رسائل سعودية إلى الولايات المتحدة وإسرائيل عبر اتفاق التقارب مع إيران بوساطة صينية

11 مارس 2023
أعلنت إيران والسعودية في تطور مفاجئ الجمعة استئناف العلاقات (تويتر)
+ الخط -

رداً على حملة الانتقادات الموجهة إليها في أعقاب اتفاق السعودية وإيران على إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما، حمّلت الحكومة الإسرائيلية نظيرتها السابقة برئاسة بينت ولبيد، إضافة إلى الغرب، المسؤولية عن هذا التطور الممتعضة منه. فيما رأى محلّلون أنّ السعودية وجّهت رسائل متعدّدة إلى كلّ من الولايات المتحدة وإسرائيل من خلال اتفاق التقارب مع إيران بوساطة صينية.

ونقلت قناة "13"، السبت، عن مصدر سياسي إسرائيلي يرافق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في زيارته الحالية إلى روما، أن التقارب السعودي الإيراني بدأ قبل عام ونصف عندما "لاحظت السعودية ضعف حكومة بينت-لبيد والغرب في مواجهة طهران".

وفي السياق، ذكرت قناة التلفزة الرسمية "كان" أن السعودية وجّهت رسالة من خلال هذا الاتفاق إلى الإدارة الأميركية بأن لديها خيارات أخرى في حال واصلت نمط علاقتها الحالية معها.

وحسب القناة، فإن "التوجه الجديد للسعودية يدل بشكل لا يقبل التأويل أن المملكة لم تعد تؤمن بخيار العمل العسكري ضد البرنامج النووي لإيران".

وأشارت القناة إلى ما كشفته وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية بأن السعودية اشترطت موافقتها على التطبيع مع إسرائيل بحصولها على مفاعل نووي للأغراض السلمية بالإضافة إلى التزامات أمنية أخرى.

وقالت القناة إن الاتفاق السعودي الإيراني يدل على أن تعاظم دور ومكانة الصين في المنطقة هو أحد التحولات التي أبرزها هذا الاتفاق.

 

تداعيات الاتفاق

وقال مراقبون إقليميون لوكالة فرانس برس إن التداعيات الفعلية للاتفاق السعودي الإيراني بعيدة كل البعد عن الوضوح، سواء من حيث التعاون السعودي الإيراني المستقبلي، أو علاقة إسرائيل بالرياض.

وقال المحلل السعودي عزيز الغشيان إن فكرة أن السعودية مهتمة حصريًا بإسرائيل كجزء من جبهة محتملة ضد إيران كانت دائمًا "سطحية"، موضحاً أن السعودية نادراً ما طبقت "فكرة عدو عدوي صديقي".

وبيّن أن التقارب السعودي الإيراني يشير إلى أن المملكة أعطت الأولوية للتقارب مع إيران على حساب التقارب العلني مع إسرائيل، مضيفاً "لكن هذا لا يعني أن العلاقات الهادئة للغاية مع إسرائيل ستتوقف".

وقال الخبير في السياسة السعودية بجامعة برمنغهام، عمر كريم، "ليس لدى السعوديين حافز الآن للتطبيع السريع مع إسرائيل"، لافتاً إلى أن تصاعد العنف الإسرائيلي الفلسطيني هذا العام لا يشير إلى إمكانية إحراز تقدم على المدى القصير.

وقال بريان كاتوليس، من معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إن الصفقة السعودية الإيرانية الجديدة "يمكن أن تؤدي إلى فجوة أوسع بين إسرائيل والسعودية إذا أسفر ذلك عن انفتاح دبلوماسي أوسع بين المملكة وإيران".

من جهته، قال نيكولاس هيراس من معهد نيو لاينز للاستراتيجيات والسياسات إن "السعودية التي تتودد إليها إسرائيل بشدة، أرسلت للتو إشارة كبيرة إلى الحكومة الإسرائيلية الحالية مفادها أن الإسرائيليين لا يمكنهم الاعتماد على الرياض لدعم العمل العسكري الإسرائيلي ضد إيران في أي مكان في المنطقة".

وقال نيكولاس إن ذلك يجعل الاتفاق السعودي الإيراني "نصرا دبلوماسيا واضحا لإيران ... وضربة" لنتنياهو.

وقالت فاطمة أبو الأسرار، باحثة غير مقيمة في معهد الشرق الأوسط، إن "الاتفاق الإيراني السعودي محدود نسبيًا، مشيرة إلى أن الاتفاق لا "يعالج الخلافات الأيديولوجية والسياسية الأوسع التي قادت إلى تنافس طويل المدى بين البلدين".

وقال الباحث السعودي إياد الرفاعي إن الاتفاق قد يصب أيضاً في مصلحة إسرائيل في نهاية المطاف "حتى لو كانت السياسات الحالية لحكومة نتنياهو اليمينية المتشددة تعمل ضد ذلك"، موضحاً أن الاتفاق السعودي الإيراني "يخلق زخماً يمكن أن يساعد المنطقة في التحرك نحو مستقبل من التفاهم المتبادل والاحترام والتعاون بين الدول".

وأضاف "في مثل هذه البيئة، يمكن للاعبين الإقليميين، وخاصة إسرائيل في هذه الحالة، الاستفادة من ذلك".

وأعلنت إيران والسعودية، في تطور مفاجئ، الجمعة، استئناف العلاقات في بيان ثلاثي مع الصين، التي استضافت مباحثات سرية بين الطرفين اعتباراً من السادس من الشهر الحالي حتى العاشر منه.

وانقطعت العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض عام 2016، بعد مهاجمة إيرانيين السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد شرقي البلاد، على خلفية الاحتجاجات على إعدام الرياض رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر، إثر ذلك، أغلقت منظمة التعاون الإسلامي ممثلية إيران لدى المنظمة في جدة خلال أبريل/ نيسان 2017.