زاد إعلان الحزب الشيوعي الفرنسي تقديم مرشح من الحزب للانتخابات الرئاسية في فرنسا، المقررة في ربيع العام المقبل، من ضبابية المشهد الانتخابي. ومع حرص معظم الأحزاب على التريث في تقديم مرشحيها، بغية التوصل إلى توافق ما يقطع الطريق أمام الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان لتكرار مواجهة انتخابات 2017، يبدو أن الحزب الشيوعي اختار سلوك الطريق وحيداً هذه المرة.
وفي عطلة نهاية الأسبوع، كلف المؤتمر الوطني للشيوعيين سكرتير الحزب فابيان روسل تقديم ترشيحه، فنال أصوات 73 في المائة من أعضاء المؤتمر البالغ عددهم 800، تم جمعهم عبر الفيديو. وبالتالي أصبح روسل أول مرشح يقدمه الشيوعيون منذ رئاسيات 2007، لكن لا يزال أمامه مسار طويل لنيل ترشيح أعضاء الحزب بشكل عام، قبل المصادقة رسمياً على تقديمه مرشحاً في مايو/أيار المقبل.
يشار إلى أن روسل، الذي سيحتفل بعيد ميلاده الـ52 يوم الجمعة المقبل، يشغل منصب سكرتير الحزب الشيوعي الفرنسي منذ عام 2018، وهو بدأ حياته المهنية صحافياً في قناة "فرانس 3"، قبل أن يدخل عالم السياسة في عام 1997 مستشارَ اتصالات لوزيرة الدولة للشؤون السياحية ميشيل ديمسين في حكومة ليونيل جوسبان. وفي عام 2010، تمت تسميته سكرتيراً فدرالياً للاتحاد الشيوعي في فرنسا، وأصبح نائباً في البرلمان عن الحزب للدائرة الباريسية 20 عام 2018.
أصبح روسل أول مرشح يقدمه الشيوعيون منذ رئاسيات 2007
وفي حين قد يرى أنصار الحزب ترشيح روسل محاولة لإيجاد موقع للشيوعيين في المشهد الانتخابي، فإن زعيم حزب "فرنسا غير الخاضعة" جان لوك ميلانشون سيكون أكثر الأشخاص المتأثرين بهذا الترشيح، خصوصاً أن الحزب الشيوعي قرر دعمه مرتين، الأولى خلال انتخابات عام 2012، والثانية في 2017. وهو ما عبّر عنه ميلانشون سابقاً مع إعلان ترشحه في مارس/آذار الماضي، بتأكيده أنه سيشعر "بكدمات وضعف" إذا لم يدعمه الحزب الشيوعي.
ومما يفهم أنه رسالة لحلفاء الشيوعيين، وفي مقدمتهم ميلانشون، قال روسل بعد التصويت "أطلب من القوى اليسارية الأخرى والمدافعين عن البيئة احترام خيارنا. دعونا نعمل سويا في ظل احترام تنوعنا". ودعا بشكل غير مباشر قوى اليسار وقواعده الانتخابية إلى دعمه من أجل "إبرام ميثاق" لرئاسيات عام 2022.
ومع انشغال فرنسا والفرنسيين بوباء كورونا، تبقى الصورة غير واضحة تماماً حول الانتخابات المقبلة، إذ لم يعلن ماكرون إعادة ترشحه للانتخابات بعد، كما أن الحزب الاشتراكي وحلفائه الخضر، وحتى حزب اليمين، لم تصدر عنهم أي إشارات حول مرشحين محتملين.
مع ذلك، تذهب استطلاعات الرأي بعيداً بطرحها على الناس مرشحين محتملين من تلك الأحزاب، إلى جانب ميلانشون ولوبان، التي أعلنت ترشحها رسمياً الأسبوع الماضي؛ فعن الاشتراكيين يُطرح بقوة اسم عمدة باريس آن هيدالغو، واسمي نصيري البيئة (الخضر) آرنو مونتبور ويانيك جادو، وفي ضفة اليمين كزافييه برتران وفاليري بيكريس.
بحسب استطلاعات الرأي فإن مشهد عام 2017 سيتكرر بين ماكرون ولوبان
وتشير نتائج آخر استطلاع أجرته "إيفوب ـ فيدوسيال"، لصالح "جورنال دو ديمانش" و"سود راديو"، إلى أن كل تلك الأسماء لن تتمكن من اجتياز الجولة الأولى من الانتخابات، ما عدا هيدالغو التي تتقدم باستمرار بحسب ما تكشف نوايا التصويت. ويعني هذا الأمر أن مشهد عام 2017 سيتكرر بين ماكرون ولوبان. ووفق الاستطلاع، ستهيمن زعيمة اليمين المتطرف (25 إلى 27 في المائة) وماكرون (23 إلى 28 في المائة) على الجولة الأولى من الانتخابات.
وكان مرشح الحزب الاشتراكي لانتخابات 2017 بنوا أمون قد حذّر من المشهد الذي يرسمه استطلاع الرأي الأخير، معتبراً أن عدم اتحاد اليسار "سيكون جريمة". ودعا في مقابلة، أمس الأحد، على قناة "فرانس إنفو"، اليسار إلى "أن نتكاتف معاً لأن هذا هو الشرط الوحيد للفوز في عام 2022، ولتشكيل حكومة تحول بيئي وحكومة عدالة اجتماعية". وأضاف أمون "لا يمكننا أن نقول إننا نريد الخير وندعو لحشد الأنصار والتصويت بقوة في الانتخابات، وفي النهاية، عندما يتعلق الأمر بتقديم المرشح، نبذل قصارى جهدنا لنخسر". وتابع "إنه استطلاع مرعب قبل كل شيء، لأنه يعني أن غالبية الفرنسيين يفضلون اليمين المتطرف على اليسار الجمهوري".