دي ميستورا يقترح تقسيم الصحراء: عودة إلى المربع الأول؟

17 أكتوبر 2024
مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء ستيفان دي ميستورا، مارس 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- رفض المغرب وجبهة "البوليساريو" مقترح المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا بتقسيم الصحراء، مما يعيد النزاع إلى المربع الأول ويعطل المسار السياسي.
- يعتبر الاقتراح غير منطقي وغير واقعي، حيث يتجاهل المكتسبات الدبلوماسية التفاوضية لمجلس الأمن الدولي ولا يتماشى مع الواقع ومنطق الأشياء.
- يشير الخبراء إلى خطورة المقترح في تعريض المنطقة لمخاطر حقيقية، مؤكدين أن أي مقترح لا يراعي المصالح المغربية سيكون مصيره الفشل.

يدخل نزاع الصحراء نفقاً جديداً، بعد أن قوبل مقترح المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء ستيفان دي ميستورا بتقسيم الصحراء بين المغرب وجبهة "البوليساريو" بالرفض. وفي خطوة قد تعيد نزاع الصحراء الذي عمر لخمسة عقود إلى المربع الأول، وتعطل مسلسل بعث المسار السياسي المتعثر، ذكرت وكالة "رويترز"، اليوم الخميس، أن الدبلوماسي الإيطالي السويدي قال إن التقسيم "يمكن أن يسمح من ناحية بإنشاء دولة مستقلة في الجزء الجنوبي (من الصحراء)، ومن ناحية أخرى سيدمج بقية الإقليم (الجزء الشمالي) بالمغرب، مع الاعتراف الدولي بسيادة المملكة عليه".

وكشف دي ميستورا في الإحاطة التي قدمها أمام أعضاء مجلس الأمن أن المغرب وجبهة "البوليساريو" لم يقبلا المقترح، داعياً الأمين العام للأمم المتحدة إلى ضرورة إعادة النظر في جدوى دوره كمبعوث (دي ميستورا نفسه) إذا لم يتم تحقيق أي تقدم في غضون ستة أشهر. ويثير اقتراح دي ميستورا المفاجئ الكثير من الأسئلة حول مدى قابليته للتطبيق، لاسيما أن ذات المقترح كان مصيره الرفض في مناسبات عدة.

وسبق للمبعوث الأممي السابق جيمس بيكر، أن أقترح في عام 2001 خطة مماثلة، تمنح الرباط السيادة على الثلثين الشمالي والأوسط، في حين تحظى "البوليساريو" بالثلث الجنوبي. غير أن المقترح ووجه برفض الرباط، وفق ما ورد في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، السابق، كوفي عنان، في 19 فبراير/ شباط 2002، في الوقت الذي تؤكد فيه الوثيقة نفسها أن الجزائر وجبهة البوليساريو وافقتا رسمياً على المقترح. كما سبق للرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة أن لمّح سنة 2000 إلى تقسيم الصحراء  بين المغرب وجبهة البوليساريو.

وفي السياق، رأى رئيس "المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية"، نبيل الأندلوسي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الاقتراح الذي تقدم به دي ميستورا "غير منطقي وغير واقعي وغير قابل للتطبيق، بل ومرفوض من الطرفين، وهو بمثابة إعلان غير مباشر من المبعوث الشخصي للأمين العام للصحراء، عن فشله في مهمته".

من جهته، قال الباحث في تاريخ العلاقات الدولية، بوبكر أونغير، إن قرار التقسيم "مرفوض بشكل قاطع ولا ينسجم بتاتاً مع روح الواقع ومنطق الأشياء"، و"مشكوك في أصله وفي حيثياته، وهو تجاهل لكل المكتسبات الدبلوماسية التفاوضية التي راكمها مجلس الأمن الدولي عبر قراراته التي لم تعد تتحدث بتاتاً عن أي مقترح ما عدا الحكم الذاتي"، معتبراً أن "المبعوث الأممي أرجع الأمور إلى المربع الأول وأفشل كل المساعي الأممية التي بذلت في قضية الصحراء".

وأوضح، في حديث مع "العربي الجديد"، أن اقتراح المبعوث الأممي "ليس تفاوضياً ولا مقبولاً ولا يحترم ما تم بذله من عطاء وتضحيات من طرف المغرب والمنظومة الدولية التي يتزايد اعترافها بمغربية الصحراء وبوجاهة خطة الحكم الذاتي"، مؤكداً أن "المغرب سيرفض بشكل قاطع مقترح دي ميستورا وسيعتبره تراجعاً حتى عن التفويض المقدم له من قبل الأمين العام للأمم المتحدة الذي يلزمه بالبحث عن الحلول لا تعريض المفاوضات للجمود".

ولفت إلى أن خطورة المقترح تكمن في أنه يعرض كل المنطقة لمخاطر حقيقية خصوصاً أن الأوضاع الدولية والإقليمية في اضطراب كبير، موضحاً أن "أي مقترح لا يراعي المصالح المغربية سيكون مآله الفشل، وسيكون ضد تطورات الأمور بعد الاعترافات الدولية من كبريات الدول بسيادة المغرب على الصحراء".