ذكرى تظاهرات تشرين: الأمن العراقي يقطّع أوصال بغداد وحشود المتظاهرين تتوافد

01 أكتوبر 2022
اجتاز عشرات المتظاهرين الحواجز ووصلوا إلى ساحة التحرير(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

استبقت القوات الأمنية في العراق التظاهرات الشعبية التي من المقرر أن تنطلق، اليوم السبت، في العاصمة بغداد، إحياءً للذكرى الثالثة لاندلاع تظاهرات أكتوبر/تشرين الأول 2019، التي تصنف على أنها "انتفاضة"، بإجراءات أمنية مشددة وقطع الكثير من الطرق والجسور، المؤدية إلى ساحة التحرير وإلى المنطقة الخضراء، فضلاً عن تضييق كبير على مداخل بغداد.

وحتى الساعة الواحدة ظهراً بتوقيت العاصمة بغداد، بلغ عدد المتظاهرين المئات، وفقاً لمراسل "العربي الجديد".

وأشار الناشط المدني أحمد حقي، إلى تصدر عدد من القوى والتيارات المدنية التظاهرات إلى جانب كوادر من الحزب الشيوعي العراقي.

وأوضح حقي، لـ"العربي الديد"، أن قوات الأمن تسعى لترهيب المتظاهرين عبر القنابل الصوتية وقنابل الغاز.

وردد المتظاهرون شعارات مناوئة لأحزاب السلطة في العراق ومطالبة بإنهاء ما وصفوه بـ"المحاصصة الطائفية وتبعية القرار في العراق". وحمل المتظاهرون صوراً لضحايا من المتظاهرين والناشطين ممن قتلوا خلال موجة الاحتجاجات الأولى عام 2019.

وحاول المتظاهرون عبور جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء، إلا أن القوات الأمنية واجهتهم بالقنابل الدخانية والمسيلة للدموع، ما أجبرهم على التراجع، فيما سُجِّلَت حالات اختناق وإغماء لعدد من المتظاهرين، جرى إخلاؤهم إلى خارج الساحة.

وشهد الموقع الثاني للتظاهرات في ساحة النسور، القريب من إحدى بوابات الخضراء، توافد المئات من المتظاهرين من مناطق بغداد والمحافظات الأخرى، حاملين الأعلام العراقية.

في المقابل، أعلنت خلية الإعلام الأمني الحكومية، أنها رصدت "عناصر مندسة وسط المتظاهرين تستخدم المولوتوف وبنادق الصيد والأعتدة". وذكرت الخلية في بيان أن "قواتنا الأمنية تواصل العمل بمهنية عالية المستوى في التعامل مع المتظاهرين في العاصمة بغداد، دون حمل السلاح أو استخدام أي نوع من القوة معهم، إلا أنّ هناك عناصر مندسة وسط المتظاهرين استخدمت المولوتوف وبنادق الصيد والأعتدة ضد قواتنا الأمنية المكلفة هذا الواجب، وهذا الاعتداء يُعَدّ مخالفة لسلمية التظاهرات".

ودعت منظمي التظاهرات، إلى "تسليم هؤلاء المندسين داخل صفوفهم للأجهزة الأمنية فوراً والحفاظ على التظاهرة ومنع الإساءة إليها".

وفي السياق، قال الباحث بالشأن السياسي باسل حسين، إن "تظاهرات تشرين ترعب أحزاب السلطة". وكتب في تغريدة على "تويتر"، قائلاً إن "يوم 1 تشرين يوم فزع لهم (الأحزاب)، لأنها تذكرهم بأنهم زائلون يوماً. وإن هذا النسق الجيلي سيشكل كتلته الحرجة يوماً ما لتزيح كل فاسد وقاتل وسارق. لا تستغربوا هذا الهلع أو هجوم ماكينتهم الإعلامية، فتشرين تزلزل قلاعهم الواهنة مثل بيوت العنكبوت".

 

وأغلقت القوات الأمنية، منذ أمس الجمعة، مداخل المنطقة الخضراء، وجسري الجمهورية والسنك المؤدية إليها، وأغلقت مناطق ساحة النسور والحارثية وجسر الطابقين والقادسية، المحيطة بالخضراء وساحة التحرير، بحواجز إسمنتية، وسط انتشار عسكري مكثف، في خطوة لمنع وصول المتظاهرين، المتوافدين من بغداد والمحافظات الأخرى.

وفي ساعات متأخرة من الليل، اجتاز العشرات من المتظاهرين تلك الحواجز ووصلوا إلى ساحة التحرير، وقد طاردتهم القوات الأمنية في الأزقة القريبة منها.

إلا أن ذلك لم يمنع من استمرار تدفق المتظاهرين نحو الساحة، إذ وصلت أعداد كبيرة صباح اليوم السبت، وانتشروا في الساحة التي تحيط بها القوات الأمنية من جميع الجهات، فيما يستمر التوافد من داخل بغداد والمحافظات الأخرى.

أهم الشعارات

من جهته، قال الناشط سنان المحمداوي، إن "القوات الأمنية تنفذ خطة لمنع التظاهرات، لا لحمايتها، من خلال القطوعات والانتشار الأمني، وهذه كلها عقبات لمنع وصولنا إلى ساحة التحرير"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "المئات يتوافدون حالياً نحو الساحة رغم تلك العقبات، وسنرفع شعاراتنا بمحاربة الفساد وأحزاب السلطة الموالية لإيران وغيرها".

الصورة
ذكرى الثالثة لانتفاضة تشرين في العراق/سياسة/العربي الجديد
مئات المتظاهرين يتوافدون حالياً نحو ساحة التحرير(العربي الجديد)

وشدد على أن "دماء المتظاهرين لن نسكت عنها، يجب على الحكومة محاسبة القتلة والقناصين"، مشيراً إلى أن "ثورتنا سلمية ولن تنتهي إلا بتحقيق المطالب المشروعة".

الكاظمي يمنع استخدام الرصاص الحيّ والمطاطي 

في الأثناء، وجه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الأجهزة الأمنية كافة، بتأمين الحماية للمتظاهرين. وبحسب وثيقة صادرة عن مكتبه، فإنه "أصدر توجيهات إلى الأجهزة الأمنية للتعامل مع المتظاهرين وتأمين الحماية اللازمة لهم، ومنعت التوجيهات الواردة في الوثيقة استخدام الرصاص الحيّ والمطاطي وقنابل الدخان، متوعداً المخالفين بعقوبات قاسية".

وشدد الكاظمي على "إجراء التفتيش للمتظاهرين والتأكد من عدم حملهم السلاح"، داعياً المتظاهرين إلى "التعاون مع القوات الأمنية في حفظ مؤسسات الدولة والممتلكات العامة والخاصة وحمايتها".

لا حظر على التجوال 

المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، أكد أنه "حتى الآن لا يوجد حظر على التجوال في أثناء التظاهرات، وقال في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، إن "الخطة الأمنية تتجدد حسب تطورات الوضع الأمني".

وأضاف أن "الوضع الأمني الآن في جميع المحافظات جيد"، مؤكداً أنه "كقيادة عمليات بغداد تعمل بجد وتؤمن كل الساحات للتظاهر السلمي، وممكن حسب التطور الأمني أن يغلق مكاناً هنا أو هناك بهدف تأمين التظاهرات للمتظاهرين السلميين وحماية الممتلكات العامة والخاصة".

ودعا المتظاهرين الى "التعامل الجاد مع القوات الأمنية لمنع أي محاولة لإثارة الفوضى خلال التظاهرات".

ونفذت القوات العراقية أمس الجمعة، حملة تفتيش واقتحام طاولت عشرات المنازل والمقرات والمكاتب الخاصة بالصحافيين والناشطين في العاصمة بغداد، بحثاً عن منشورات ولافتات وشعارات مطبوعة قد تُستخدَم في التظاهرات.

واندلعت التظاهرات العراقية في الأول من أكتوبر 2019، عقب دعوات انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تردي الخدمات وتفاقم نسبة البطالة، قبل أن تنفجر بشكل واسع في بغداد ومدن جنوبي العراق ووسطه.

وشهدت التظاهرات عمليات عنف غير مسبوقة، ولا سيما بعد دخول جماعات مسلحة، وُصفت بـ"الطرف الثالث"، على خط قتل المحتجين والناشطين وقمعهم واختطافهم. وأدت أعمال العنف إلى مقتل نحو 800 متظاهر، وإصابة أكثر من 27 ألفاً، في وقت لم تُحاسَب فيه أي جهة متورطة في هذه الأعمال.

المساهمون