في خطابه أمام المجلس الثوري لحركة فتح هذا الأسبوع، قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس: "نحن لسنا عدميين، ولدينا رؤية سياسية أبلغنا بها العالم، وهي ضرورة أن يكون هناك مسار سياسي حقيقي يقود لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي لن نقبل ببقائه للأبد، وفق قرارات الشرعية الدولية وتحت مظلة اللجنة الرباعية الدولية".
ومع أنه يفترض بهذا التصريح أن يمنح أملاً للشعب الفلسطيني، إلا أنه لا يفعل ذلك على الإطلاق، بل ربما يزيد من حالة الإحباط العامة.
لقد تحدث عباس عن رؤية من دون أن يرفدها إلى الآن بأي مشروع فعلي حقيقي ضاغط وفاعل للسعي لتطبيقها. بل إن باقي خطابه يشير فقط إلى أن أقصى ما سيكون هو ما كان، وهو انتظار ضغط دولي وتحرك الرباعية الدولية، التي تشكل الولايات المتحدة أحد أضلعها، لإطلاق أي تحرك مهما كان، لمجرد أنه تحرك يمكن له أن يفتح ما سمّاه وزير الشؤون المدنية في حكومة السلطة الفلسطينية حسين الشيخ "أفقاً سياسياً".
والمشكلة في هذه الرؤية وتصريحات حسين الشيخ، تكمن في أن دولة الاحتلال الإسرائيلي، بحكومتها الحالية، برئاسة نفتالي بينت، ثم لاحقاً برئاسة يئير لبيد، لا ترى سبباً يدفعها لتغيير سياستها وخططها العريضة القائمة على "إبقاء الوضع القائم".
فهي تكرر رفض عقد لقاء بين عباس وبينت، من جهة، وتواصل الاستيطان من جهة ثانية، وبأوامر وموافقة وزير الأمن الإسرائيلي بني غانتس، الذي التقاه عباس الأسبوع الماضي، ليتضح بعد ذلك أن الرجل يخطط للموافقة على شرعنة البؤرة الاستيطانية أفيتار على جبل صبيح قرب قرية بيتا الفلسطينية.
وبالرغم من إشادة الرئيس الفلسطيني بالمقاومة الشعبية السلمية في خطابه المذكور، إلا أنه لا يمكن تجاهل قبضة أجهزة الأمن الفلسطينية في ضبط وتحديد وتيرة هذه المقاومة وأشكالها، بما يفقدها عملياً أي مد شعبي وجماهيري. بل يبدو أنها توظف، عبر الدفع بعناصر من مسؤولي السلطة في فعاليات محدودة لتثبيت دورها أيضاً، ما دام ذلك لا يتجاوز سقف "التنسيق الأمني" الذي كان ضمانه الهدف الأساسي من استقبال غانتس للرئيس عباس الأسبوع الماضي.
والسؤال الذي يطرح لماذا تملك السلطة الفلسطينية برنامجاً فعلياً يتم تنفيذه ميدانياً للإبقاء على التنسيق الأمني، بينما لم تطور لليوم برنامجاً يمكن له أن يحقق ولو شيئاً من رؤيتها السياسية؟