تحقيق لصحيفة "ذا غارديان": إسرائيل تجسّست على كريم خان و"الجنائية الدولية"

29 مايو 2024
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في بوغوتا، 25 إبريل 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- صحيفة الغارديان كشفت عن تورط إسرائيل في تجسس مكثف ضد المحكمة الجنائية الدولية ومسؤوليها، بما في ذلك اعتراض المكالمات والرسائل، لتعطيل التحقيقات والضغط على موظفيها.
- الاستخبارات الإسرائيلية استغلت الوصول الشامل للبنية التحتية للاتصالات الفلسطينية في حملتها التجسسية، وشاركت المعلومات المستخلصة مع عدة وزارات حكومية.
- المحكمة الجنائية الدولية أعلنت عن علمها بجهود التجسس وأكدت على تنفيذ إجراءات مضادة لحماية أدلتها، فيما نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الادعاءات، مشيرًا إلى توتر متزايد بين إسرائيل والمحكمة.

يأتي التحقيق الجديد بعد الكشف عن محاولة إسرائيل ابتزاز بنسودا

تجسست إسرائيل على العديد من مسؤولي المحكمة بما في ذلك خان وبنسودا

نتنياهو كان "مهووسا" بالتجسس على المحكمة الجنائية الدولية أخيرًا

استمرارًا لكشف صحيفة "ذا غارديان" البريطانيّة عن تورّط إسرائيل من خلال رئيس جهازالموساد السابق، يوسي كوهين، في ابتزاز المدّعية العامّة السابقة للمحكمة الجنائية الدوليّة، فاتو بنسودا، كشفت الصحيفة في تحقيق آخر عن تورط إسرائيل في عمليّات تجسّس على المحكمة والمدّعي العام الجديد كريم خان.

ويأتي هذا الكشف في أعقاب إعلان المدّعي العام للمحكمة طلب إصدار أوامر اعتقال ضد رئيس الوزراء ووزير الحرب الإسرائيليين وقادة من حركة حماس، وبعد أن أصدر تحذيراً غامضاً قبل أكثر من أسبوع قال فيه: "أصرّ على أن جميع المحاولات لإعاقة أو تخويف أو التأثير بشكل غير صحيح على مسؤولي هذه المحكمة يجب أن تتوقف فورًا." ولم يُقدّم كريم خان تفاصيل محددة عن محاولات التدخّل في عمل المحكمة الجنائيّة الدوليّة، لكنه أشار إلى بند في معاهدة تأسيس المحكمة يجعل أي تدخّل من هذا القبيل جريمة جنائية.

وأضاف إنه إذا استمر السلوك "فلن يتردّد مكتبي في التحرّك". كذلك لم يُعطِ خان أي معلوماتٍ عن هوية الذين حاولوا التدخّل في إدارة عمل المحكمة، ولم يحدد أيضًا كيفية التدخّل، إلا أن الكشوفات الجديدة عن تورط إسرائيل تعطي المزيد من التفسيرات.

ويكشف التحقيق الذي أجرته صحيفة "ذا غارديان" بالتعاون مع المجلة الإسرائيلية الفلسطينيّة +972 وموقع "سيحاه موكوميت" العبري اليساري، كيف شنّت إسرائيل حربًا سرّية دامت قرابة عقد على المحكمة الجنائية الدولية من طريق وكالات الاستخبارات الخاصة بها لمراقبة، وقرصنة، وتشويه، وتهديد كبار موظفي المحكمة الجنائيّة الدوليّة، والضغط عليهم، في محاولة لتعطيل تحقيقات المحكمة.

نتنياهو كان "مهووسًا" بالتجسس على "الجنائية الدولية"

وبحسب التحقيق، التقطت الاستخبارات الإسرائيليّة اتصالات عديد من مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية بما في ذلك كريم خان وسلفه، باعتباره مدّعياً عاماً، فاتو بنسودا، واعترضت المكالمات الهاتفيّة، والرسائل، والبريد الإلكتروني، والوثائق، وهو ما قد يُفسّر كيفية معرفة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مسبقاً بنيّات المحكمة في طلب إصدار مذكّرات اعتقال بحق قادة إسرائيليين، الأمر الذي تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيليّة قبل الإعلان الرسمي من كريم خان.

وبحسب ما جاء في التحقيق، اعترضت إسرائيل أخيراً اتصالاً أشار إلى أن خان كان يريد إصدار أوامر اعتقال ضد إسرائيليين، لكنه كان تحت "ضغط هائل من الولايات المتحدة"، وفقاً لمصدر مطّلع. وتقول الصحيفة إن نتنياهو كان مهتمّاً جدّاً بعمليات الاستخبارات ضد المحكمة الجنائيّة الدوليّة، ووصفه أحد مصادر الاستخبارات بأنه "مهووس" بالاعتراضات المتعلقة بالقضية.

ولم تقتصر عمليات التجسّس على المحكمة الجنائية الدولية، على جهة أمنيّة إسرائيليّة واحدة، بل شملت إشرافاً من مستشارين للأمن القومي، وجهوداً لوكالة المخابرات (الشاباك)، وكذلك مديرية الاستخبارات العسكرية (أمان)، وقسم الاستخبارات السيبرانية (وحدة 8200). وجرت مشاركة المعلومات الاستخباراتية المستخلصة من الاعتراضات مع وزارات الحكومة للعدل والشؤون الخارجية والشؤون الاستراتيجيّة.

ويقول معدّو التحقيق المشترك إنهم اعتمدوا في تحقيقهم على مقابلات مع أكثر من 20 من ضباط الاستخبارات الإسرائيليّة والمسؤولين الحكوميين الحاليين والسابقين، وكبار شخصيّات المحكمة الجنائية الدوليّة، والدبلوماسيين والمحامين المطلعين على قضية المحكمة الجنائية الدولية وجهود إسرائيل لتقويضها.

وكانت "ذا غارديان" قد كشفت أمس الثلاثاء عن عملية سريّة ضد بنسودا أمس، أدارها حليف نتنياهو المقرب، يوسي كوهين، إبان كان مدير وكالة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد)، والذي استعان في إحدى مراحل التجسّس، حتى بمساعدة رئيس الكونغو الديمقراطية آنذاك، جوزيف كابيلا.

وقالت خمسة مصادر مطلعة على أنشطة الاستخبارات الإسرائيلية إنها كانت تتجسّس بشكل روتيني على المكالمات الهاتفية التي أجرتها بنسودا وموظفوها مع الفلسطينيين، خصوصاً أن إسرائيل كانت تمنع المحكمة من الوصول إلى غزّة والضفة الغربيّة، بما في ذلك القدس الشرقيّة، لذلك كانت المحكمة مجبرة على إجراء معظم أبحاثها عبر الهاتف، ما جعلها أكثر عرضة للمراقبة.

وبفضل وصولها الشامل إلى البنية التحتية للاتصالات الفلسطينية، قال المصادر إن عملاء الاستخبارات كانوا قادرين على اعتراض المكالمات من دون تثبيت برامج تجسّس على أجهزة مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية.

وقالت المحكمة الجنائيّة الدوليّة إنها على علم بـ"أنشطة جمع المعلومات الاستخباريّة النشطة التي تقوم بها عدد من الوكالات الوطنيّة المعادية للمحكمة". وأضافت أن المحكمة الجنائيّة الدوليّة تنفذ باستمرار إجراءات مضادة لمثل هذه الأنشطة، وأن "أياً من الهجمات الأخيرة ضدها من قبل وكالات الاستخبارات الوطنيّة لم تخترق الأدلة الأساسيّة للمحكمة، التي ظلت آمنة". أمّا المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، فنفى ما أسماه "الادعاءات الكاذبة التي لا أساس لها والموجهة لإيذاء دولة إسرائيل".

وبحسب الضباط الذين صدرت شهاداتهم بهوية مجهولة، بدأت حرب إسرائيل على المحكمة في يناير/ كانون الثاني 2015، عندما أُكِّد أن فلسطين ستنضم إلى المحكمة بعد الاعتراف بها دولةً من الجمعيّة العامة للأمم المتحدة، الأمر الذي أدانه المسؤولون الإسرائيليون، معتبرين إياه "إرهاباً دبلوماسيّاً".

المساهمون