حملة انتخابية رئاسية في تونس بمرشحَين وسجين

16 سبتمبر 2024
تنطلق الانتخابات الرئاسية التونسية في أكتوبر المقبل، بنزرت 4 فبراير 2024 (حسن مراد/UCG)
+ الخط -

رغم أن الحملات الانتخابية داخل تونس للمرشحين إلى الانتخابات الرئاسية، المقررة في 6 أكتوبر/تشرين الأول القادم، انطلقت منذ يوم الجمعة الماضي إلا أنها ما زالت هادئة وباهتة بحيث لا يشعر بها المواطن التونسي كما يصفها مراقبون، ولكنهم يرجحون أنها قد تكون مثيرة للجدل في الأيام القادمة.

ووافقت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على ثلاثة مترشحين فقط، وهم العياشي زمال (موقوف بالسجن فيما يعرف بقضية التزكيات)، والأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، والرئيس الحالي قيس سعيد. ورغم استبعادهم من قبل الهيئة قرر بعض المترشحين الذين أنصفتهم المحكمة الإدارية القيام بحملتهم الانتخابية كالمترشح عماد الدايمي. 

من جهة أخرى، أثار البيان الانتخابي لقيس سعيد، أمس الأحد، ردوداً عدة وجدلاً واسعاً، خاصة أنه هاجم خصومه بشدة، واصفاً إياهم بـ"الأبواق المسـعورة المأجورة"، وأن "مصيرهم الطبيعي هو التبخـر والاندثار"، وتناول البيان المظاهرات الأخيرة مشيراً إلى أنها "جمعت بين من يدعون لتطبيق الشريعة ومن يدعون للمثلية الجنسية".

وأكد مدير حملة العياشي زمال الانتخابية، رمزي جبابلي في تصريح لـ"العربي الجديد" أنهم "انطلقوا في الحملة الانتخابية بعد إتمام الجوانب القانونية وكل ما له علاقة بهيئة الانتخابات، وسيكون لديهم مؤتمر صحفي، في وقت لاحق اليوم الاثنين، للإعلان عن الخطوط العريضة للبرنامج الانتخابي، إلى جانب التنقل داخل الجهات وتحضير الجانب اللوجستي".

ولفت إلى "أنهم برمجوا لقاءات عدة وزيارات ميدانية للتعريف بالبرنامج الانتخابي لمرشحهم"، مضيفاً انه على الرغم من وجود الزمال في السجن إلا أن "برنامجه سينفذه فريق عمل، فالفريق هو الذي يدير الحملة الانتخابية، وقد تم التحضير لهذا البرنامج مسبقاً" مؤكداً أن "الحملة ستكون مواطنيّة وهناك تقريباً 14 ألف مُزكٍّ، والعديد منهم في الجهات وبالتالي سيسهرون على سير الحملة".

وقال القيادي في حركة الشعب ومدير حملة زهير المغزاوي، عبد الرزاق عويدات لـ"العربي الجديد" إن "الحملة انطلقت ببرنامج انتخابي وكتيّب سيصدر في وثيقة تضم البرنامج، وهناك جولة في محافظات عدة، شملت حالياً الكاف وجندوبة وبوسالم والقيروان وزغوان، وستكون لهم أيضاً زيارات إلى عدة محافظات ومدن أخرى في تونس مثل باجة ونفزة وطبرقة"، مؤكداً أنهم "بصدد تقديم الأفكار والتصورات لمرشحهم في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والغاية رؤيا شاملة للتغيير الذي يجب أن يحصل في تونس"، مشيراً إلى أنهم "سيقدمون البرنامج الانتخابي للمرشح إلكترونياً".

وأضاف المغزاوي أن "هناك صعوبات تتعلق بسقف الإنفاق وهو محدود جداً لحملة رئاسية، بمعدل 16مليماً عن كل ناخب (أي ما مجموعه نحو 150 ألف دينار تونسي أي 50 ألف دولار)، مؤكداً أنه في انتخابات 2019  كان سقف التمويل مفتوحاً، ولكن التمويل الحالي يعد تضييقاً على المترشحين"، مؤكداً أن هناك "إشكاليات حقيقية، فكل تحرك من طعام وماء وتنقل له كلفة ومهما تم ضغط المصاريف فقد يجد المترشح أنه تجاوز سقف تمويل الحملة وهذا يطرح تساؤلات عدة".

وقرر المترشح عماد الدايمي، الذي أنصفته المحكمة الإدارية، خوض الحملة رغم استبعاده من قبل هيئة الانتخابات، وتوجه بكلمة في فيديو نشره على صفحته في فيسبوك بمناسبة انطلاق الحملة الانتخابية أكد خلالها أنه "في كل مرة يتم تقديم مرشح على أنه المنقذ لتونس، ولكنها خسرت لسنوات بسبب الجدل الفارغ والحلول الوهمية، ما جعل المشاكل والديون تتراكم والأمن الغذائي مهدداً والوضع الطاقي صعباً، وبالتالي فإن الوقت يمر ولا مجال لإضاعة المزيد منه في المؤامرات والتشكيك"، مؤكداً أن "الوضع يتطلب الانطلاق الفوري في أجندة إصلاحات كبرى تنفذ خلال خمس سنوات من خلال رئيس منتخب وفريق ذو كفاءة". مضيفاً أن "الشعب هو الفيصل والحكم كما يحصل في كل الدول الديمقراطية التي تحترم نفسها" مؤكداً أنه "رغم الإقصاء قرر خوض الحملة الانتخابية لمخاطبة التونسيين والقيام بحملة نموذجية تتضمن رؤيا وإصلاحات لرفع مستوى النقاش والتوعية".

ويرى المحلل السياسي، ماجد البرهومي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "انطلاقة الحملة هادئة وباهتة، إذ نكاد لا نشعر بها"، مضيفاً أنه "ينتظر أن تحصل تطورات مع بداية هذا الأسبوع لأنه إلى حد الآن كأننا لسنا أمام انتخابات رئاسية، رغم أن التونسي يهتم بالانتخابات الرئاسية أكثر من أي انتخابات أخرى"، مشيراً إلى أنه "بسبب موروث قديم فالتونسي يعتبر أن الرئيس بيده الحل والربط، وهو قادر على تغيير وضع البلاد، وهذا قد يكون صحيحاً لو كنا في نظام رئاسوي"، موضحاً أن تونس عاشت "مع نظام الرئيس الأب مع الراحل الحبيب بورقيبة ونظام الرئيس القوي مع الراحل بن علي وبالتالي فإن ما تم توارثه هو فكرة أن الرئيس هو الكل".

وأشار البرهومي إلى أنه "ليس هناك نفس الحظوظ لجميع المترشحين وهذا يمس بالمعايير الدولية للمساواة في الحملة الانتخابية للمترشحين، حيث أن أحد المترشحين موقوف بالسجن وهذا يقلل من نزاهة وشفافية الانتخابات"، مشدداً على أنه "لا بد من توفير الحد الأدنى من المنافسة النزيهة بين جميع الأطراف وهذا مهم لنجاح الانتخابات، ولكن إلى حد الآن لا تبدو الأمور مشجعة".

وحول الحملة التي يخوضها من رفضته هيئة الانتخابات بيّن أن "هناك إشكالاً حقيقياً في هذا المجال بين المحكمة الإدارية والهيئة، وبالتالي فإن هذه الحملة هي فقط لإحراج هيئة الانتخابات وفرصة للتعبير، ولكن (المرفوضين من قبل الهيئة) غير قادرين عملياً على خوض التجربة لأن المسألة حسمت".

المساهمون