دقّ خبراء أمميون مستقلون، معنيون بمسألة حقوق الإنسان، خلال الشهر الحالي، جرس إنذار جديد، محذرين من تراجع أوضاع حقوق الإنسان الدولية، والتي ترتكز على القانون الدولي، وذلك في رسالة مفتوحة إلى الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومقرّه جنيف.
قوانين حقوق الإنسان الدولية في خطر
ودعا الخبراء، وعلى رأسهم المقرّرة الأممية الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، إلى أن توقف كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وأن تكّف عن تقديم الدعم السياسي أو المعنوي، أو منح الدعم العسكري والاقتصادي، للتصرف من قبل دول أو جهات من غير الدول، بما يتضمن خروقات للقانون الإنساني الدولي، ولقوانين حقوق الإنسان الدولية، بعضها يرقى إلى خروقات خطيرة لاتفاقيات جنيف الموقعة عام 1949 (المتعلقة بحماية المدنيين أوقات الحروب)، وإلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
خبراء أمميون: أحداث عدة حول العالم تهدد بتقويض إمكانية التطبيق العالمي لقواعد دولية أساسية لحماية المدنيين
وتضمنت الرسالة، التي وقّع عليها أيضاً 17 خبيراً أخيراً غير ألبانيز، يخدمون في مجالات تحقيق ورصد واستشارة عدة بتكليف من مجلس حقوق الإنسان الأممي، ومؤرخة بتاريخ 9 يناير/كانون الثاني الحالي، تنبيهاً بأن أحداثاً عدة تجري حول العالم، لم تعدّدها الرسالة أو تأت على ذكر أي منها بالتحديد، فضلاً عن ردّ فعل دول فاعلة عليهم، تشكل "أطرافاً دولية ثالثة"، تهدد بتقويض إمكانية التطبيق العالمي لقواعد دولية أساسية، لحماية المدنيين، وحقوقهم الإنسانية الأساسية، وذلك على نحو مميت، ومعه مصداقية التفويضات التي منحت لهؤلاء الخبراء للبحث والتحري والعمل في دول عدة.
ازدياد الخرق منذ "الحرب على الإرهاب"
ويتحدث الخبراء، في رسالتهم، عن تآكل وتراجع مثير للقلق، تدريجي ومستمر، للمعايير الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، والتي أمكن رصدها في صراعات عدة حول العالم خلال العقدين الماضيين، وخصوصاً منذ إعلان (الولايات المتحدة وحلفائها) "الحرب على الإرهاب".
لكن بحسب الخبراء، فإن مجموعة من الصراعات المسلّحة الدائرة في الفترة القريبة، تهدد بالقضاء بشكل تام على أنظمة حماية ومعايير احتاجت إلى عقود طويلة لوضعها موضع التنفيذ.
وشدّد الموقعون على أنهم يجدون أنفسهم مجبرين على تذكير الدول الأعضاء في المنظمة الدولية، بأهم هذه المعايير الأساسية التي "علينا جميعاً احترامها وضمان احترام الآخرين لها".
وذكّر الخبراء في هذا الإطار، بأن "العقاب الجماعي، والهجمات والاستهدافات العشوائية التي تطاول المدنيين، والمنشآت والأطقم الطبية، والمراكز الدينية والسكنية، والأسواق، والمقرات التربوية، كما إخلاء المدنيين والتهجير القسري، وأخذ الرهائن، والعنف الجنسي، والسرقة، والتخريب، والتوقيف التعسفي، والاستعباد، كلها ممارسات محرمة في القانون الدولي". كما ذكّرت الرسالة، بأنه "في ضوء أي عملية عسكرية طارئة، أو ادعاء بأن منطقة محدّدة انتهك وضعها المدني، فإن عبء إثبات ذلك، يقع على الجهة التي تنفذ هجوماً عليها وليس على الجهة المعتدى عليها، أي المدنيين".
من ضمن الممارسات غير القانونية، القصف العشوائي للمدنيين وتهجيرهم قسراً وتجويعهم
كما تطرقت الرسالة، التي وقّع عليها أيضاً كل من ريتشارد بينت، المحقق الأممي الخاص المعني بحقوق الإنسان في أفغانستان، وبابلو دي غريف مفوض لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول أوكرانيا، إلى "تجويع شعب، أو حرمانه من الوصول إلى المياه النظيفة، أو المأوى، أو الوقود، أو الدواء"، كممارسات محرمة دولية أيضاً، مشددة على أن أطراف الصراع ملزمون بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية والطبية بالمستويات اللازمة إلى المناطق التي تخضع لسيطرة عسكرية، وأن تضمن الأطراف الثالثة تنفيذ ذلك. كما دعا الخبراء الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى استخدام آليات إصلاح هذا الخلل، ووقف الانتهاكات الحقوقية، المتاحة، بقوة، وبطريقة محايدة.
يذكر أن من الموقعين أيضاً، شاهين سردار علي، عضو في مهمة تقصي الحقائق المستقلة الدولية في إيران، وهاني مجلي مفوض لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسورية، وكارلوس كاستريزانا فرنانديز، مفوض لجنة حقوق الإنسان في جنوب السودان، وإيشا ديفان الخبير المستقل حول وضع حقوق الإنسان في الصومال، ومحمد بابكر المقرر الأممي الخاص المعني بحقوق الإنسان في إريتريا، وفريندا غروفر المفوضة في لجنة تقصي الحقائق المستقلة الدولية حول أوكرانيا، وسارة حسين عضو لجنة تقصي الحقائق المستقلة الدولية المعنية بإيران، وميلون كوثري عضو لجنة التحقيق المفوضة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، والأراضي المحتلة عام 1948.
(العربي الجديد)