استمع إلى الملخص
- أبرمت موسكو اتفاقيات مع النظام السابق منحتها نفوذاً في سورية، بما في ذلك قواعد عسكرية واستخراج الفوسفات، ويتوقع تعديلها مع التغييرات السياسية.
- تواصل موسكو العمل مع السلطات الجديدة في دمشق لتجنب التوتر، مع التركيز على المستقبل وتجنب بنود الاتفاقيات السابقة التي قد تؤدي إلى تأزم العلاقات.
تبادلت دمشق وموسكو رسائل إعلامية تؤكد حرص البلدين على إبقاء العلاقة بينهما بعد سقوط نظام بشار الأسد، الذي اعتمد على دعم الروس لسنوات مقابل منحهم امتيازات واسعة من خلال اتفاقيات يُعتقد أنها ستخضع للتعديل، خاصة بما يتعلق بالوجود العسكري الروسي في شرق المتوسط.
وقال أحمد الشرع، قائد الإدارة الجديدة في دمشق، في تصريحات له اليوم الأحد، إنه لا يريد أن تخرج روسيا بطريقة لا تليق بعلاقتها مع سورية، مضيفاً أن "روسيا ثاني أقوى دولة في العالم ولها أهمية كبيرة". وأشار إلى أن لدمشق مصالح استراتيجية مع موسكو في رسالة واضحة تشير إلى أن العهد الجديد حريص على تعزيز العلاقات مع موسكو.
وتزامنت هذه التصريحات مع ما قاله وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عن أن بلاده لم تتلق أي طلب من الإدارة الجديدة في سورية لمراجعة الاتفاقيات التي وقعتها موسكو مع النظام المخلوع، خاصة لجهة وجودها العسكري في البلاد بقاعدتين على الساحل السوري.
وفي مقابلة له مع وكالة "سبوتنيك" اليوم الأحد، أشار المسؤول الروسي إلى أن التغيير الذي حدث في سورية مع سقوط بشار الأسد ونظامه، سيؤدي "إلى تعديلات معينة في ما يتعلق بالوجود العسكري الروسي في سورية". وقال لافروف إن سورية "دولة ذات سيادة ولها الحق في إبرام وإنهاء الاتفاقيات مع الشركاء الأجانب"، مؤكداً أن بلاده ليست على علم بقيام سلطاتها الجديدة بالعمل على حصر هذه الأعمال ومراجعتها"، مضيفاً: "لم يتلق الجانب الروسي أي طلبات في هذا الصدد. ولا يتعلق الأمر فقط بالحفاظ على قواعدنا أو معاقلنا، بل يتعلق أيضاً بظروف تشغيلها وصيانتها وتوفيرها والتفاعل مع الجانب المحلي. يمكن أن تكون هذه المواضيع موضوع مفاوضات مع القيادة السورية الجديدة".
وكان النظام المخلوع قد أبرم عدة اتفاقيات منحت موسكو نفوذاً واسع النطاق في البلاد مقابل وقوفها إلى جانبه في الحرب التي خاضها ضد السوريين منذ عام 2011 وانتهت الشهر الجاري بسقوطه. وبموجب هذه الاتفاقيات أقامت موسكو قاعدتين عسكريتين في الساحل السوري، الأولى في منطقة حميميم في ريف اللاذقية، والثانية في مرفأ طرطوس. وكان بشار الأسد المخلوع أصدر قانوناً في 2018، صدّق بموجبه على عقد موقع بين "المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية"، في سورية وشركة "ستروي ترانس غاز لوجستيك" الروسية، يسمح للأخيرة باستخراج خامات الفوسفات من مناجم الشرقية في تدمر وسط سورية، والتي تقدر احتياطاتها بـ1.8 مليار طن.
وأكد لافروف قبل أيام أن السفارة الروسية تعمل في دمشق بشكل طبيعي مثل بقية السفارات، مضيفاً أن موسكو لم تسحب الدبلوماسيين الروس، وتتواصل مع السلطات الجديدة في سورية، وتناقش معها قضايا عملية مثل تأمين المواطنين الروس وعمل السفارة.
ورأى المحلل السياسي المختص بالشأن الروسي طه عبد الواحد في حديث مع "العربي الجديد"، أن التصريحات المتبادلة بين موسكو ودمشق "تؤكد الحرص على إبقاء العلاقات بين البلدين وتجنّب كل ما يمكن أن يؤدي إلى تخريبها". وتابع: الجانبان ينظران إلى المستقبل بعيداً عما حدث في الماضي. مسألة تعديل الاتفاقيات بين روسيا وسورية مناطة بحكومة شرعية معترف بها من الأمم المتحدة واعتقد أن هذا الأمر يحتاج إلى وقت طويل".
وأوضح أن الاتفاقيات التي وقعها بشار الأسد المخلوع مع الروس تعطيهم امتيازات كبيرة، بما فيها إدخال مختلف أنواع الأسلحة إلى الأراضي السورية، مضيفاً: "ولكن أعتقد أن الروس حريصون في الوقت الراهن على عدم تطبيق كل بنود الاتفاقيات، خاصة في قاعدتي اللاذقية وطرطوس، كي لا تتأزم العلاقة مع الإدارة الجديدة في دمشق، بانتظار التوصل إلى صيغة معينة للعلاقة بين الدولتين".