كشفت وزارة الداخلية العراقية، الخميس، عن توجه لفتح مكاتب لتسجيل الأسلحة في كلّ محافظات البلاد، في خطوة تهدف إلى حصر السلاح المنفلت خارج سلطة الدولة، مؤكدة أن خطتها ستكون ضمن جدول زمني محدّد، في وقت عدّ مختصون الخطة "غير عملية".
ويُعدّ السلاح المنفلت في العراق واحدة من أخطر مشكلات البلاد، لما له من تأثيرات كبيرة على الأمن المجتمعي. ومنذ عام 2005 وحتى اليوم، رفعت الحكومات العراقية شعار "حصر السلاح بيد الدولة"، فيما لا يبدو أن هناك خطوات فعالة لتنفيذه.
وتعهد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ضمن برنامجه الحكومي بإنهاء ظاهرة السلاح المنفلت خارج نطاق المؤسسات الرسمية والشرعية للدولة، وهو التحدي الذي أثيرت شكوك سياسية حول قدرته على الوفاء به. وأخيراً، شكلت وزارة الداخلية العراقية لجنة وطنية دائمة لتنظيم الأسلحة وحصرها بيد الدولة.
وأمس الخميس، نظمت اللجنة مؤتمراً بحضور وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، والعديد من رؤساء الجامعات العراقية الحكومية والأهلية، وعمداء كليات القانون، ووكيل الوزارة لشؤون الشرطة، وعدد من القادة والضباط، بهدف التوعية، والتثقيف، وتقديم إحاطة حول إجراءات وزارة الداخلية بهذا الشأن.
وأكد الوزير، في كلمة له، أنّ "الوزارة ستقوم بفتح مكاتب لتسجيل الأسلحة في كلّ محافظات البلاد"، مبيّناً أنّ "عملية حصر السلاح ستكون ضمن جدول زمني مدروس".
وشدد على "أهمية حصر السلاح بيد الدولة، ولا سيما أنّ العراق تعرّض لفقدان وسرقة الكثير من الأسلحة خلال الحروب التي مرّت عليه، من قبل ضعاف النفوس"، مشيراً إلى أن "هذه الأسلحة أصبحت عند العديد من الأشخاص خارج الدولة".
وأضاف أنّ "الحكومة عازمة ضمن برنامجها، على تسجيل الأسلحة الخفيفة، وأن تكون معلومة لدى الدولة، وضبط الأسلحة المتوسطة والثقيلة"، مشدداً على "ضرورة تعاون كلّ الفئات المجتمعية من مثقفين، وأكاديميين، وشيوخ عشائر، ووجهاء، لحصر السلاح بيد الدولة".
ولا يوجد إحصاء رسمي بعدد قطع السلاح الموجودة داخل المجتمع العراقي، لكن التقديرات تتحدّث عن أرقام متفاوتة بالعادة بين 13 و15 مليون قطعة سلاح متوسط وخفيف، أبرزها بنادق كلاشنيكوف، و"بي كي سي"، و"آر بي كي" الروسية، إلى جانب مدافع "هاون" وقذائف "آر بي جي" التي باتت تُستخدم أخيراً بكثرة في النزاعات القبلية جنوبي ووسط البلاد.
وفي هذا السياق، قلّل الباحث بالشأن العراقي علي الحديدي، من أهمية خطوات الحكومة بحصر السلاح المنفلت، وقال لـ"العربي الجديد"، إنّ "ما تقوم به وزارة الداخلية مجرد حملات إعلامية ووعود بتنفيذ خطط طويلة الأمد بهذا الاتجاه"، معتبراً أنّ "ما تحدث عنه الوزير، وما تقوم به الوزارة لا يمثلان أي خطوة فعلية حقيقية لحصر السلاح".
وأشار إلى أنّ "خطة الداخلية بتأسيس مكاتب لحصر السلاح، ومن ثم دعوة المواطنين لتسجيل أسلحتهم، ما هما إلا إضاعة للوقت، وتسويف للملف"، مشدداً على أنه "من الواضح أن قضية السلاح المنفلت، وخاصة لدى الجماعات المسلحة، هو أكبر من قدرة الحكومة على محاولة حصره".
وتملك غالبية هذه الأسلحة المليشيات والجماعات المسلّحة، إلى جانب العشائر، بينما يحرص العراقيون على امتلاك قطع سلاح داخل منازلهم كإحدى ثقافات ما بعد الغزو الأميركي للبلاد، وانعدام الأمن، واضطرار العراقيين للتفكير بالدفاع عن أنفسهم من اللصوص والاعتداءات المتوقعة.