لا تزال محاولة دخول رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، فتحي باشاغا للعاصمة طرابلس، تلق ردود فعل داخلية وخارجية، فعلى الصعيد الخارجي عبرت وزارة الخارجية الأميركية عن قلقها الشديد حيال الاشتباكات، ودعت جميع الأطراف إلى الابتعاد عن لغة العنف وتغليب لغة الحوار.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، خلال مؤتمر صحافي، إن من المهم للقادة الليبيين التوصل إلى توافق حول خيار سلمي، والاعتراف بأن الوصول إلى السلطة أو الحفاظ عليها بالقوة سيتضرر منه المواطنون فقط، مؤكداً أن الخيار الوحيد هو السماح بإجراء الانتخابات، ومثنياً على مسار المحادثات الدستورية الجارية في القاهرة.
من جانبها، دعت وزارة الخارجية الفرنسية، كافة الجهات الفاعلة الليبية إلى الامتناع عن ممارسة أعمال عنف والاستمرار في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب بيان للخارجية الفرنسية اليوم الأربعاء.
كما دعت فرنسا القادة والأطراف الليبية كافة إلى "عقد حوار حقيقي للوصول إلى حل سياسي دائم يجري على أساسه تنظيم انتخابات حيادية وشفافة في جميع أنحاء ليبيا في أسرع وقت".
وخلال ساعات الأمس، تقاربت تركيا وقطر والجزائر وبريطانيا ومصر في دعواتها لوقف الاشتباكات، وتقيد الأطراف الليبية بالمسار السلمي للتوصل إلى حل يقضي بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.
وعلى الصعيد الداخلي، طالب رئيس الحزب الديمقراطي الليبي، محمد صوان، الدعم لباشاغا، المجتمع الدولي باتخاذ خطوات فاعلة وواقعية لدعم إجراء الانتخابات، وفي مقدمة ذلك دعم الحكومة المكلفة من مجلس النواب، كونها المتفق عليها والقادرة على تسهيل إجراء الانتخابات في مختلف ربوع ليبيا.
وقال صوان، في بيان باسم حزبه، إنه تابع بقلق شديد الاشتباكات، فجر الثلاثاء، معتبرا أنها جاءت نتيجة لـ"إصرار الحكومة منتهية الولاية على اللجوء إلى العنف، واستخدام القوة للاستمرار في فرض الأمر، والامتناع عن تسليم السلطة للحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، وتحريضها واستخدامها للمجموعات المسلحة في إشعال الأوضاع وجر الأطراف إلى المواجهة المسلحة"، مؤكدا أن الحل لن يكون إلا سياسيا عبر التوافق الذي كانت مقدمته في التقارب بين مجلسي النواب والدولة.
في مقابل ذلك، استنكر حزب العدالة والبناء، دخول باشاغا للعاصمة، والتي وصفها بـ" الخاطئة"، والتي كادت أن تجر العاصمة إلى "مربع الاقتتال والعنف".
وأكد الحزب، في بيان له، أن دخول باشاغا "غير المعلن والمفاجئ"، و"دون أي ترتيبات قانونية وميدانية"، تسبب في تفجر الأوضاع، وكادت أحياء طرابلس أن تتحول إلى منطقة "حرب طاحنة".
واعتبر الحزب أن محاولة باشاغا أربكت الوضع السياسي "وخلطت الأوراق بتحويله إلى مشهد عسكري"، بل أن يركز القادة على المسار الدستوري لإنهاء المراحل الانتقالية بالذهاب إلى توافق لإجراء الانتخابات.
وفيما لزمت جميع الكيانات العسكرية في البلاد الصمت، سيما اللواء المتقاعد خليفة حفتر وقيادة مليشياته، أصدر تجمع لقادة ما يعرف بـ"ثوار ليبيا"، بيانا استنكر فيه أحداث طرابلس، وأعتبر محاولة دخول باشاغا لطرابلس بـ"محاولة انقلاب".
وأضاف "يراقب تجمع قادة ثوار ليبيا بحذر ما حدث في طرابلس من محاولة انقلاب على حكومة الوحدة الوطنية، وذلك عن طريق استخدام القوة والاحتكام إلى السلاح لمحاولة فرض أمر واقع على العاصمة طرابلس وعلى كل أبناء الشعب الليبي" وفقا لتعبيره.
وكان رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي فتحي باشاغا برفقة عدد من أعضاء حكومته غادروا العاصمة طرابلس، إثر اندلاع اشتباكات ومحاصرة قوات تابعة لحكومة الوحدة الوطنية، وأهمها قوة جهاز دعم الاستقرار، مقر "كتيبة النواصي" في طرابلس، فجر أمس الثلاثاء.
وأكد المكتب الإعلامي لحكومة باشاغا في بيان خروج باشاغا طرابلس "حرصاً على أمن وسلامة المواطنين وحقناً للدماء وإيفاءً بتعهدات الحكومة التي قطعتها أمام الشعب الليبي بخصوص سلمية مباشرة عملها من العاصمة وفقاً للقانون".
وبحسب ما أفادت به مصادر خاصة "العربي الجديد"، فإن باشاغا خرج من طرابلس عقب التراجع عن اتفاق كان قد توصل إليه مع عدد من تشكيلات طرابلس المسلحة يقضي بدعمه إثر دخوله للعاصمة.