خنق الحريات في تونس

01 مايو 2023
من معرض تونس للكتاب (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

يتابع التونسيون أخبار صنصرة (منع) الكتب في مناسبة معرض تونس للكتاب، ويندهش بعضهم مما آلت إليه أوضاع الحريات في البلاد، وكأن الاعتقالات وإغلاق مقرات الأحزاب والزج بالمعارضين في السجون يمكن أن تقود إلى نتيجة أخرى. غير أن الجمر لا يحرق إلا حين يلامس أيديهم، ووقتها فقط يمكن أن ينبّه إلى النار التي ستحرق الجميع عاجلاً أم آجلاً.

الرئيس قيس سعيّد، وهو يفتتح المعرض يوم الجمعة الماضي، دعا التونسيين إلى الإقبال على قراءة الكتب، قائلاً في تصريح لإذاعة "موزاييك" إنه "لا مستقبل لنا إلا بالثقافة". ولكن بمجرد خروجه من هناك، حصل لغط كبير بعد إقفال جناح كتب بسبب كتاب "فرانكشتاين تونس"، ثم أعلن الكاتب نزار بهلول أنه أُعلم من ناشره بمنع كتابه "قيس سعيد ربان سفينة تائهة".

وبقطع النظر عن الجدل الحاصل حول هذا المنع، فإن الحملة المنددة بذلك التي رافقت القرار كانت قوية جداً، وكشفت أن هناك جمهوراً خائفاً على فقدان حرية التعبير، ومن هذا الخطر المحدق بالجميع، وهناك استعداد واضح للدفاع عن هذا المكسب الكبير الذي بات اليوم مهدداً بشكل واضح.

غير أن هذا الخوف يترافق للأسف دائماً مع حسابات سياسية وأيديولوجية واضحة، وهناك من يتناسى هذه الحرية عندما يتم سلبها من غير معسكره الفكري والسياسي، ولا يذكرها إلا إذا طاولت بعضاً من بني قومه. وهذه هي مشكلة التونسيين الكبرى التي ستعجّل بسقوط ثورتهم. نعم هي لم تسقط بعد إلى اليوم، ولا تزال تتنفس وتدافع عن نفسها وفيها بقية حياة قد تعيدها من تحت الرماد.

وتتجه الأنظار اليوم الإثنين إلى الاتحاد العام التونسي للشغل بمناسبة يوم العمال والخطاب المنتظر للأمين العام نور الدين الطبوبي، ومحاولة فهم موقف المنظمة النقابية من التطورات الأخيرة، خصوصاً رفض الرئيس سعيّد مبادرة الحوار التي أطلقها الاتحاد مع منظمات أخرى.

وقال الاتحاد في بيان بهذه المناسبة إنه "حاول جاهداً فرض منطق الحوار بدل سياسة التفرّد ومنطق الاصطفاف الأعمى... غير أنّه، وكأغلب شرائح المجتمع ومكوّناته، صُدم بنزعة استبدادية تسلطية عمدت إلى شيطنة كل من يخالفها الرأي وتلفيق التهم ضدّهم والتضييق على حقهم في المعارضة والرفض والاحتجاج وتمّ الاعتداء على الحرّيات والتضييق على حرية الصحافة... وجوبه الاتحاد ومنظّمات المجتمع المدني والسياسي بحملات الشيطنة والتشويه والتهجّم والمحاصرة وحياكة المؤامرات لإرباكه ومنعه من لعب دوره الوطني في إنقاذ تونس...". واليوم ربما تتوضح هذه المواقف بشكل أكثر جرأة وتكشف عن نظرة الاتحاد للخروج من هذا المأزق.

المساهمون