يقول دبلوماسيون وخبراء إقليميون إن الولايات المتحدة والسعودية تحاولان تخطي خلاف علني نشب العام الماضي، وأدى لتردي العلاقات الاستراتيجية، في وقت تتوافق فيه المخاوف الأمنية في الغرب والخليج على خطر الطائرات المسيّرة الإيرانية.
وزار وفد أميركي رفيع المستوى السعودية، قبل أيام، لإجراء محادثات دفاعية مع الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، الذي يتخذ من الرياض مقراً، بعدما تأجلت المشاورات من أكتوبر/تشرين الأول إثر نشوب خلاف بين واشنطن والرياض بشأن السياسات النفطية.
وقال كريستيان كوتس أولريتشسن، أستاذ العلوم السياسية في معهد بيكر بجامعة رايس: "مجموعات العمل توفر مخرجاً للولايات المتحدة للتواصل مع الشركاء في الخليج بشأن قضايا تحظى باهتمام مشترك بعيداً عن الصخب السياسي".
وأضاف أن استخدام روسيا طائرات مسيّرة إيرانية في حرب أوكرانيا "استرعى اهتماماً من عواصم مجلس التعاون الخليجي بطريقة لم يثرها، على الأرجح، الغزو الروسي لأوكرانيا في بدايته".
وقاومت السعودية والإمارات ضغوطاً غربية للمساعدة في عزل روسيا، التي تربطها بهما علاقات اقتصادية، ولتقييد العلاقات مع الصين شريكتهما التجارية الأساسية، التي التقى رئيسها مع قادة الخليج في الرياض في ديسمبر/كانون الأول.
وحتى قبل ذلك، كان تحالف الولايات المتحدة مع السعودية يشهد توتراً تحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يتخذ موقفاً صارماً من ملف الرياض الخاص بحقوق الإنسان، لكنه زار المملكة الصيف الماضي للدفع من أجل زيادة إمدادات النفط.
وعندما قررت مجموعة أوبك+، التي تقودها السعودية وتضم روسيا، في أكتوبر/تشرين الأول، خفض الإنتاج المستهدف بدلاً من زيادته، تعهد بايدن بأن تواجه الرياض عواقب لتلك الخطوة. وقال دبلوماسيان في المنطقة إن محادثات الولايات المتحدة مع الخليج تظهر أن الطرفين يريدان تخطي الموقف والمضي قدماً، خاصة على مستوى المؤسسات.
الطائرات المسيّرة تغير اللعبة
وقال المحلل السعودي عبد العزيز بن صقر، على قناة الإخبارية السعودية الحكومية، إن دخول الطائرات المسيّرة الإيرانية في الحرب الروسية على أوكرانيا أعطى زخماً جديداً، في وقت كانت تتشكك فيه دول الخليج في التزام واشنطن تجاه المنطقة.
وأشار صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث ومقره الرياض، "هنا بدا التغيير حقيقة حينما استشعروا (الغرب) أن أمنهم مهدد من قبل دعم إيران لروسيا". ولطالما حذرت السعودية وحلفاؤها من قدرات إيران الصاروخية وطائراتها المسيّرة وشبكة وكلائها في المنطقة، خاصة بعد الهجمات على منشآت نفط سعودية في عام 2019.
وركز الوفد الأميركي، الذي ضم المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران، على الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل للمنطقة والأمن البحري وإيران ومكافحة الإرهاب. وصرحت دانا سترول، نائبة مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط، للصحافيين، بأن المناقشات غطت "كل التهديدات الإيرانية" في المنطقة و"زيادة التعاون العسكري بين إيران وروسيا في أوكرانيا".
وقالت سترول إن المباحثات بشأن الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل تطرقت لزيادة تبادل المعلومات الاستخباراتية والإنذار المبكر و"دفاع جوي أكثر فعالية"، مضيفة أن التقدم يعتمد على الوتيرة التي تكون كل دولة على استعداد للتحرك بها.
ويعد الأمن أمراً بالغ الأهمية لمنتجي الطاقة في الخليج، الذين يعتمدون بشكل كبير على مظلة الأمن الأميركية، مع سعيهم لاستقطاب رأس المال الأجنبي لتنويع اقتصاداتهم في منطقة مضطربة. لكن السعودية والإمارات تشعران بالاستياء إزاء الشروط الأميركية لمبيعات الأسلحة، بما في ذلك ربطها بحرب اليمن التي تضع تحالفاً تقوده السعودية في مواجهة جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران.
ومع التشكيك في الدور الأميركي بالمنطقة، تسعى دول الخليج بشكل متزايد إلى تحقيق مصالحها الوطنية، بما في ذلك التطلع لتنويع شركائها الأمنيين والاقتصاديين. وأقامت الإمارات والبحرين، على سبيل المثال، علاقات مع إسرائيل من أجل تأسيس محور جديد مناهض لإيران.
وقال صقر: "النظام الدفاعي المتكامل فكرة جيدة حينما تكون كل الأطراف تحت قيادة واحدة، ولكن السؤال... هل ما زالت الثقة موجودة بالوعود الأميركية؟".
وذكر دبلوماسي ثالث ومصدر خليجي أن العلاقات بين الولايات المتحدة والإمارات في وضع أفضل بكثير، بالنظر لتركيزها على المسائل الأمنية، رغم أنها تعرضت هي الأخرى لاختبار، العام الماضي، بعد ما اعتبرته أبوظبي رداً أميركياً متلكئاً على هجمات شنها الحوثيون بالصواريخ والطائرات المسيّرة على البلاد.
(رويترز)