أفادت السلطات الأمنية العراقية، اليوم الثلاثاء، بتنفيذ سلسلة اعتقالات استهدفت أفراداً وصفتهم بأنهم "يروجون" لحزب البعث المحظور في البلاد بعد الغزو الأميركي للعراق في عام 2003.
تعتبر هذه الاعتقالات الجديدة الثانية من نوعها خلال هذا العام، حيث طاولت هذه المرة مراهقين، اتهموا بتمجيد حزب البعث والتعبير عن إعجابهم بالحقبة السابقة.
وأعلن جهاز الأمن الوطني، اليوم الثلاثاء، عن اعتقال 24 شخصاً بتهمة الترويج لحزب البعث المحظور. وأشار بيان الجهاز إلى أنه "استناداً إلى معلومات استخبارية دقيقة حول نشاطات ترويجية لحزب البعث المحظور في مناطق مختلفة من العراق، قامت مفارز جهاز الأمن الوطني بحملة واسعة لمتابعة الموضوع والتحري عن المتورطين".
وذكر الأمن الوطني أن "الحملة بدأت في محافظة كركوك ومن خلال الجهد الاستخباري وتعاون المواطنين في الإبلاغ عنهم توصلت المفارز إلى 13 متهماً ممن لديهم انتماءات ونشاطات ترويجية لحزب البعث المنحل، ما أدى إلى الإطاحة بهم واحداً تلو الآخر، وشملت محافظات (الأنبار، وبغداد، وكربلاء، ونينوى) بعد أن كثفت المفارز من جهودها الميدانية ليتم الاستدلال عنهم والقبض على 11 متهماً خلال ساعات قليلة بعد ظهور أفراد منهم في مقاطع مصورة تتضمن التمجيد للنظام البائد وقيام آخرين بلصق المنشورات الترويجية المحظورة ببعض الأماكن العامة".
وأشار إلى أن "عمليات إلقاء القبض تمت بناءً على أوامر قضائية وفقاً لأحكام ومواد قانون حظر حزب البعث المنحل رقم 32 لسنة 2016 حيث أُحيل جميع المتهمين إلى الجهات القضائية لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم".
ولم يذكر البيان أعمار أو صفات من تم اعتقالهم، لكن مصدرا أمنيا من بغداد أكد، لـ"العربي الجديد"، أن "معظم المعتقلين بتهمة الترويج لحزب البعث هم من المراهقين الذين تأثروا بحكايا الأشخاص وقارنوا الأوضاع السابقة في العراق بالأوضاع الحالية"، مشيراً إلى أنه "يتم إطلاق سراح بعضهم بكفالة بينما يتم حكم البعض الآخر بسجن لعدة سنوات".
من جهته، قال ناشط سياسي من محافظة النجف، لـ"العربي الجديد"، إن "التشوه الذي طاول العمل السياسي بعد عام 2003، واحتكار الخيرات لصالح الأحزاب وحدها دون الاهتمام بالعراقيين المضحين في المرحلتين، مرحلة صدام حسين، ومرحلة ما بعده، جعلت كثيراً من الشباب يفكرون جدياً بالحكم القوي والنظام المستبد الذي لا يسمح باستغلال الدين والمذهب والقومية لتحقيق مكاسب سياسية".
وأوضح الناشط الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "هؤلاء الشباب وجدوا في نظام صدام وما سمعوه عنه من قصص، أنه أفضل من الوضع الحالي"، مبيناً أن "وجهة النظر هذه باتت سائدة، لأن الأحزاب التي حكمت العراق بعد عام 2003، استغلت العراق والعراقيين أبشع استغلال في سبيل إرضاء إيران والولايات المتحدة، وبلدان أخرى على حساب قوت العراقيين وسيادة بلادهم".
وأشار إلى أن "أعضاء حزب البعث الذين شاركوا في تنظيم الفعاليات أو العمل السياسي قبل عام 2003، أغلبهم خرجوا من العراق، ومن بقي منهم فهم كبار في السن وغير قادرين على إدارة أي نشاط اجتماعي أو سياسي، وهذا معروف لدى الجميع"، مؤكداً أن "السلطات العراقية لا سيما الأحزاب السياسية، لا تزال ترتعب من حزب البعث، رغم عدم تأثيره في أي شيء بالعراق، وذلك لما عاشته هذه الجماعات من ملاحقات إبان نظام صدام حسين".
وأقرّ العراق قانون "اجتثاث البعث" عام 2005، عقب الغزو الأميركي للبلاد، ونصّ عليه الدستور العراقي، وترتبت على أثره إقالة عشرات آلاف العراقيين من وظائفهم، ومصادرة أملاك آلاف آخرين وإحالة قسم للقضاء. إلا أنّ كتلاً سياسية مختلفة وأبرزها "التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر، تواصل المطالبة بتفعيلات جديدة في القانون، وضمان فاعليته بهدف ما تسميه "منع وصول البعثيين إلى البرلمان أو المناصب الهامة".
وتواجه هيئة اجتثاث "البعث"، التي تحوّل اسمها إلى "هيئة المساءلة والعدالة"، اتهامات واسعة بالانتقائية في إصدار أحكام الإقصاء أو الإقالة من المؤسسات والدوائر الرسمية، استجابة لضغوط من قبل قوى مؤثرة على المستوى السياسي.