تباينت ردود فعل الطبقة السياسية في تونس، اليوم الاثنين، بعد إعلان رئيسة الحكومة نجلاء بودن عن تشكيلتها الحكومية، التي أدّت اليمين الدستورية اليوم أمام الرئيس قيس سعيّد في قصر قرطاج.
وضمّت الحكومة 24 حقيبة وزارية، وأبقت على خمسة وزراء من حكومة هشام المشيشي التي أقالها سعيّد في 25 يوليو/تموز الماضي. كما ضمّت حكومة بودن، التي كلفّها الرئيس التونسي تشكيل الحكومة في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، ثماني وزيرات، إلى جانب كاتبة دولة.
وتنوعت الآراء المعلقة على الحكومة، بين من رأى أنها غير شرعية، فيما أكد آخرون أن الأسماء غير معروفة، منتقدين تبدل الحكومات في تونس الذي يعرقل الإصلاحات والعمل الجدّي. كما اعتبر قياديون في تيارات سياسية أن لا أجندة وخريطة عمل واضحة لحكومة بودن.
أبقت بودن على خمسة وزراء من حكومة هشام المشيشي، واختارت ثماني وزيرات
وأكد القيادي في التيار الديمقراطي نعمان العش أن "الأسماء المعلنة (في حكومة بودن) غير معروفة، وبالتالي يصعب التكهن بأدائهم"، موضحاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "تشكيل الحكومة تأخر كثيراً، حيث كان يفترض أن يتم منذ فترة، فقد مضى 75 يوماً (منذ إعلان سعيّد عن إجراءاته الاستثنائية) ليتم الإعلان عنها"، معتبراً أن "الخطوة تأخرت، ولكنها ضرورية، إذ لا يمكن للدولة العمل من دون حكومة".
وشدّد العش على أن "الحكومات يجب أن تكون لها سياسات واضحة، وينتظر أن يتم الكشف عن توجهات الحكومة وبرنامجها والأولويات التي ستشتغل عليها، وما إذا كانت الحكومة ستوصلنا إلى الانتخابات المقبلة، أم ماذا؟".
وبيّن العش أن "وجود 8 وزيرات في حكومة بودن غير مهم كعدد، إذ قد يكون عددهن أقل أو أكثر، لأن المهم هو العمل والكفاءة"، مؤكدا أن "المرأة موجودة اليوم في عدد من المواقع القيادية، وبالتالي ليست قضية أن تكون المرأة وزيرة أو رئيسة حكومة".
وأشار إلى أن "تغيير الحكومات هو أحد أسباب الصعوبات التي تمر بها البلاد، لأنه في الوقت الذي يجب أن يهتم الوزير بدراسة الملفات وفهم طبيعة العمل، يأتي التغيير، وهذا يشكل عنوان فشل في تونس، ويؤدي إلى غياب الاستمرارية والاستراتيجية في العمل الحكومي، إلى جانب غياب الإصلاحات". وأوضح أن "كل وزير يعرف أنه قد يأتي تغيير وزاري، فتغيب حتى الرغبة والإرادة وعدم القدرة على الإصلاح".
ودوّن القيادي المستقيل من حركة النهضة عبد اللطيف المكي، مباشرة بعد الإعلان عن حكومة بودن، تعليقاً كتب فيه: "الإمعان، ملامح تَنفُّذِ لوبيات تقليدية واضح وجليّ". ورداً على سؤال لـ"العربي الجديد" حول قصده من ذلك، اكتفى المكي بالقول إن "الأيام ستكشف المقصود، وربما قد يتوضح هذا في ملتقيات ومناسبات، حيث سيصبح المعنى من كلامي مفهوماً"، مضيفاً أنه "يعتبر الحكومة المعلنة غير شرعية".
وقال المكي إن "الحكومة غير قانونية وغير دستورية"، وإنه لا يعرف الأسماء المعلنة، "وبالتالي، لا يمكنه تقييمهم حالياً"، مؤكداً أن" البعض يرفع شعار الكفاءات، ولكن قبل ذلك، لا بد من شرعية الحكومة وفق الدستور والقانون، ولكن للأسف، الحديث عن كفاءات هو لشرعنة ما يحصل".
قال "اتحاد الشغل" إنه ينتظر أولويات خطط عمل الحكومة الجديدة
من جهته، رأى النائب عن الاتحاد الشعبي الجمهوري جمالي بضوافي أن "الملاحظ في تركيبة الحكومة قربها من رئيس الجمهورية"، لافتاً إلى أن "بعض الأسماء معروفة على الساحة العامة، فيما الآخرون لا".
وأضاف بضوافي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "حان الوقت لحلّ البرلمان بدل مواصلة شيطنته أمام الرأي العام، خصوصاً أن الحكومة ليست مسؤولة أمام البرلمان، بل أمام رئيس الجمهورية".
وأوضح أن "سعيّد هو الممسك بجميع السلطات والمشرّع، وبالتالي، عليه حلّ البرلمان طالما لا يؤمن بدوره"، مؤكداً أن "الخطابات الفضفاضة والتخوينية ذاتها لرئيس الجمهورية متواصلة، من دون وجود أي برنامج اجتماعي أو اقتصادي".
وحذّر النائب عن الاتحاد الشعبي الجمهوري من أن تونس "مقبلة على محطات مصيرية من موازنة وسداد قروض ومواقف دولية، وسط انتقادات للتصنيفات الدولية، لكن لا توجد أي خريطة طريق، وبالتالي لا مجال لمزيد من تقسيم التونسيين والركض وراء العمى الأيديولوجي، بل يجب توضيح الرؤية والعمل".
وقال الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري إن المنظمة تنتظر أولويات خطط عمل الحكومة الجديدة. وكتب الطاهري، في تدوينة على "فيسبوك"، تعليقاً على الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة: "لقد تشكلت الحكومة وهو مطلبنا، ننتظر الأولويات والخطط والعمل والتعهدات"، مضيفاً أن "هذا الموقف يخص المسار الحكومي فقط".
وفي تعليق على "فيسبوك" أيضاً، قال الناشط في حملة "مواطنون ضد الانقلاب" أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك إنها "مجرّد هيئة انقلابية غير شرعية، سنواجهها بما نواجه به الانقلاب، وسيكون مصيرها كمصيره".
من جانبه، أعلن اتحاد الشغل التونسي عن ترحيبه بإعلان الحكومة الجديدة، داعياً إلى حوار تشاركي ووضع سقف زمني للإجراءات الاستثنائية.
وأكد الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، لرئيسة الحكومة التونسية الجديدة أن التكتل النقابي "لا يمكن إلا أن يكون إيجابيا كلما كانت الحكومة منسجمة مع وعودها وتعهداتها".
وأورد موقع "الشعب نيوز"، الناطق باسم اتحاد الشغل التونسي، أن اتصالا هاتفيا جمع اليوم الإثنين، الطبوبي ببودن، قدم خلاله تهاني منظمته، وأكد على "استبشار الاتحاد بالخطوة الإيجابيّة المتمثلة في تشكيل الحكومة بما يمكن من مجابهة الملفات والمشاكل المتراكمة، والتي ازدادت تعقيدا خلال الفترة الاستثنائية".
وأكد الطبوبي في محادثته مع رئيسة الحكومة، على حرص الاتحاد على استمرارية الدولة والدعوة لمتابعة كل التعهدات والالتزامات مع الاتحاد العام التونسي للشغل.
وبحسب الموقع ذاته، فقد عبرت رئيسة الحكومة عن سعادتها بالاتصال، مؤكدة قناعاتها الراسخة بأهمية الاتحاد ودوره، وخاصة في ما يتعلق بدفع العمل الحكومي نحو تحقيق نتائج إيجابية في مجمل الملفات المطروحة. وأكد الطرفان في محادثتهما على أن التواصل بين الحكومة والاتحاد سيبقى مستمرا خلال الفترة المقبلة.