عقد أنس العبدة رئيس "هيئة التفاوض السورية" مؤتمراً صحافياً اليوم الخميس، للحديث عن آخر المستجدات السياسية وما يتعلق بالعملية التفاوضية، ونتائج الزيارات واللقاءات الأخيرة والتصريحات الأممية المتعلقة بالملف السوري.
وقال رئيس هيئة التفاوض إن "الهدف من هذا المؤتمر هو وضع الشعب السوري في صورة ما يحدث"، مؤكداً: "هناك خطر حقيقي يستهدف الغاية الأساسية من العملية السياسية، بل يستهدف العملية السياسية نفسها، والمنتج الأساسي لهذه العملية بحسب القرار الدولي، وهو الانتقال السياسي".
وأوضح أن "السياقات الحالية من خلال تصريحات تصدر حالياً من دول محسوبة على النظام، هي في اتجاه تمييع القرار الدولي 2254 وضرب فكرة الانتقال السياسي"، مضيفاً: "تصريحات مبعوث الرئيس بوتين نهاية الشهر الفائت، كانت خلطاً واضحاً للقرارات الدولية سواءً القرار 2253 أو 2118، وهذه القرارات صوتت عليها روسيا"، معتبراً أن "روسيا تدخلت بشكلٍ فاضح بحق السوري عندما تتحدث عن أن هدف الدستور لا يجب أن يكون تغيير النظام أو صلاحيات رئيس هذا النظام".
وأشار العبدة إلى أنه "مقابل هذه التصريحات الروسية، كان هناك صمت مُطلق من قبل الدول، وهذا شيء مؤسف، وأيضاً كان هناك صمت مُطلق من قبل الأمم المتحدة، وهذا شيء مؤسف أكثر، لأن الأمم المتحدة هي المسؤولة عن هذه العملية السياسية وعن تطبيق القرار 2254".
وأردف العبدة: "قبل عدة أيام زار المبعوث الدولي إلى سورية، غير بيدرسون، العاصمة الإيرانية طهران، وأصدرت الخارجية الإيرانية بياناً حول اللقاء، نسبت فيه أقوالا للمبعوث الدولي منها أن بيدرسون قال إن كل الأطراف في الملف السوري باتت لا تتحدث عن تغيير النظام وفي صيغة أخرى هي أشد أن الأطراف السورية باتت لا تتحدث عن تغيير النظام، وهنا مرة أخرى صمت مُطلق من قبل الأمم المتحدة على الرغم من أن هذه التصريحات منسوبة بشكلٍ مباشر، وهناك مسؤولية على الأمم المتحدة بتوضيح هذا الأمر لأنه يُنسب لها".
ولفت إلى أنه "لم يحدث توضيح بعد الزيارة إلى طهران، وفي لقائنا مع المبعوث الدولي في الدوحة يوم الاثنين الفائت، كان هذا الموضوع هو البند الأول على أجندة الاجتماع لأهميته"، مُشيراً إلى أن "المبعوث الدولي، غير بيدرسون، نفى أن يكون قد قال هذه التصريحات التي نُسبت إليه، لكنه أكد أن ما قاله هو أن الدول التي التقى ويلتقي بها باتت لا تتحدث عن تغيير النظام".
ووجه العبدة سؤلاً للأمم المتحدة: "ما الفائدة من طرح هكذا أمور في لقاءات خاصة مع الدول الحليفة للنظام، لأن هذه رسالة غير مباشرة للنظام السوري. عندما تقول إنه لا يوجد تغيير للنظام فأنت تقدم تنازلات، ومن المعروف للنظام عندما تقدم له تنازل يكون هناك تشدد".
وأكد رئيس هيئة التفاوض أن "هذا الأمر مرفوض بالنسبة لهم، سواءً في اللقاءات مع الإيرانيين أو بقية الدول لأنه لا يساهم بأي شكل من الأشكال بدفع العملية السياسية إلى الأمام وفي تطبيق القرار 2254".
وأشار العبدة إلى أنه طالب "بيدرسون بتوضيح هذا التصريح لأنه منسوب له وبشكلٍ مباشر، ولكن السبب الثاني والأهم أنه يتعلق بأهم جزء بالعملية السياسية وهو الانتقال السياسي، وإذا لم يتم التوضيح من قبل الأمم المتحدة فنحن سنتولى هذا التوضيح".
وقال العبدة "طلبت من بيدرسون أيضاً أن يثبت رسمياً في محضر الاجتماع، أن التفويض الممنوح لنا كهيئة تفاوض سورية هو محدد ببيان من الرياض 1، وبيان الرياض 2، ونحن ملتزمون بالتطبيق الكامل للقرار 2254 وانتقال سياسي شامل"، مؤكداً أن "هذا موقف الهيئة الثابت لم يتغير ولن يتزحزح، وسنقف بوجه كل محاولات التمييع التي تحدث حالياً للقرار 2254 أو أي تجاوز للهدف الأساسي من هذا القرار، من خلال عملنا ليلاً ونهاراً نسعى للوصول إلى حل سياسي عادل وانتقال سياسي شامل لصالح أهلنا في كل سورية".
وأشار العبدة إلى أن "الحل السياسي لن يكون فقط في مصلحة الشعب الثائر، إنما هو في مصلحة كل السوريين، والمعاناة سوف تستمر على كل السوريين وعلى رأسهم السوريين الذين هم تحت مناطق سيطرة النظام إذا لم يكن هناك حل واستمر بوجود هذا النظام، هذه هي الحقيقة"، محذراً من "الانجرار وأنصاف الحلول وتمييع القرارات الدولية".
وأوضح العبدة أنه "في المقابل لدينا دول حلفاء لنا، وهي مطالبة أكثر من أي وقت مضى برفع الصوت عالياً في وجه هذه الضغوط الروسية والإيرانية، التي تسعى إلى تمييع القرار 2254، وضرورة مراجعة المنهجية الأممية الحالية في إدارة العملية السياسية".
وأضاف العبدة: "منذ أشهر طويلة ونحن نطالب بفتح بقية مسارات القرار 2254 وعدم الاكتفاء بمسار اللجنة الدستورية، وسؤالنا للأمم المتحدة لماذا لم يتم ذلك حتى الآن؟ على الرغم من أنه من المنطقي جداً أن يسعى المبعوث الدولي إلى فتح بقية المسارات، وهو مسؤول عن تنفيذ وتيسير وإدارة العملية السياسية من أجل التطبيق الكامل للقرار 2254، فكيف يمكن الاكتفاء بمسار واحد وإغلاق بقية المسارات".
وأوضح: "إذا كان هناك جهة تعمل فيتو في أن تقف بوجه فتح بقية المسارات، فيجب على الأمم المتحدة أن توضح هذا الأمر، وهذا حق السوريين بشكل أساسي لأن هذا القرار له علاقة بالسوريين قبل أن يكون له علاقة بالدول".
وتابع العبدة: "الذي نراه الآن، بدلاً من فتح بقية المسارات نجد أن هناك بحث منهجيات جديدة غير واضحة وغير محددة وقد تؤدي إلى تمييع القرارات الدولية، وإعادة شرعنة النظام، وهي (خطوة مقابل خطوة)، وحتى الآن لم تقدم الأمم المتحدة تصورا واضحا عن هذه المنهجية، ولكن نخشى أن يكون في نهاية هذه المشاورات مقترح لا يكون في مصلحة السوريين ولا في مصلحة القرار 2254"، مضيفاً: "على الأمم المتحدة أن تراجع منهجيتها وتصارح السوريين بما يتعلق بهذا القرار".
وختم رئيس هيئة التفاوض بالقول: "مع ثباتنا على مواقفنا، لكن هناك احتمال أن تستمر حالة انغلاق الأفق السياسي وعدم جدية الدول لإيجاد حل سياسي عادل، فنحن لدينا أرض وقوة عسكرية ولدينا القدرة على الصمود المجتمعي الحوكمي والاقتصادي أكثر من مناطق سيطرة النظام، نستطيع أن نكون ثابتين في مواقفنا السياسية وأن نكون ثابتين في مطالبتنا بالانتقال السياسي"، مشدداً على أنه "لا مساومة في ذلك على الإطلاق".
وأوضح: "يجب أن نكثف العمل السياسي والدبلوماسي مع حلفائنا وأصدقائنا، وهذا ما نقوم به، وآخر زيارة كانت لنا مع الأخوة في قطر، ويجب أيضاً أن نجلب المزيد من الدعم الإنساني والتنموي للمناطق المحررة"، مضيفاً: "بالنسبة لي سقوط النظام أمر حتمي عاجلاً أم آجلاً، وانهياره الاقتصادي ربما يُسرع من هذا السقوط وهو احتمال كبير بالوقت الحاضر، ولا تنازل حتى إسقاط هذا النظام المجرم الذي دمر سورية والسوريين ولا خيار غير ذلك".