دروز سورية بين إعلامَي النظام والمعارضة

29 يونيو 2015
صراع إعلامي على "صورة الدروز" (Getty)
+ الخط -
خلال السنوات الأربع الماضية منذ انطلاق الثورة السورية، ظلت الطائفة الدرزية بعيدة عن الأضواء، وحاولت "النأي" بنفسها عن المواجهات بين قوات المعارضة وحواضنها الاجتماعية من جهة، وقوات النظام وحواضنها الاجتماعية من جهة أخرى، خاصة في الجهد العسكري، حيث نأوا بأنفسهم عن المعارضة المسلحة، واستنكف كثير من شبابها عن الالتحاق بالجيش النظامي.

غير أن التطورات الميدانية الأخيرة دفعت بطائفة الموحدين إلى واجهة الأحداث، وحاول كل طرف "استثمارهم" لصالحه، بما في ذلك إسرائيل التي شكلت لها هذه القضية أوسع باب حتى الآن للدخول على خط الأحداث في سورية، تارة بدعوى حمايتهم من مجازر محتملة، وتارة أخرى بذرائع إنسانية.

والواقع أن "الالتباس" الذي طاول موقف دروز سورية جراء هذه التطورات ساهمت به أطراف عدة، بمن فيها الدروز أنفسهم. أول هذه الأطراف النظام السوري عبر أجهزته العسكرية والأمنية والإعلامية والصورة التي أراد تكريسها للدروز أنهم في صفه، وأنّه من دون وقفتهم معه، ما كان لقواته سواء في السويداء أم القنيطرة أن تنتصر على مسلحي المعارضة. وفي هذا السياق كان هناك تعبئة وحشد واضحين لأجهزة النظام المختلفة لتكريس هذه الصورة عبر إبراز قتال "لجان الدفاع الوطني" (الشبيحة الدروز) إلى جانب قوات الجيش، و"فزعة" أهالي السويداء وخاصة قرية الثعلة لنصرة الجيش باعتباره حامي الوطن والسويداء من الإرهابيين، مع حضور مكثف لكاميرا التلفزيون الرسمي التي تجري لقاءات مع المقاتلين الدروز ومع الأهالي من رجال ونساء وتصوير حماستهم لطرد مسلحي المعارضة من محيط مطار الثعلة، ثم حفلات الدبكة داخل المطار بعد انسحاب المسلحين.

إقرأ أيضاً: "داعش" يسعى إلى استعادة السيطرة سورياً

فصائل المعارضة، من جهتها، وإن كانت حاولت تهدئة مخاوف أهل السويداء لكن رسائلها ظلت ضعيفة، وانجرف بعض أنصارها في سيل من الاتهامات المبطنة أو الصريحة لأهالي السويداء بالتواطؤ مع النظام.

وكان الطرف الثالث بعض القوى والشخصيات الدرزية خارج سورية، وفي لبنان تحديدًا، حيث برز اتجاهان يقود الأول الوزير السابق وئام وهاب والذي ركز على ضرورة تسليح دروز سورية وتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم وضرورة تحالفهم مع جيش النظام السوري، بينما طالبهم الاتجاه الثاني الذي يقوده النائب وليد جنبلاط بوضع أيديهم بيد إخوانهم في درعا والعمل معا على إسقاط النظام، لأن جيرانهم هم الأبقى لهم، ولن ينفعهم أحد إن ساءت علاقتهما. أما الطرف الرابع، فهو إسرائيل ومعها دروز فلسطين المحتلة والتي تحاول أن تمد يدها إلى الملف السوري من البوابة الدرزية، لكن بحذر شديد خشية أن تطالها النيران السورية.

والواقع أن المحصلة المتشكلة من تداخلات هذه القوى جعلت دروز سورية في مهب الريح، وأدخلتهم في حلقة مفرغة حيث عجزوا حتى الآن عن تقديم أنفسهم بصورة واضحة، وطغت الأنانية على هذه الصورة، بحيث أنهم يبحثون عن "الخلاص الفردي" بغض النظر عمن يكون المخلص، دون أي ارتباط بالمشاريع الوطنية الكبرى، وفي هذا انتقاص من الدور التاريخي لدروز سورية في معارك الاستقلال بقيادة سلطان باشا الأطرش، وهو ما يكشف غياب القيادات الكبيرة التي تستطيع بلورة الدروز حول موقف وطني يؤمن سلامتهم، مثلما يربطهم على نحو واضح بإخوانهم في الوطن، وخاصة الأقربون منهم في سهل حوران.


إقرأ أيضاً: #انقذوا_البقية من معتقلات الأسد