أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أن الانسداد السياسي في البلاد ناتج عن أزمة ثقة بين الأطراف السياسية، وأن التوازنات التي تشكلت على أساسها العملية السياسية في البلاد ليست صالحة لكل الأوقات، داعياً إلى مناقشة مجمل الوضع السياسي والاتفاق على تعديلات دستورية مهمة، للتوجه نحو إنهاء الانسداد.
يأتي ذلك في وقت تدخل فيه أزمة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة منعطفاً حرجاً، بعد تعثر ست مبادرات سياسية داخلية، وعدة وساطات قادتها قيادات إيرانية مختلفة طيلة الأشهر الماضية بين بغداد والنجف وأربيل، لتقريب المسافة بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية، التي جرت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بفارق كبير عن أقرب منافسيه، وتحالف "الإطار التنسيقي" المدعوم من طهران.
وقال الكاظمي في حوار مع جريدة الصباح الرسمية، نشر اليوم السبت، "يجب التفريق بين السياق الدستوري وأزمة العملية السياسية، وأن الانسداد الحقيقي في البلاد يأتي من عدم تطوير العملية السياسية التي تشكلت على أساس توازنات ورؤى ليست بالضرورة صالحة لكل وقت، لكن بعضها خلقته ظروف البلد، إذ إن الأزمة الحالية هي في جوهرها أزمة ثقة"، مؤكداً أن "القوى السياسية بإمكانها الخروج من الانسداد السياسي الحالي وتقديم تضحيات أو تنازلات، لو كانت هناك ثقة مشتركة تؤطر الوضع السياسي العراقي".
وأضاف أن "الحل لا يكون في الخطابات السياسية، وإنما في محاولة استعادة الثقة، وأن الثقة لا تعني ضرورة المشاركة أو تشكيل الحكومة من عدمها، بل تعني أن كل من في الحكومة أو في المعارضة يعد الدستور والقوانين والثوابت الوطنية ومؤسسات الدولة هي المرتكزات الأساسية التي يستند إليها"، مشدداً "نحتاج إلى أجواء جديدة ومناقشات عميقة تخصّ مجمل الوضع السياسي، ومن بين ذلك الاتفاق على تعديلات دستورية جوهرية لكي نبدأ خطوات استعادة الثقة، ومن ثم إنهاء الانسدادات السياسية سواء اليوم أو في المستقبل".
وتجمدت الحوارات السياسية في البلاد، وسط ترقب لانتهاء مهلة زعيم التيار الصدري التي منحها لتحالف "الإطار التنسيقي" لتشكيل الحكومة، والتي مر نحو أربعة أسابيع منها، والتي تنتهي في التاسع من شوال المصادف الـ11 من مايو/أيار المقبل، ولم ينجح تحالف "الإطار"، الذي يضم قوى توصف بأنها قريبة من إيران، في عقد أي تفاهم مع أي كتلة أخرى للمضي نحو تشكيل الحكومة الجديدة، فيما جدد التيار تمسكه بمبدأ تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية، التي يعارضها "الإطار" ويدعو لحكومة توافقية.
وبشأن انفلات السلاح خارج مؤسسات الدولة، أكد الكاظمي أن "تحركنا بهذا الاتجاه لم يكن وقتياً، بل هو ملف شائك ومعقد، ويحتوي على أبعاد سياسية واجتماعية ودينية، وتعمل الحكومة على مواجهته بمستويات عدة واستمرار العمل الأمني"، مؤكداً أن "من يراجع الظروف عام 2020 بمصداقية، سيعترف بحصول تطور كبير في الملف الأمني على كل المستويات".
وأوضح أن "التطور حصل ابتداء من إعادة ضبط مخرجات الأزمة الاجتماعية التي أفرزتها التظاهرات الشعبية بين عامي 2019 و2020، ومن ثم استعادة الثقة بين الشعب والمؤسسات الأمنية، وبتجفيف منابع الإرهاب وكسر شوكته، ومحاصرة الخارجين عن القانون، والعمل على تطبيق القانون على الجميع من دون استثناء"، مضيفاً أن "استعراض نشاطات القتل والإرهاب والجريمة المنظمة والاضطراب الأمني عام 2019 - 2020، ومقارنتها بالواقع الذي نعيشه الآن، يثبتان مدى ما حققناه من إنجاز أمني".
وأكد "لا نملك العصا السحرية لتغيير الواقع بضربة واحدة، لكننا وضعنا أسس الحياة الطبيعية، وهذه الأسس تحققت بعد خطوات كثيرة ومحاسبات قانونية عدة، فهناك اليوم ضباط ومنتسبون وموظفون محكومون بالإعدام أو المؤبد بعد أن طبق عليهم القانون، وهنالك مجرمون تجرى محاكمتهم بسبب تجاوزهم على القانون، كما هي الحال مع فرق الموت في محافظة البصرة، وقتلة هشام الهاشمي، وعصابات الجريمة المنظمة وغيرهم كثير". وشدد "نحتاج إلى المزيد من العمل لإعادة الأمور إلى نصابها بالكامل وإخضاع الجميع لسلطة القانون".