استمع إلى الملخص
- الولايات المتحدة تواصل اتهام المقاومة الفلسطينية باستخدام المدنيين كدروع بشرية دون أدلة، وتغطي جرائم الاحتلال، بينما تدعي وزارة الخارجية الأميركية أن جيش الاحتلال يحقق في الفيديوهات.
- مشاهد الجنود الإسرائيليين المتفاخرين بقتل الأطفال وتدمير المساجد ليست بمعزل عن سرقة الأرض الفلسطينية، والمستوطنون يمارسون فاشيتهم برعاية "الديمقراطية الوحيدة".
منذ بداية حرب الإبادة على غزة، تصاعدت الأكاذيب الأميركية لستر عورات دولة الاحتلال الإسرائيلي، فإرهاب الدولة الواضح، تحت مسمى "الدفاع عن النفس" بوجه شعبٍ مُحتلٍّ أصلاً، يتواصل بمشاركة مستوطني الضفة الغربية المحتلة. إرهاب مسنود بتحريض وزراء وساسة ووسائل إعلام يتحدّثون بلسانين، واحد عبري يقطر فاشية وتوعّداً بإفناء شعب، وآخر بلغتين، انكليزية وفرنسية، مليء ببكائيات لصوص الأرض والتاريخ. ويذكّر استخدام المدنيين الفلسطينيين دروعاً بشرية مجدّداً بالمعنى الحرفي لمفهوم "دولة العصابات"، التي اخترعت من عقلها الباطني رمي التهم مبكّراً على المقاومة الفلسطينية، مثلما تحرق وتقطع حرفياً أجساد الأطفال والنساء الفلسطينيين وبقنابل أميركا "الوسيط النزيه".
لا أحد ينسى وقاحة ترداد الأميركيين أن المقاومة الفلسطينية "تستخدم المدنيين دروعاً بشرية"، وغيرها من اتهامات جوفاء من دون أدلة. وحين ضُبطت دولة الاحتلال تنحدر في إرهاب الدولة المنظّم إلى مستوى ربط المدني الفلسطيني لاستخدامه درعاً بشرياً، بقيت واشنطن وفية لدور تغطية جرائهما. تصرّ "خارجيّتها"، وبعد تسويق مفردة سخيفة عن "الانزعاج" أمام مئات ملايين العرب، على مزيد من مراكمة نزيف مبادئها وقيمها. وليس غريباً أن تلك الوزارة التي يقودها أنتوني بلينكن تُخبرنا بأن جيش الاحتلال "يحقّق في الفيديو، لأنه لا يعكس قيمه وينتهك أوامره وإجراءاته". لعل مستشاري الصهيوني الآخر جو بايدن، الحائر في مستوى تسخير مقدّرات التسلح الأميركي في حرب الإبادة في غزّة، يظنون أن حبل أكاذيبهم منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي طويل نحو العالمين العربي والإسلامي، فجرائم الحرب عندهم هي فقط "حوادث معزولة"، بينما ناس هذين العالمين لا ينسون أن تكرار الجريمة هو التزام بالأوامر وبالأضواء الخضراء، وبمنهجية متّبعة منذ عقود في عقيدة القتل أكثر. فكم هي مصادفة عجيبة استخدام الناس دروعاً بشرية في الضفة الغربية المحتلة وممارستها البشعة في غزّة.
ثم إن مشاهد الجنود المتفاخرين على وسائل التواصل بقتل الأطفال وتدمير المساجد والبيوت وحرق ممتلكات بقهقهات وتمتمات تلمودية (في الضفة وغزّة، وبمستوى الجرائم النازية في ليلة الكريستال التي استهدفت يهود ألمانيا والنمسا في ثلاثينيات القرن الماضي)، أبداً ليست بمعزل عن سرقة الأرض الفلسطينية و"تطهيرها" لإقامة المستوطنات عليها، من أجل مهووسين يؤتى بهم من أميركا نفسها، ليمارسوا فاشيتهم الاستعلائية برعاية "الديمقراطية الوحيدة". فطالما أن هناك خارجية وبيتاً أبيض يعتبرونهم "مجرّد مستوطنين"، كمرتكب مذبحة الخليل باروخ غولدشتاين والإرهابي مائير كهانا وحركته المستمرة، ومعاتيه طلب إبادة الفلسطيني، ستتواصل جرائمهم، وبتفجع أميركي كاذب.
الأكيد، في تجارب الشعوب، أن المستعمر الاستعلائي الفاشي لا يواجَه بورود، بل بمقاومة وحروب تحرير. ولعل جورج واشنطن أدرك ذلك في أميركا نفسها، كما أدركتها أفريقيا وآسيا وأوروبا في الأمس القريب، فقد حان الوقت لأن تقول المنطقة العربية لواشنطن التي ترعى جرائم الحرب وتغطّيها: كفى نفاقاً ورعاية للجريمة. وبالمناسبة، في أثناء الانتفاضة الأولى، ذكرت سياسية ومناضلة فلسطينية (على قيد الحياة في رام الله)، رداً على سخافة أميركية عن "وقف التحريض على العنف"، إنه لا أحد في غزّة ولا الضفة أو القدس المحتلة يحتاج أن يُعلم الطفل الفلسطيني عن معاني الاحتلال، فهو يدركه ويتعلمه يومياً كلما شاهد سلاح الجندي واعتقال جيرانه وأهله، وحمايته هؤلاء المستعمرين الذين يسرقون أرضه ويخربون حياته. تخيّلوا أن ذلك قيل في 1988، وتخيلوا أيضاً أن أميركا لا تزال تهذي عن التحريض.