لم تتوقف الهجمات التي يشنّها تنظيم داعش في البادية السورية ضد قوات النظام والمليشيات الإيرانية، وفي شرق الفرات ضد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي نفّذت إنزالاً مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، في محاولة للحد من هذه الهجمات.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، اندلعت، الأحد، اشتباكات بالأسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة، بين عناصر نقطة عسكرية تابعة لـ"قسد" ومسلحين اثنين يستقلان دراجة نارية رجّح أنهما من تنظيم "داعش"، في بلدة الزور في ريف دير الزور الشرقي الخاضع لهذه القوات.
وفي السياق، قامت وحدة عسكرية من التحالف الدولي مع وحدة من "مكافحة الإرهاب" التابعة لـ"قسد" ليل الأحد - الإثنين بعملية إنزال جوي في مدينة الرقة شمال شرقي سورية لملاحقة أحد المطلوبين لها بتهمة الانتماء لـ"داعش"، وفق المركز الإعلامي لهذه القوات.
وأكدت مصادر محلية متقاطعة أن العملية نفّذها التحالف جواً، وقوات "قسد" على الأرض في حي المشلب على الطرف الشرقي لمدينة الرقة. ولم تتضح نتائج العملية أو معلومات عن الشخص الذي استُهدف، إلا أنه من المتوقع أن يكون من "الذئاب المنفردة" التابعة للتنظيم والتي تتحيّن الفرص لتنفيذ عمليات.
وكان "داعش" قد تبنّى عملية تفجير استهدفت، يوم الأربعاء الماضي، سيارة عسكرية بالقرب من مخفر لقوى الأمن الداخلي في حي برزة شمال شرقي العاصمة دمشق، والذي أدى إلى مقتل 3 عناصر، وإصابة آخرين.
هجمات مستمرة في البادية السورية
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس أنه أحصى منذ مطلع مايو/أيار الحالي 4 عمليات لتنظيم داعش في البادية السورية، أسفرت عن مقتل 17 شخصا بينهم مدنيون وعسكريون من قوات النظام. وبيّن أن هجمات التنظيم في مناطق سيطرة "قسد" لا تزال مستمرة، مشيرا إلى أنه أحصى 4 عمليات تمت على حواجز أمنية تابعة لـ"قسد" أسفرت عن مقتل وإصابة 3 مدنيين في دير الزور والرقة.
أحصى المرصد السوري منذ مطلع مايو/أيار الحالي 4 عمليات لتنظيم داعش في البادية السورية
وخلال السنوات الماضية، شنّ التنظيم العديد من العمليات والهجمات ضد أرتال لقوات النظام والمليشيات المحلية والإيرانية التي تساندها، ما دفعها للقيام بحملات عسكرية في عدة مناطق داخل البادية، إلا أن هذه الحملات لم تُجدِ في الحد من نشاط التنظيم الذي لا توجد معلومات يمكن الركون عليها لعدد عناصره في البادية أو مستوى تسليحه.
وأوضح مدير مركز "الشرق نيوز" فراس علاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "نشاط التنظيم لم يتوقف خلال السنوات الماضية"، مبيناً أن هذا التنظيم "موجود في البادية السورية على شكل مجموعات صغيرة وعلى الحدود السورية العراقية شمال نهر الفرات داخل مناطق سيطرة قسد". وتابع: "التنظيم موجود في منطقة خطرة جنوب شرقي الحسكة شمال غرب دير الزور في منطقة يطلق عليها محلياً اسم أوتوستراد الخرافي".
وبيّن أن التنظيم "يستغل أي فرصة لشن هجمات، سواء ضد من يعتبرهم عملاء لقسد، أو ضد قوات النظام والمليشيات الرديفة له"، مضيفا: "استراتيجية التنظيم في الوقت الراهن تقوم على الهجمات المنفردة المباغتة والسريعة". كما أوضح أن التنظيم "يهدف من وراء هجماته للسطو على قوافل النفط أو أطراف المدن أو الشاحنات من أجل استمرار التمويل، ويشن هجمات بمجموعات محدودة بأسلحة خفيفة".
دور النظام السوري
وفي السياق، أوضح الناشط الإعلامي فواز المرسومي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "وجود التنظيم في ريف دير الزور الشرقي شمال نهر الفرات والواقع تحت سيطرة "قسد" محدود ولا يشكل خطورة على المنطقة"، مشيرا إلى أن "هناك مجموعات تعمل لصالح النظام تحت غطاء التنظيم، خصوصاً في منطقة ذيبان".
المرسومي: هناك مجموعات تعمل لصالح النظام تحت غطاء التنظيم، خصوصاً في منطقة ذيبان
وتابع: "كل الأهالي يعرفون هذه الحقيقة، وهذه المجموعات مرتبطة بالأجهزة الأمنية التابعة للنظام بهدف ضرب الاستقرار وتمهيد الطريق أمام قوات النظام للعودة إلى المنطقة". وأوضح أن هجمات التنظيم في ريف دير الزور شمال النهر "لا تتعدى استهداف حاجز لقوات سوريا الديمقراطية من مسافات بعيدة بين وقت وآخر"، مضيفا: "نشاط التنظيم الأكبر في ريف دير الزور الشرقي جنوب نهر الفرات والواقع تحت سيطرة النظام والمليشيات الإيرانية، انطلاقاً من مراكز هذا التنظيم في البادية السورية".
وتلقّى تنظيم داعش ضربة جديدة مطلع الشهر الحالي، إذ لقي زعيمه أبو حسين القرشي حتفه بعملية شنتها تركيا في قرية مسكنة التابعة لناحية جنديرس في ريف عفرين شمال غربي حلب.
ويعد أبو حسين القرشي رابع زعيم لتنظيم "داعش" يلقى مصرعه في سورية بعد الزعيم الأول لـ"داعش" أبوبكر البغدادي والذي قُتل في عملية إنزال أميركية في أكتوبر/تشرين الأول 2019، حيث كان يختبئ في ريف إدلب. كما قتل الأميركيون في فبراير/شباط 2022 خليفة البغدادي، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، في عملية جرت في ريف إدلب وأدت إلى مقتل مدنيين "نتيجة تفجير المتشددين شحنة ناسفة أثناء الغارة" وفق تصريحات مسؤولين أميركيين في حينه.
وفي أواخر عام 2022 أعلن تنظيم داعش مقتل زعيمه أبو الحسن الهاشمي القرشي خلال معركة، إلا أنه من المؤكد أنه قتل في ريف درعا في اشتباك مع فصائل محلية معارضة.