عاد ملف عودة سورية إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، للسطح مجدداً، في ظلّ تحركات عدد من الأطراف الخليجية والعربية لحسم الملف قبل قمّة الجزائر المؤجلة.
وقالت مصادر في الجامعة العربية في القاهرة، لـ"العربي الجديد"، إن هناك دفعاً إماراتياً متواصلاً لتحريك هذا الملف وحسمه بإعادة دمشق إلى مقعدها، مضيفة أن تصريحات الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط الأخيرة، بشأن انعقاد اجتماع على المستوى الوزاري في الكويت لبحث الأمر، هي في إطار تنسيق بينه وبين أبوظبي.
وأرجعت المصادر حماس أبو الغيط في هذا الملف إلى الموقف الإماراتي الداعم له، والذي أعلن دعم التمديد لأبو الغيط في منصبه مع وعود بزيادة المخصصات المالية المقررة له.
وأعلن أبو الغيط، أول من أمس الأربعاء، أن الجامعة ستستضيف خلال شهر مارس/آذار المقبل، اجتماعاً وزارياً لبحث إمكانية عودة دولة سورية.
وأكد أبو الغيط عقب زيارته الأردن، أن عودة سورية إلى الجامعة العربية مرتبطة بتوافق عربي وبتجاوب النظام السوري مع المواقف العربية المطروحة، مشدداً على أن استقرار المنطقة يتطلب العمل لاستعادة فرص مسار سياسي، يسمح بتسوية القضية الفلسطينية.
الإمارات تتواصل مع الولايات المتحدة لإعادة سورية
من جهتها، كشفت المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن أبوظبي تواصلت مع الإدارة الأميركية أخيراً بشأن ملف عودة سورية إلى الجامعة، في الوقت الذي تتمسك فيه واشنطن بموقفها الرافض لتلك الخطوة في الوقت الراهن، بسبب عدم تقديم النظام السوري مؤشرات تدل على تغير مواقفه.
حماس أبو الغيط للملف يعود إلى الموقف الإماراتي الداعم للتمديد له في منصبه
وبحسب المصادر، فإن أبوظبي ترى أن عودة دمشق إلى مقعدها في الجامعة العربية، ستكون مدخلاً لإخضاع علاقات النظام الحاكم مع إيران، للسيطرة العربية، بالإضافة إلى رغبة من جانب الإمارات لفتح مسارات مع طهران في إطار محاولاتها لإعادة صياغة علاقتها في المنطقة.
وبحسب مصدر دبلوماسي مصري، فإن الملف محل تباحث واسع بين مصر والإمارات حالياً، مؤكداً في الوقت ذاته، وجود خلافات يمكن وصفها بالقوية بين مصر والسعودية بشأن هذا الملف، في الوقت الذي لا تزال تتمسك فيه الرياض بموقفها الرافض.
وقال المصدر إن "المملكة ترى أن السماح بعودة النظام السوري إلى الجامعة يعني منح إيران مقعداً على طاولتها، في الوقت الذي لا تزال صواريخها تسقط فوق الأراضي السعودية عبر الحوثيين في اليمن".
وأكد المصدر أن الملف محل خلاف جزائري سعودي أيضاً، مشيراً إلى أن هذا الملف كان سبباً في تعطيل تعاون سعودي جزائري، رفض الإفصاح عن طبيعته، في ظلّ الدفع الجزائري القوي نحو عقد القمة المؤجلة المقرر أن تستضيفها بحضور سورية.
وقال مصدر دبلوماسي مصري آخر، إن الموقف القطري كذلك يعد من المواقف الرئيسية المعرقلة لعودة نظام بشار الأسد إلى الجامعة حتى الآن، مضيفاً أن موقف الدوحة من الخطوة، ركيزة أساسية في الموقف الأميركي الرافض لعودة سورية حالياً، ومشيراً في الوقت ذاته إلى أن كافة المحاولات التي جرت أخيراً لإثناء قطر عن موقفها باءت بالفشل، سواء تلك التي قامت بها مصر أو الجزائر.
مصر تعوّل على دعم كويتي
وكشف المصدر عن اعتزام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زيارة الكويت، قبل نهاية شهر فبراير/شباط الحالي، مؤكداً أن ملف عودة سورية إلى مقعدها سيكون ضمن أجندة المباحثات بين البلدين في إطار تبادل الرؤى حول القضايا الإقليمية وملفات الساحة العربية.
وأشار المصدر إلى أن القاهرة تعول على دور للكويت بحكم موقعها في مجلس التعاون الخليجي في تعديل وجهتي النظر السعودية والقطرية.
يأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في تصريحات صحافية على هامش زيارته للولايات المتحدة أخيراً، أنه يستبعد أن تقوم الدوحة بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل أو سورية، حتى في الوقت الذي تتخذ فيه دول عربية أخرى خطوات لدمجها.
وقال الوزير القطري إن الظروف التي أدّت إلى تعليق عضوية النظام السوري في جامعة الدول العربية لم تتغير، مشدداً على أنه "لا ينبغي مكافأة الأسد على هجماته المستمرة على شعبه".
الملف محل خلاف جزائري سعودي، وكان سبباً في تعطيل تعاون بين البلدين
في مقابل ذلك، يتظاهر النظام السوري بعدم أهمية الخطوة بالنسبة له، على الرغم من مطالبته الدول الأعضاء الداعمة لعودة دمشق بممارسة مزيد من الجهد لتسريع الخطوة. وقال وزير خارجية النظام فيصل المقداد، في تصريحات صحافية، إن عودة بلاده إلى جامعة الدول العربية "ليست في مركز اهتمامنا"، وذلك بعد استعادة العلاقات مع عدد من الدول منذ تعليق عضويتها في الجامعة عقب اندلاع الحرب.
وأضاف المقداد أن "الجامعة العربية مؤسسة يجتمع فيها العرب، لم تحقق أياً من الأهداف، وما يهمنا هو تحسين العلاقات مع الدول العربية". ورأى أن "عودة سورية إلى الجامعة ليست في مركز اهتمامنا، نحن نعمل على تحسين العلاقات مع الدول العربية وإعادتها إلى ما كانت عليه، ولدينا الآن 14 سفارة عربية مفتوحة".
وعلّقت الجامعة العربية عضوية سورية في أكتوبر/تشرين الأول 2011، إبان تصاعد موجة أحداث الثورة السورية، والاحتجاجات المناهضة لحكومة دمشق ووقوع مواجهات مسلحة بين النظام والمعارضة.