ذكرى مجزرتي خان شيخون وتفتناز: القاتل ما زال طليقاً

03 ابريل 2022
تحل غدا الإثنين الذكرى الخامسة للمجزرة التي ارتكبها النظام السوري في خان شيخون (الأناضول)
+ الخط -

تصادف يوم غد 4 إبريل/ نيسان، ذكرى مجزرتين قامت بهما قوات النظام السوري في محافظة إدلب، في توقيتين مختلفين، وأسفرتا عن مقتل عشرات الأشخاص حرقاً أو بالسلاح الكيميائي، بينما مدّد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولاية لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسورية لمدة عام.

وتحل غدا الإثنين الذكرى الخامسة للمجزرة التي ارتكبها النظام السوري في خان شيخون بريف إدلب، والتي راح ضحيتها نحو 100 قتيل من المدنيين، بينهم 32 طفلاً و23 سيدة، قضوا في الهجمات الكيميائية التي شنتها قوات النظام عليهم مستخدمة غاز السارين، وأكثر من أربعمئة جريح، معظمهم من الأطفال، بحسب ما أكدته مديرية صحة إدلب.

ففي الرابع من إبريل/ نيسان 2017، قصفت طائرات حربية تابعة للنظام بإسناد ودعم روسي مدينة خان شيخون، بينما أكدت مصادر طبية حينها أن أحد الأحياء في المدينة تعرض لقصف بمواد يرجح أنها ناجمة عن استخدام غازات سامة.

ووفق المصادر، فإن القصف استهدف خان شيخون بـ15 غارة جوية تحوي مادة غاز السارين السام، حيث تؤكد الأعراض التي ظهرت على المصابين استهدافهم بغاز السارين، منها الغيبوبة والتقلصات في حلقة العين، وتوقف عمل القلب، مع الإشارة إلى أن معظم الإصابات من الأطفال الذين لا يتمكنون من مقاومة السم القاتل، فيما كانت جميع المستشفيات الميدانية في مناطق سيطرة المعارضة تفتقر إلى الإمكانات المطلوبة للتعامل مع الإصابات. 

 وأظهرت صور التقطها ناشطون جثثاً هامدة على الأرض، ومصابين بحالات تشنج واختناق.

وتحدث أطباء عن عوارض اختلاجات وتقبض حدقات العيون وإفرازات رغوية شديدة ونقص أوكسجين، وهي عوارض تنتج عادة عن غاز السارين.

 وكان النظام السوري سبق أن تعهد بتدمير مخزونه من الأسلحة الكيميائية، بعد اتهامه بالهجوم بغاز السارين على غوطة دمشق في 21 أغسطس/ آب 2013، ما أسفر عن مقتل نحو 1400 شخص.

انتقد الشيخ تعامل المجتمع الدولي مع جرائم النظام السوري المتكررة بحق المدنيين

 وعقب مجزرة خان شيخون، شنت الولايات المتحدة غارات على مطار الشعيرات الذي استخدمته طائرات النظام في قصفت خان شيخون. وأكدت المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية أن غاز السارين استخدم في الهجوم على خان شيخون من دون تحديد مسؤولية أي طرف، لكن خبراء في اللجنة المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أكدوا، في 26 أكتوبر/ تشرين الأول سنة 2018، أن النظام السوري مسؤول بالفعل عن الهجوم.

 وفي حديث مع "العربي الجديد"، قال الناشط محمد الشيخ، المتحدر من خان شيخون، إنه لم يكن في البلدة عند تعرضها للهجوم الكيميائي، لكنه فقد العديد من أقربائه وأصدقائه في المجزرة.

وانتقد الشيخ تعامل المجتمع الدولي مع جرائم النظام السوري المتكررة بحق المدنيين، وهو تعامل "تميز بالاستهتار والاستخفاف بتلك الجرائم، حيث ظل المسؤولين عن ارتكابها دون عقاب حتى الآن".

مجزرة تفتناز

كما تمر غدا الذكرى العاشرة على شن قوات النظام السوري هجومًا جويًا وبريًا على بلدة تفتناز بريف ادلب الشرقي، والتي راح ضحيته العشرات، لتكون المجزرة الأولى التي تشهدها تفتناز، بعد اندلاع الثورة ضد النظام في 2011.

ووفق مصادر متطابقة، بدأت المجزرة بقصف الدبابات من معمل الويس للألبان القريب من مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي، والذي كان نقطة لتمركز قوات النظام، بالتزامن مع قصف للطيران، تلاها عملية الاقتحام التي قامت بها "الفرقة الأولى المدرعة-اللواء المدرّع 76". 

وبدأت المجزرة التي وثقتها عدة منظمات حقوقية، بالتنكيل بالأهالي، وإعدامات ميدانية وحرق للبيوت والمنازل وأصحابها فيها، دون التمييز بين رجل أو امرأة أو طفل، ودهس لأشخاص بالدبابات.

وذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن قوات النظام فتحت النار على المدنيين في تفتناز من أسلحة رشاشة ودبابات ومروحيات، من مسافات بلغت مئات الأمتار عن الأهداف، وقتلت وأصابت مدنيين كانوا يحاولون الفرار من الهجمات، دون التمييز بين المدنيين والمقاتلين.

وحسب المنظمة، فإن الهجوم تسبب بمقتل ما لا يقل عن 49 مدنيًا، وإحراق 490 منزلًا بشكل جزئي أو كلّي، وتدمير 150 منزلًا بشكل جزئي أو كلّي بالقصف المدفعي، مشيرة إلى أن قوات النظام أعدمت 19 رجلًا وطفلًا من عائلة غزال وحدها في تفتناز.

وتشير المنظمة إلى أنها استعملت الأرقام المنخفضة بما يتعلق بعدد الأشخاص الذين قُتلوا أو أعدموا، بسبب الاختلاف بين السكان المحليين والنشطاء والمقاتلين، والتعارض بين المصادر، في حين دفن الأهالي 65 شخصا من عائلة آل غزال فقط، وفق ناشطين الذي أشاروا إلى مشاركة كثيفة للمسلحين الموالين للنظام (الشبيحة) من بلدة الفوعة في ارتكاب المجزرة.

وفي تلك الفترة، ارتكبت قوات النظام العديد من المجازر في مدن سرمين، وسراقب، وتفتناز، وحزانو، وكللي، وقرابة ست قرى صغيرة، حيث كانت الهجمات تتبع نفس النمط، وتبدأ بقصف الدبابات في الصباح الباكر، وأحيانًا يكون متزامنًا مع قصف تنفذه المروحيات، وبعد ذلك بساعات قليلة تتقدم الدبابات وقوات المشاة و(الشبيحة) إلى البلدات، وتبقى هناك لمدة تتراوح بين يوم واحد وثلاثة أيام، ثم تنسحب. 

تمديد عمل لجنة التحقيق الدولية

ويتزامن إحياء هذه المجازر مع قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس الأول الجمعة بتمديد ولاية لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسورية لمدة عام.

وطلب المجلس من لجنة التحقيق أن تقدّم تحديثًا شفويًا إلى المجلس في أثناء الحوار التفاعلي في دورته المقبلة، إضافة الى تقرير مكتوب خلال الدورتين المقبلتين للمجلس.

وباستثناء قطر، امتنعت جميع الدول العربية الأعضاء في المجلس عن التصويت، لكن القرار اعتمد بغالبية 23 صوتًا، ومعارضة 7، وامتناع 16 عضوًا عن التصويت.

وأُنشئت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سورية في أغسطس/ آب عام 2011، بموجب قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وعُهد إليها بولاية التحقيق في جميع انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان منذ مارس/ آذار من نفس العام داخل سورية.

وطلب من اللجنة أيضا الوقوف على الحقائق والظروف التي قد تُصنف ضمن هذه الانتهاكات، والتحقيق في الجرائم التي ارتكبت وتحديد المسؤولين عنها لضمان مساءلتهم قضائيًا.

وإلى جانب التحديثات الدورية، أصدرت اللجنة منذ بداية عملها أكثر من 20 تقريرًا عرضت فيها انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في جميع الأراضي السورية.

المساهمون