استقبل رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري كيفن مكارثي في كاليفورنيا، اليوم الأربعاء، رئيسة تايوان تساي إينغ وين، في مستهلّ اجتماع أثار حتى قبل انعقاده غضب بكين.
وعُقد الاجتماع بين مكارثي وتساي في مكتبة رونالد ريغان الرئاسية بمدينة "سيمي فالي". واحتشد أمام المكتبة متظاهرون مؤيّدون لبكين، وآخرون مؤيّدون لتايوان، في تجمّعين مضادّين.
ورسمياً، فإنّ رئيسة تايوان ليست في زيارة إلى الولايات المتّحدة، بل هذه مجرّد محطة عبور "ترانزيت"، في طريق عودتها إلى بلادها من جولة في أميركا اللاتينية.
بلينكن يهدّئ
وسعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم، إلى التقليل من أهمية هذا الاجتماع، إذ كرّر وزير الخارجية أنتوني بلينكن القول إنّ رئيسة تايوان لا تقوم بزيارة رسمية للولايات المتّحدة، بل وجودها في هذا البلد هو مجرّد "ترانزيت". ودعا بلينكن الحكومة الصينية لعدم استخدام الاجتماع بين مكارثي وتساي "ذريعة (..) لإثارة التوتّرات".
وكانت تساي وصلت مساء الثلاثاء إلى لوس أنجليس، بعدما قامت بجولة دبلوماسية في أميركا الوسطى.
وتوّعدت السلطات الصينية بـ"الردّ" على الاجتماع بين مكارثي وتساي، وكثّفت في الأسابيع الماضية التصريحات الغاضبة.
وتعتبر الصين جزيرة تايوان التي تعتمد نظاماً ديمقراطياً، ويبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة، جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، ولا تستبعد استعادتها بالقوة إن لزم الأمر.
واعترفت الولايات المتحدة بجمهورية الصين الشعبية عام 1979، وينبغي نظرياً ألا تجري أي اتصال رسمي بجمهورية الصين (تايوان) عملاً بـ"مبدأ الصين واحدة" الذي تدافع عنه بكين.
وفي تحذير أخير، ذكّر وزير الخارجية الصيني بأنّ "الصين تعارض بشدة" اللقاء بين ثالث شخصية في الدولة الأميركية ورئيسة تايوان التي تنتمي الى حزب مؤيد لاستقلال الجزيرة. وقالت بكين أيضاً إنها مستعدة "للدفاع بحزم عن سيادتها الوطنية ووحدة أراضيها".
ولطالما أحاطت الولايات المتحدة موقفها بشأن تايوان بـ"غموض استراتيجي". وتهدف هذه العقيدة إلى ردع الصين عن غزو تايوان، ومنع قادة الجزيرة من استفزاز بكين بإعلانهم استقلال الجزيرة رسمياً".
سابقة بيلوسي
وتبقى واشنطن الحليف الأقوى لتايوان، وكذلك أبرز مزود لها بالأسلحة. ودعم تايوان هو من المواضيع القليلة التي تحظى بإجماع الحزبين في الكونغرس الأميركي. وفي ظل رئاسة تساي إينغ وين تقاربت تايوان مع الولايات المتحدة.
وفي أغسطس/آب الماضي، زارت الرئيسة السابقة لمجلس النواب الأميركي، الديمقراطية نانسي بيلوسي، تايوان، مثيرة غضب الصين التي ردت بإجراء تدريبات عسكرية واسعة النطاق حول الجزيرة.
والإثنين، قالت قنصلية الصين في لوس أنجلس إن ماكارثي "يصرّ على لعب ورقة تايوان" بهدف احتواء بكين. وأضافت "سيرتكب من دون شك الخطأ نفسه مجدداً، الأمر الذي من شأنه الإضرار أكثر بالعلاقة الصينية الأميركية".
وعلى غرار بيلوسي أراد مكارثي أساساً التوجه إلى تايوان، لكنّه فضل في نهاية المطاف اعتماد مقاربة أقل تحدياً، عبر لقاء تساي إينغ وين مع عدد من أعضاء الكونغرس في مكتبة رونالد ريغان الرئاسية.
هل تردّ الصين؟
وقالت بوني غلايزر، مديرة برنامج آسيا في مركز الأبحاث الأميركي "جيرمان مارشال فاند" لوكالة "فرانس برس"، إن "ردّ الصين سيكون رهناً بجزء منه بما سيقوله مكارثي علناً بعد اللقاء". لكن بالنسبة لهذه الخبيرة، فإن الخطاب الذي استخدمته بكين عند زيارة بيلوسي، يرغم الحكومة الصينية على اعتماد لهجة متشدّدة مجدّداً.
وأوضحت أنه "سبق أن أصدرت الصين بيانات تهديدية، ما يشير إلى أن عليها الرد بشكل أو بآخر". بدون رد فعل قوي، فإن الرئيس الصيني "شي جين بينغ يجازف بأن يظهر ضعيفاً".
من جهتها، تسعى تساي، التي تنتهي ولايتها الرئاسية السنة المقبلة، إلى إظهار أنّ بكين لم تنجح في عزل تايوان دبلوماسياً منذ وصولها إلى السلطة عام 2016.
وتسعى بكين إلى عزل تايبيه دبلوماسياً منذ تولت تساي الحكم، كونها عضواً في حزب يناضل تقليدياً من أجل الاستقلال الذي يشكل خطاً أحمر بالنسبة الى الصين.
ونجحت بكين في السنوات الماضية بإقناع دول عدة بوقف اعترافها بتايوان. وآخر هذه الدول كانت هندوراس، التي أعلنت قرارها في نهاية مارس/آذار.
ولا تزال 13 دولة فقط تعترف بتايوان، بينها بيليز وغواتيمالا اللتان زارتهما تساي خلال جولتها بعد محطة أولى في نيويورك. وقبل رحيلها عن السلطة، ترغب رئيسة تايوان في ترسيخ ثقة التايوانيين في حزبها، "الحزب الديمقراطي التقدمي".
وخلصت غلايزر الى القول إن تساي تريد أن تظهر للتايوانيين "أنها أنشأت علاقة ثقة متينة وقوية وغير مسبوقة مع الولايات المتحدة، وهو أمر مهم جداً لأمن تايوان".
(فرانس برس)