- مصر والولايات المتحدة تضغطان على حركة حماس لقبول وقف إطلاق النار، وسط تعقيدات المفاوضات والهجوم الإعلامي "الضار" ضد حماس في مصر، مما يعكس التحديات الدبلوماسية.
- الوضع في قطاع غزة يظل متوترًا مع استمرار العمليات العسكرية والضربات الإسرائيلية، وتواجه الجهود الدبلوماسية لتحقيق هدنة إنسانية تحديات كبيرة بسبب مواقف الأطراف المتحاربة والضغوط الدولية.
جرت اتصالات لحث القاهرة على ممارسة ضغوط على حركة حماس والمقاومة
اجتماع أميركي مصري قطري إسرائيلي في القاهرة لدفع المفاوضات
تسعى واشنطن لقطع الطريق أمام محاولات إيران التصعيد في المنطقة
كشفت مصادر مصرية مطلعة على تحركات القاهرة بشأن ملف الوضع في قطاع غزة، اليوم الجمعة، عما وصفتها بـ"ضغوط" من جانب الإدارة الأميركية، من أجل التوصل إلى هدنة "إنسانية" عاجلة في قطاع غزة، خلال أيام عيد الفطر، مشيرة إلى أن هناك ما يمكن وصفه بـ"التحول النوعي" في موقف إدارة بايدن، منذ قتل الجيش الإسرائيلي، عمال الإغاثة الأجانب الأسبوع الماضي.
وقال مصدر مصري، لـ"العربي الجديد"، إن "المدير العام لوكالة الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز سيصل إلى القاهرة خلال الساعات المقبلة، لعقد اجتماع بحضور رئيس المخابرات العامة المصري اللواء عباس كامل، ورئيس جهاز الاستحبارات الإسرائيلي (الموساد) ديفيد برنيع، ورئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار، بحضور رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في ظل ضغط أميركي كبير على الحكومة الإسرائيلية، في أعقاب واقعة استهداف فريق الإغاثة الأجنبي، من أجل التوصل لاتفاق هدنة في قطاع غزة، يساهم في إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين.
وقال المصدر إنّ "اتصالات مصرية أميركية جرت خلال الساعات الماضية، بهدف حثّ القاهرة على ممارسة ضغوط على حركة حماس والمقاومة في قطاع غزة، من أجل التراجع عن موقفها بشأن الطروحات الخاصة بالتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في الوقت الراهن".
وليل الاثنين الثلاثاء، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي سيارة تابعة لمنظمة المطبخ العالمي المركزي في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة ما أدى إلى سقوط سبعة شهداء، وفق المنظمة من أستراليا وبولندا والمملكة المتحدة، وأحدهم يحمل الجنسيات الأميركية والكندية والفلسطينية.
قطع الطريق أمام محاولات التصعيد الإيرانية
وبحسب المصدر، فإنّ "الإدارة الأميركية تسعى لقطع الطريق أمام محاولات التصعيد الإيرانية في المنطقة، بعد استهداف مسؤوليها في دمشق، إذ تعمل إدارة بايدن على تبريد الساحة بهدنة إنسانية على أقل تقدير خلال عيد الفطر، يمكن أن تعتبر عتبة لاتفاق أوسع، حال تراجع الطرفين عن موقفيهما بشأن آخر تصورات الحل المطروحة".
وأوضح المصدر أن "مسؤولين إسرائيليين، ألمحوا خلال محادثات جرت مؤخراً في القاهرة، لوفد إسرائيلي ضم ممثلين عن الشاباك والموساد والجيش، إلى عدم ممارسة كل من مصر وقطر، ضغوطاً كافية على حركة حماس، من أجل دفعها للموافقة على الطروحات الحالية"، مشيراً إلى أن "الجانب الإسرائيلي، تحدث بأن الموقفين المصري والقطري يساهمان في تقوية شوكة حماس في المفاوضات".
وأمس الخميس وصف الرئيس الأميركي جو بايدن، في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الضربات الإسرائيلية ضد العاملين في المجال الإنساني والوضع الإنساني العام في غزة بأنها "غير مقبولة"، وحث نتنياهو على "التوصل إلى اتفاق دون تأخير" من أجل "وقف فوري لإطلاق النار"، وفق بيان البيت الأبيض.
هجوم على حماس بعد ردها على مقترح بلور بعد زيارة وفد إسرائيل للقاهرة
وتجدر الإشارة إلى أنّ حركة حماس تعرضت خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية لهجوم "ضار" في الإعلام المصري، في تطور نوعي منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فيما رجح مصدر في حماس علاقة ذلك الهجوم برد الحركة الأخير على التصور الذي تمت بلورته عقب زيارة الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة، والذي رأت الحركة أنه "لا يحمل جديداً".
وفي السياق، قال المتحدث الرسمي باسم حركة حماس، جهاد طه، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد": "لا شك أنه بعد الفشل الذريع للاحتلال في تحقيق أهداف العدوان على شعبنا ومقاومته وذلك بفعل صمود وتضحيات شعبنا ومقاومته الباسلة، يحاول الاحتلال استهداف الساحة الفلسطينية الداخلية بمشاريع ومخططات وبث البيانات والأخبار الكاذبة المضللة التي هدفها شق الصف الفلسطيني".
وأضاف طه أنّ "هذا يأتي في سياق حالة العجز للاحتلال والتخبط والانقسامات داخل الكيان الصهيوني للخروج من الأزمة الداخلية"، مؤكداً أن "كل هذه المحاولات ستبوء بالفشل بفعل حالة الوعي والتماسك التي برهن عنها شعبنا ومقاومته في إفشال هذه المخططات".
بدوره قال نائب المركز العربي للدراسات السياسية، مختار الغباشي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك مبدأ أساسياً وهو أن من يحارب إسرائيل في قطاع غزة، مقاومة كاملة بتنويعاتها، وحماس إحدى الأضلاع الأساسية فيها، لكن هناك آخرين داخل قطاع غزة".
وأضاف الغباشي أن "المفاوضات بدأت بالإفراج عن الكل مقابل الكل بما فيه الجثث والرفات لدى المقاومة الفلسطينية، وهذا كان أمراً مرفوضاً لدى إسرائيل، لأنه من المعلوم أن لدى إسرائيل أكثر من 8 آلاف فلسطيني، بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، بخلاف 6 آلاف كانوا موجودين قبل ذلك، كما أن إسرائيل تحفظت بشدة على شرط حماس الإفراج عن الأسرى الكبار مثل مروان البرغوثي، وعبد الله البرغوثي، وأحمد سعدات، وغيرهم من هذه الشخصيات، ذوي الأحكام العالية، ودارت مفاوضات ما بين الجانبين تراوحت ما بين العروض من قبل المقاومة الفلسطينية، وما بين عروض من قبل إسرائيل، والإشكالية هي الفترة الزمنية، والتعهد بإيقاف إطلاق النار نهائياً، والانسحاب العسكري الإسرائيلي، ورجوع النازحين أو اللاجئين داخل قطاع غزة من الجنوب إلى الشمال، وغيرها".
من ناحيته، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي، محمد سيد أحمد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "مسار مفاوضات محكوم عليه بالفشل، لأن العدو لا يعترف بحماس، وحماس أيضاً لديها هذه العقيدة المقاومة في الصراع مع العدو الصهيوني، باعتباره صراع وجود وليس حدوداً، وبالتالي فكرة المفاوضات كلها عبارة عن مناوشات وكل فريق من الفريقين لديه أوراق ضغط، فالمقاومة قادرة على دخول حرب استنزاف طويلة، وهذا ليس في صالح الجيوش النظامية كالجيش الصهيوني، وهي تتحرك تحت الأرض وترى أهدافها بوضوح وتوجه ضربات قاصمة، في حين أن العدو الصهيوني لم يستطع إلا هدم المعبد على ما فيه، لأنه يوجه ضرباته للمدنيين وللشعب ويقوم بهدم الحجر والقضاء على البشر، اعتقاداً منه بأنه يقضي بذلك على المقاومة وحركة حماس باعتبارها جزءاً من الشعب".
ورأى أنّ "العدو الصهيوني الآن في مأزق شديد ولا يستطيع أن يحقق أي نجاحات لأن وضعه صعب أمام الداخل الإسرائيلي".