولكنها لم تكن الرسالة الوحيدة، كان الصحافيون والمواطنون الغربيون مندهشين من عائلات قطرية تخرج إلى الشارع بعد المباريات لتوزع الأكل والتمور والقهوة على الجماهير في الشارع.

لم يتعودوا ذلك، غمرهم هذا الدفء وهذه البساطة وهذه الروح العربية العالية في استقبال الضيوف، رسالة أمان وسلام تدحض كل ما روجوه طيلة سنوات عنّا من شرور لا عدّ لها.

رفع المنظمون سقف هذه التظاهرة العالمية عالياً وصعّبوا المهمة على من بعدهم. ولكن الأهم هو عدم تنازل المنظمين تحت الضغط العالي الذي مارسته دول بغاية التشكيك أولاً ثم محاولة فرض نوع من الهيمنة الثقافية ثانياً.

ولكن أبلغ ما وجّهته بطولة قطر، هو هذه اللُحمة العربية العربية، تمازجت الأهازيج ورُفعت الأعلام وانتصر عربٌ لعربٍ في الشوارع والمدارج، فرحوا بالنصر معاً وغضبوا للخسارة معاً، وحمل قادة قطر كل أعلام العرب المشاركين في رسالة واضحة أن ما يوحدنا سيغلب يوماً ما كل ما يفرقنا، وأن هذه البطولة الناجحة ليست رسالة قطرية فقط، إنها رسائل كل العرب.

المساهمون