ختام مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني: شي زعيم أوحد

22 أكتوبر 2022
يتوقع التمديد غداً على ولاية رئاسية ثالثة لشي جين بينغ (Getty)
+ الخط -

أسدل الستار، اليوم السبت، في العاصمة بكين، على مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني الذي استمر أسبوعاً كاملاً. وشهد اليوم الختامي إقرار تعديلات جديدة على ميثاق الحزب تتضمن تكريس دور الرئيس شي جين بينغ، باعتباره الزعيم الملهم والشخصية المحورية في الحزب والدولة، الأمر الذي اعتُبر إقراراً ضمنياً بموافقة إجماع المندوبين على تمديد ولاية شي لفترة ثالثة، والذي من المتوقع أن يتم إعلانه غداً الأحد.

أيضاً شهد اليوم الأخير الذي نُقلت وقائعه على الهواء مباشرة، بخلاف الفعاليات والاجتماعات السابقة التي جرت خلف أبواب مغلقة، انتخاب لجنة مركزية جديدة ستقود البلاد خلال الخمس سنوات المقبلة.

وكان لافتاً خلو قائمة الأعضاء التي نشرتها وكالة أنباء شينخوا التي تديرها الدولة، من أربعة أسماء من اللجنة الدائمة للمكتب السياسي- أعلى هيئة لصنع القرار في الصين، هم: رئيس الوزراء لي كه تشيانغ (67 عاماً)، ورئيس مجلس نواب الشعب الصيني لي تشان شو (72 عاماً)، ورئيس المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني وانغ يانغ (67 عاماً)، ونائب رئيس مجلس الوزراء هان تشنغ (68 عاماً).

ويعني ذلك أنّ الأعضاء البارزين الذين شغلوا مراكز حساسة في الدولة خلال العقد الماضي في طريقهم نحو التقاعد، على الرغم من أنّ ثلاثة منهم تقلّ أعمارهم عن 69 عاماً، وهو معيار السن الذي حدده الحزب لتقاعد أعضائه، في حين أنّ الرئيس الصيني نفسه قد بلغ، في يونيو/حزيران الماضي، 69 عاماً، الأمر الذي دفع محللين إلى الاعتقاد بأنّ قرار استبعاد الأعضاء الأربعة ينطوي على مآرب شخصية لشي، تتعلّق برغبته في إحاطة نفسه بمجموعة من الأعضاء الموالين له تماماً خلال فترة حكمه الثالثة.

إخراج الرئيس الصيني السابق رغماً عنه

وفي حادث غير مألوف في مؤتمر للحزب الشيوعي الصيني، اقتيد الرئيس الصيني السابق هو جينتاو إلى خارج القاعة رغماً عنه.

ولم توضح وسائل الإعلام الحكومية ما حدث في هذا المشهد الذي تابعه وصوره صحافيو وكالة "فرانس برس".

ويبدو أنّ أي إشارة في الفترة الأخيرة إلى اسم الرئيس السابق على الإنترنت تخضع للرقابة.

وطلب موظفون من هو جينتاو الذي ترأس الصين من 2003 إلى 2013 ويعد إصلاحياً، أن ينهض من مقعده المجاور لمقعد الرئيس شي جين بينغ في الصف الأول في قاعة قصر الشعب.

وحاول موظف اقتياد الرئيس السابق البالغ من العمر 79 عاماً من ذراعه، لكنه رفض. وحاول الموظف رفعه من مقعده، لكن الرئيس السابق أصر على المقاومة.

وحاول هو جينتاو أن يأخذ معه وثائق كانت على طاولته وتعود على ما يبدو إلى الرئيس، لكن شي جين بينغ تمسّك بها.

تلت ذلك محادثة استغرقت دقيقة بين هو جينتاو والموظف.

واقتنع هو بالرحيل رغماً عنه على ما يبدو. وقد واكبه الموظف ممسكاً بذراعه حتى المخرج، تاركاً مقعداً شاغراً بالقرب من شي جين بينغ.

ولم يصدر أي تفسير رسمي، بينما لم ترد السلطات الصينية على أسئلة وكالة فرانس برس في هذا الشأن.

وعندما كان واقفاً، أجرى هو جينتاو حواراً قصيراً مع شي جين بينغ الذي رد من دون أن ينظر إليه، ومع رئيس الوزراء لي كه تشيانغ، الذي ربت بطريقة ودية على كتفه. ولم يحرك الحضور ساكناً.

ومن المقرر أن تعقد اللجنة المركزية المشكّلة حديثاً والمكونة من أكثر من 300 عضو، أول اجتماع لها غداً الأحد، للمصادقة على القائمة النهائية بصورة رسمية.

وسيشهد الاجتماع أيضاً الإعلان عن التسلسل الهرمي لقيادة الحزب، بما في ذلك أعضاء المكتب السياسي المكوّن من 25 عضواً، بما في ذلك لجنته الدائمة المكونة من سبعة أعضاء يمثلون أعلى هيئة قيادية، من بينهم الأمين العام للحزب الذي يشغل منصب رئيس البلاد، ورئيس اللجنة العسكرية المركزية.

وسيتم في شهر مارس/آذار المقبل، الإعلان عن المراكز والمناصب الحكومية الرئيسية في الدولة، وذلك خلال انعقاد مجلس نواب الشعب الصيني (البرلمان).

وجوه من الموالين

في تعليقه على التغييرات الجديدة التي أقرّها الحزب الشيوعي، قال أستاذ الدراسات السياسية في جامعة سوتشو، ليو بينغ، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ استبعاد رئيس الوزراء لي كه تشيانغ من قائمة أعضاء اللجنة المركزية، "يؤكد نوايا شي في استبعاد أي منافسة محتملة من التشكيلة الجديدة، على اعتبار أنّ لي كان نداً شرساً للرئيس خلال العقد الماضي، فضلاً عن تمتعه بحاضنة شعبية وكاريزما قوية جعلته مرشحاً بقوة خلال السنوات الماضية لاستلام الحكم بعد شي، لولا التعديل الدستوري الذي ألغى تحديد ولاية الرئيس بفترتين".

وأضاف أنّ "معيار السن لم يكن صارماً على أي حال، نظراً لاستمرار أعضاء في اللجنة المركزية تجاوزت أعمارهم 70 عاماً ومازالت أسماؤهم في القائمة الجديدة، مثل: نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية تشانغ يو شيا الذي يبلغ من العمر 72 عاماً".

وعن الإقرار الخاص بتكريس سلطة شي، قال الأستاذ المقيم في تايوان: "كان ذلك متوقعاً، وقد جرى بصورة تظهر ديكتاتورية الحزب، إذ صوّت المندوبون برفع الأيدي في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة بكين على مرأى من وسائل الإعلام، وهو مشهد يعيد الذاكرة إلى اجتماعات الحزب التي كان يرأسها الزعيم الراحل ماو تسي تونغ، في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، إذ كان يجري التصويت على قرارات هامة بنفس الطريقة"، بحسب بينغ، والتي اعتبرها "توريطاً للمندوبين، لأنّ أحداً منهم لا يجرؤ على المجاهرة بالمعارضة".

قيادة شابة

على جانب آخر، قال الباحث في معهد الدراسات السياسية في جامعة جينان الصينية، شياو لونغ، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ التعديلات الجديدة "تعكس حكمة الرئيس شي جين بينغ، وحرصه على تجديد دماء الحزب بقيادات شابة قادرة على إدارة البلاد في ظل التحديات الكبيرة المتمثلة في القوى الرأسمالية التي تقودها الولايات المتحدة" لاحتواء الصين، ومحاولة الحد من طموحاتها السياسية والاقتصادية.

وأضاف أنّ الحديث عن إقصاء مقصود لبعض الأعضاء "مجرّد ادّعاء، لأنّ قائمة الذين خرجوا من التشكيلة الجديدة تضم أيضاً نائب رئيس الوزراء وكبير الدبلوماسيين يانغ جيتشي (72 عاماً)، وهو شخصية مقربة من الرئيس الحالي، ومع ذلك نظراً لاعتبارات السن، من المقرر أن يتقاعد، ليحلّ مكانه شخص آخر" (توقّع أن يكون وزير الخارجية الحالي وانغ يي).

وتابع: "عادة ما ترافق مؤتمرات الحزب الكثير من التقارير والتحليلات المغرضة، بهدف التشويش على سير أعمال المؤتمر وافتعال الأزمات"، غير أنّ الحزب قادر، بحسب قوله، على "المضي قدماً خلف زعيم البلاد شي جين بينغ، للعمل معاً من أجل تحقيق هدف المئوية الثانية للحزب المتمثل في بناء دولة اشتراكية حديثة ومزدهرة بحلول عام 2049".