السودان: خلافات جديدة وسط "الحرية والتغيير" وعائشة السعيد توضح أسباب استقالتها من "السيادة"
انتقد "تحالف الحرية والتغيير" الحاكم في السودان، اليوم السبت، تحركات "حزب الأمة القومي" لـ"إصلاح الأوضاع التنظيمية" داخل التحالف، مؤكدا أنها "لا تمثله ولا تساعد في عملية الإصلاح"، فيما أوضحت عضو مجلس السيادة، عائشة موسى السعيد، أسباب استقالتها من المجلس.
وقال "تحالف الحرية والتغيير" إنّ تحركات "حزب الأمة القومي" تعقّد الموقف وتضاعف من تحديات الانتقال، وتخدم الخط الرامي إلى إضعاف التحالف و"إجهاض الفترة الانتقالية".
وأمس الجمعة، تبنّى "حزب الأمة القومي" خطة إصلاحية خلال اجتماع شاركت فيه عدد من أحزاب التحالف، تقضي بحل المجلس المركزي لـ"الحرية والتغيير"، وتغيير الأعضاء المدنيين في مجلس السيادة، والاستعداد لتولي شخصية مدنية رئاسة مجلس السيادة بعد انقضاء فترة عبد الفتاح البرهان. كما أوصى الاجتماع بضرورة اختيار مجلس تشريعي يمثل كافة مكونات الثورة، وتحديد آلية واضحة وشفافة لاختيار ولاة الولايات ورؤساء المفوضيات المتفق عليها.
وذكر المجلس المركزي لـ"الحرية والتغيير"، في بيان بعد اجتماع له، اليوم السبت، أنّ ما تمّ، أمس الجمعة، في مقر "حزب الأمة القومي" لا يمثل الحرية والتغيير، متهماً الحزب بـ"التردد وتعطيل مسار التحالف"، بتمسّكه بتمثيل أعلى داخل المجلس المركزي، على حساب المكونات الأخرى، والمطالبة كذلك بـ65 مقعداً من مقاعد المجلس التشريعي المخصصة لـ"الحرية والتغيير" من جملة 165 مقعداً، ما أدى إلى تعطيل تشكيل المجلس.
وسبق لـ"حزب الأمة القومي" العام الماضي تجميد عضويته في تحالف "الحرية والتغيير"، احتجاجاً على عدم هيكلته وانفراد أحزاب بعينها بالقرارات داخله، لكنه عاد ومارس نشاطه وشارك في الحكومة الانتقالية، ليفتح موقفه الأخير أمام خلافات جديدة داخل التحالف الحاكم.
وأشار المجلس المركزي لـ"الحرية والتغيير" إلى أنه "يدرك الأوضاع الحرجة التي تمر بها البلاد من تعقيدات الانتقال والضائقة المعيشية وتداعيات الوضع الاقتصادي والأمني، وتحديات الانتقال، والتي تستدعي تماسك الجبهة الداخلية لمجابهة الوضع ودعم الحكومة الانتقالية حتى تتمكن من أداء مهامها الدستورية".
وأكد أن قرارات المجلس المركزي لـ"الحرية والتغيير" في الإصلاح والتطوير "لا رجعة فيها"، مجدداً "الالتزام بالعمل على الوفاء باستحقاقات الانتقال وفق البرنامج السياسي للحكومة الانتقالية في استكمال مؤسسات السلطة الانتقالية، ومتابعة ملفات السلام والعدالة والاقتصاد والحريات".
عائشة السعيد توضح
إلى ذلك، قالت عائشة موسى السعيد، عضو مجلس السيادة السوداني، اليوم السبت، إن "تهميش المكون المدني في السلطة الانتقالية، واستمرار قتل المتظاهرين السلميين، والتردي العام في الخدمات" هي أهم الأسباب التي دفعتها إلى تقديم استقالتها قبل أيام من المجلس.
وجاء كلام السعيد في بيان صحافي نشرته، اليوم السبت، وكالة السودان للأنباء، وأعلنت فيه رفضها لـ"التغول على صلاحيات" مجلسي السيادة والوزراء، بواسطة مجلس الشركاء، الذي جرى تشكيله حديثاً برئاسة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وعضوية ممثلين لـ"قوى الحرية والتغيير" الحاكم، وممثلين للحركات المسلحة التي وقّعت اتفاق السلام في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وكان تجمع القوى المدنية قد أعلن استقالة السعيد بعد يوم واحد على مقتل اثنين، في الـ11 من الشهر الجاري، من المشاركين في إحياء الذكرى الثانية لمجزرة فض اعتصام محيط قيادة الجيش السوداني.
أشار المجلس المركزي لـ"الحرية والتغيير" إلى أنه "يدرك الأوضاع الحرجة التي تمر بها البلاد من تعقيدات الانتقال والضائقة المعيشية وتداعيات الوضع الاقتصادي والأمني، وتحديات الانتقال"
وذكرت السعيد أنه تكشّف لها أنّ "قوة خفية تقود الدولة السودانية بعيداً عن شركاء الحكم، وتتجاوز الصلاحيات الدستورية، حتى تحوّل المكون المدني إلى مجرد جهاز تنفيذي"، مشيرة إلى أنّ مجلس شركاء الحكم، الذي تم تشكيله مؤخراً، "بات يسيطر على القرارات المهمة، ما قلل من أهمية الاجتماعات المشتركة بين مجلس السيادة ومجلس الوزراء وتحالف الحرية والتغيير".
وعائشة موسى السعيد واحدة من بين اثنتين من النساء تم تعيينهما في مجلس السيادة، وهي أول مرة يتم فيها تعيين سيدة في المنصب طوال تاريخ السودان، كما تعد استقالتها الأولى من نوعها من مجلس السيادة الذي تشكل في عام 2019 مناصفة بين العسكريين والمدنيين.
وأشارت عائشة السعيد، في بيانها، إلى أنه "رغم تهميش المكون المدني، فإنه يتم اتهامه في بعض الأحيان بالتنمر على المكون العسكري، وتحميله مسؤولية كل الإخفاقات"، مبينة أن "الوضع في البلاد وصل إلى حالة من التردي في البنى التحتية، وفشلت الحكومة بأجمعها في رفع المعاناة عن كاهل الشعب، وانفرط عقد الأمن والأمان، ولم تعد هناك قدرة على مراقبة القوات العسكرية والأمنية"، مستشهدة بما حدث في 11 مايو/ أيار الجاري بعد مقتل اثنين من المشاركين في إحياء ذكرى مجزرة الاعتصام، كما استنكرت التركيز على المحاصصات السياسية وتجاهل الأولويات، وعدم توحيد القوات العسكرية.
وأضافت المسؤولة السودانية أنه "لا يمكن المضي في مسيرة ثورة ديسمبر المجيدة إلا بإعلان نتائج التحقيق في كل جرائم قتل الثوار وإصلاح النظام العدلي، وإرساء القوانين وتشكيل المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية، وعقد المؤتمر الدستوري".
وأوضحت العضوة المستقيلة أنها "لا تعفي نفسها من مسؤولية التقصير خلال الفترة الماضية، رغم منافحتها المستمرة ومطالبتها بتحقيق تلك الأهداف"، معلنة "اعتذارها لكل النساء والضحايا وأسر الشهداء والشعب السوداني قاطبة، ولتجمع القوى المدنية الذي رشحها للمنصب"، مؤكدة أنها وجدت نفسها في نهاية المطاف "غير قادرة على المواصلة في العمل كعضو بمجلس السيادة".
ولم يصدر بعد أي بيان عن مجلس السيادة بشأن قبول الاستقالة أو رفضها.
نيابة خاصة بقتلى المواكب والاعتصامات
وفي سياق متصل، أصدر النائب العام السوداني، مبارك محمود عثمان، السبت، قراراً بتشكيل نيابة خاصة بقضايا ضحايا الانتهاكات، تختص بكافة الدعاوى التي تتعلق بسقوط قتلى وجرحى في المواكب والتجمعات والاعتصامات.
ويُعد تشكيل النيابة أول قرار للنائب العام الجديد، الذي كُلف بالمهمة عقب قبول استقالة النائب العام السابق تاج السر الحبر، وسط انتقادات بشأن ضعف العدالة الانتقالية، وعدم القصاص للقتلى ومحاكمة رموز النظام السابق.
ومنذ اندلاع الثورة السودانية في ديسمبر/كانون الأول 2018، وحتى سقوط نظام عمر البشير، لقي 90 متظاهراً مصرعهم، لحق بهم بعد سقوط النظام نحو 150، أغلبهم في عملية فض اعتصام محيط قيادة الجيش في الثالث من يونيو/حزيران 2019. ومنذ ذلك الحين لم تكتمل إلا محاكمة المتهمين بمقتل شخص واحد من مجموع القضايا، ما يثير باستمرار غضب الشارع.
كما أصدر النائب العام قرار إنشاء نيابة خاصة بإزالة تمكين نظام المعزول عمر البشير، واسترداد الأموال العامة. وقرر أيضاً دمج نيابة الفساد مع نيابة الأموال العامة.
وذكر بيان من إدارة الإعلام بالنيابة العامة أنّ نيابة إزالة التمكين أنشئت بموجب قانون إزالة التمكين الذي يحدد اختصاصاتها.
والأسبوع الماضي، أقال مجلس السيادة رئيس القضاء نعمات عبد الله من منصبها، مع تسجيل بطء إجراءات تحقيق العدالة الانتقالية.