انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس أخيرا دعوات للخروج في مظاهرات احتجاجية يوم 25 يوليو/ تموز الجاري، وهو التاريخ المصادف لذكرى الاحتفال بعيد الجمهورية، دون أن تتبنى أي جهة سياسية معلومة إلى اليوم هذه الدعوات.
وطالبت فعاليات تطلق على نفسها اسم "المجلس الأعلى للشباب" بالخروج، الأحد المقبل، في ما وصفته بـ"انتفاضة ثانية"، محملة السلطة والأحزاب مسؤولية الأزمة التي تعيشها البلاد.
ودعا هؤلاء في بيان لهم على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى اعتقال أغلب السياسيين والمستشارين ورؤساء الحكومات والوزراء والنواب والمعتمدين، وبحل جميع الأحزاب.
وأكد القيادي في حركة "النهضة"، وزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الدعوة لانتفاضة ثانية يوم 25 يوليو مشبوهة ومحاولة للاستثمار في الأزمة الصحية التي تمر بها تونس"، متوقعا أن مثل هذه الدعوات "لن تجد أي صدى، لأنه مهما كانت الأزمة فإن الظرف يحتاج إلى أعلى درجات التضامن".
وبين أنه بدأت تظهر بعض الأسماء التي تقف وراء مثل هذه الدعوات، من بينها الأميرال المتقاعد كمال العكروت، الذي دعا رئيس الجمهورية (قيس سعيّد) إلى تفعيل الفصل 80 (يتيح له اتخاذ أي تدابير يراها مناسبة)، وهي محاولات لاستغلال الأزمة، وساندها النائب المعارض منجي الرحوي وبعض العناصر من "حركة الشعب".
وقال عبد السلام إن "هذه الدعوات ليس لها أي أفق، فالتونسيون مهما كانت طبيعة المرحلة يدركون أن البلاد تحتاج إلى تظافر الجهود وإلى التضامن"، مضيفا "الشعوب عندما تمر بأزمات، فإن الوضع الطبيعي أن تتحد بدل توظيف الأزمات لحسابات صغيرة".
ولاحظ المتحدث أن "هذه الدعوات تضاف إلى دعوات أخرى افتراضية على الإنترنت، ولكنها لن تجد أي صدى على أرض الواقع"، موضحا أنها "مجرد فرقعة إعلامية وليست لها أي أرضية سياسية وهي دعوات مشبوهة ووراءها أجندات إقليمية، في محاولة منهم لإرباك التجربة التونسية، والاستثمار في الأزمة واستغلال الصعوبات التي تمر بها البلاد".
من جانبه، دعا الأمين العام لـ"الحزب الجمهوري" عصام الشابي النيابة العمومية إلى "التحرك والقيام بدورها وفتح بحث في الموضوع حتى لا يبقى التهور والعبث طليق اليدين"، مضيفا في تدوينة على صفحته في "فيسبوك"، أن "بيانات من يسمون أنفسهم المجلس الأعلى للشباب تدعو إلى الانقلاب على الدستور وإلى إقامة فترة انتقالية عسكرية، وما إلى ذلك من الهذيان السياسي، إضافة إلى إصدار قائمة اسمية في من سيشملهم الاعتقال يوم 25 يوليو مبشرين بأن القائمة ستطاول أكثر من 500 شخصية حكومية وسياسية وإعلامية وقضائية وغيرها، ولكنها لن تجد صدى على أرض الواقع وهدفها الوحيد هو مزيد شحن النفوس وتعفين المشهد السياسي".
وقال الشابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "من يقف وراء هذه الدعوات هو كل من يريد لتونس أن تنهار"، مبينا أن "هناك من يعمل على شحن التونسيين وبث اليأس والدفع نحو الفوضى، والخروج إلى الشارع بدعوى إسقاط المنظومة".
وتابع الشابي أن "هناك عبارة ما فتئ يرددها رئيس الجمهورية وتنطبق على مثل هذه الدعوات وهي (الغرف المظلمة)، وهي التي تدير مثل هذه الدعوات"، مبينا أن "التظاهر حق مكفول بالدستور ولكن كان يؤمل لو تكشف هذه الدعوات عن نفسها وتعلن عن أهدافها الحقيقية ولكنها تتخفى وراء شبكات فيسبوك وتمويلات مشبوهة مستغلة الوضع الذي تمر به البلاد وحالة اليأس دون فتح آفاق وتقديم البديل".
وبين أن "من يطلقون على أنفسهم المجلس الأعلى للشباب مجهولون ولا أحد يعرفهم، ويدعون لحل البرلمان وإلى فترة انتقالية عسكرية تكون بقيادة الرئيس قيس سعيّد، وإلى اعتقال السياسيين والبرلمانيين، وهذه الدعوات لا تخلو من انقلاب على مؤسسات الدولة، بل هي دعوات ضمنية لانقلاب عسكري".
وتابع قائلا إنها "لا تجد صدى ولكن مجرد الدعوة لها يعد جريمة ترتكب، خاصة بصدور أسماء لشخصيات سياسية وإعلامية والادعاء أنه سيتم اعتقالهم في 25 يوليو"، مشيرا إلى أن "بقاء النيابة العمومية دون تحرك وتحقيق حول من يقف وراء هذه الدعوات هو تخل عن القيام بالواجب، ولا بد من التحرك حتى لا تبقى الحياة السياسية تدار وراء الكواليس ويبقى البعض يتخفى وراء شبكات فيسبوك وشعارات مساندة الرئيس".
وأفاد بأن "بإمكان أي شخص المعارضة دون الدعوة للفوضى وإلى الاعتقالات والعبث"، مؤكدا "فشل هذه الدعوات والتي قد تلاقي بعض التعاطف مع من يبحث عن متنفس في شبكات التواصل الاجتماعي ولكنها لن تنجح على أرض الواقع". وختم بالتأكيد على أنه "رغم صعوبة الوضع فلا بد من مبادرات لحل الأزمة وليس تعميقها والدعوة إلى إحداث الفوضى، ولذلك لا بد من الحذر منها، لأن هناك ماكينات تشتغل لتأليب الأوضاع".
بدورها، حذرت رئيسة "الحزب الدستوري الحر" عبير موسي أنصارها من الانخراط في الدعوة للتظاهر يوم الأحد المقبل، لأنها لا تعنيها، وخاصة أنها مجهولة.
وقالت موسي، في شريط فيديو: "إن هناك شيئا ما يحدث بلون جديد، ويسوق لوجوه جديدة، وأن الدعوة للتظاهر يوم 25 يوليو من جهة غير معلومة ودون أسماء ومنظمين أو تحديد برنامج واضح تبعث على الريبة في نوايا الجهة التي تسعى لهذه العملية ونزاهتها ولا تعنينا إطلاقا ولن ننخرط فيها".