رسائل أميركية ضبابية إلى إيران مع التلويح "بفرصة" جديدة

25 يناير 2021
إدارة بايدن لا تملك خطة واضحة حول إيران (Getty)
+ الخط -

صرّح قائد القوات الأميركية للمنطقة الوسطى الجنرال كينيث ماكينزي، خلال مغادرته، أمس الأحد، إلى الشرق الأوسط، بأن "هدف الولايات المتحدة ردع – إيران – عن الحرب"، مؤكداً أنّ "سيل التهديدات" من جانبها ما زال مستمراً، على الرغم من "عدم قيامها في المدة الأخيرة هي وجماعاتها في المنطقة، بأي عمليات ضد الولايات المتحدة". وربط ذلك بحساباتها "للوصول إلى الإدارة الجديدة لترى ما إذا كانت هناك إمكانية للتغيير".

وكان الجنرال نفسه قد كشف خلال عودته من جولة شرق أوسطية قبل شهر، وتحديداً في 23 الشهر الماضي، عن دخول غواصة أميركية إلى مياه الخليج. وعندما سُئل عن الدواعي، قال إنّ هناك ما "استدعى ذلك، لكنني لا أريد التعليق بأكثر من ذلك" ولا الدخول في التفاصيل، مردداً اعتقاده بأن "إيران لا تريد الحرب ولا نحن نسعى إليها". 

بين الخطابين والظرفين فوارق، ولو أنّ كليهما يحتمل التأويل وأكثر من تفسير. الأجواء اختلفت مع مجيء الرئيس الأميركي جو بايدن. ولذا فإنّ كلام ماكينزي، أمس الأحد، الذي تحدث عن أن رئاسة بايدن جاءت ومعها "فرصة" لإيران، فيه تلويح بنهج جديد مشتق من مقاربة الرئيس السابق باراك أوباما مع تعديلها بصورة تستجيب للمتغيرات ولمعطيات اللحظة الراهنة. فعندما قال إنّ طهران تتطلع من خلال ضبط ردودها، إلى إمكانية حصول "تغيير" مع الإدارة الجديدة، بدا وكأنه يقول بصورة مبطّنة إنّ بايدن غير بعيد عن احتمالات مثل هذا التغيير.

الرئيس نفسه لم يخف نيته في العودة إلى المسار "الدبلوماسي" لمعالجة الملف النووي الإيراني. خيار أكدته المتحدثة الرسمية في البيت الأبيض جين ساكي، في أول لقاء صحافي بعد ساعات قليلة من أداء الرئيس بايدن اليمين الدستورية.

هذا التوجه قد بدا أكثر جدية منذ اختيار أنتوني بلينكن وزيراً للخارجية، الذي كان نائباً للوزير جون كيري "عرّاب" اتفاق يوليو/ تموز 2015 النووي. ثم ازدادت هذه القناعة بتعيين ويندي شيرمان نائبة للوزير بلينكن، وهي التي كانت اليد اليمنى للوزير كيري في مفاوضات الاتفاق النووي. 

والمعروف أنّ فريق بايدن مرّر تصريحات وتسريبات فحواها أنّ الإدارة الجديدة تعتزم الرجوع إلى البحث عن حل تفاوضي مشابه لصيغة اتفاق 2015 بعد توسيعه وضم بنود أخرى غير نووية إليه، فضلاً عن التشاور مع "الحلفاء والشركاء وقيادات أجنبية أخرى".

كلام أوحى بأنّ التفاوض الجديد لا بد أن يشمل المشروع الصاروخي الإيراني ووجود طهران في المنطقة. لكن الإدارة لم تفصح. ما صدر عنها في هذا الخصوص بقي في دائرة الغموض. كذلك لم تكشف عن هوية القيادات الأجنبية التي تريد التشاور معهم بشأن التفاوض مع إيران، وإن ذهبت بعض التفسيرات إلى حد القول إنّ المقصود دول الخليج أساساً، وطبعاً إسرائيل.

في كل الأحوال، ما زال موقف الإدارة في هذا الموضوع ملفوفاً بالضباب. بالنهاية، هي ذاهبة في هذا الاتجاه. لكن لا يبدو أن لديها الآن التصور المتكامل في هذا الخصوص، وإلا كان خطابها أكثر وضوحاً. وهي تراهن على أنّ الطرف الآخر على الرغم من تهديداته يتفهم أولوياتها الراهنة، من فيروس كورونا إلى الوضع الاقتصادي المشلول، وانتهاءً بالأزمة الداخلية التي فجرتها مشكلة الانتخابات أو التي قد تثيرها محاكمة الرئيس السابق، دونالد ترامب، التي تبدأ اليوم الاثنين، بإحالة قرار الإدانة الذي أقره مجلس النواب قبل أيام على مجلس الشيوخ الذي سيفتتح جلساته للبت في الموضوع يوم 9 فبراير/ شباط المقبل.

فالولايات المتحدة "لم تخرج بعد من الغابة"، حسب التعبير الشعبي، وإدارة بايدن سلّتها طافحة بالملفات الضاغطة وبما يسمح بالقول من دون مجازفة إن قضايا الشرق الأوسط، بما فيها النووي الإيراني مؤجلة، وقد لا تكون حصتها في حسابات بايدن أكثر من "إدارة أزمة" وحتى إشعار آخر، مع الاحتفاظ بورقة "الردع" في المنطقة التي تحدث عنها، أمس، الجنرال ماكينزي.