حماس والجهاد الإسلامي نحو "جبهة موحدة"

28 يوليو 2024
التنسيق بين كتائب حماس والجهاد الإسلامي (فرانس برس)
+ الخط -

أسفرت تداعيات حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزّة عن تكتل فصائل المقاومة الفلسطينية في غزّة على "كلمةٍ سواء"، تمثّلت في "التصدي للعدوان الإسرائيلي"، إضافةً إلى عمل الفصائل على ثلاثة مستويات؛ أولها زيادة الكلفة البشرية والخسائر في آليات جيش الاحتلال الإسرائيلي ومعداته، وثانيها العمل على إفشال أهدافه العسكرية، والنيل من سمعته وقدراته الردعية (بوصفه من أقوى الجيوش في إقليم الشرق الأوسط، ومن أكثرها تطورًا تقنيًا على مستوى العالم). وثالثها تعزيز صمود أهالي غزّة في مواجهة مخططات التهجير، وفي مواجهة صعود أفكار اليمين المتطرف بـ"إعادة احتلال غزّة" واستيطانها، كما يريد عددٌ من وزراء حكومة بنيامين نتنياهو.

إلى ذلك، نجحت "كتائب عز الدين القسّام" (الجناح العسكري لحركة حماس)، بالتعاون مع سرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي) في توظيف أساليب "الحرب غير المتناظرة" (Asymmetric warfare)، عبر استخدام الأنفاق القتالية واللوجستية والإدارية، ومختلف أنواع المدافع المحمولة على الكتف (آر بي جي)، والعبوات الناسفة، وبنادق القنص والكمائن.. إلخ، لمهاجمة جيش الاحتلال في أماكن لا يتوقعها، مع استمرار تماسك منظومة القيادة والسيطرة لدى فصائل المقاومة، وصولًا إلى تحويل المواجهة إلى "حرب استنزافٍ" لتغيير حسابات النصر والهزيمة، وإفشال أهداف جيش الاحتلال، مع استمرار بقاء الفصائل في قطاع غزّة، بأغلب تجهيزاتها، رغم كثافة النيران الإسرائيلية، وإصرار القيادتين السياسية والعسكرية الإسرائيلية على تكثيف المجازر بحقّ المدنيين الفلسطينيين، واستخدامها أداةً تفاوضيةً، بغية إجبار قوى المقاومة الفلسطينية على تلبية شروط الاستسلام، كما يتخيلها نتنياهو وكبار المسؤولين الإسرائيليين.

ويبدو لافتًا في سياق التداعيات الإقليمية للحرب أن تكون تداعياتها على تكتل محور المقاومة أوضح من تداعياتها على إعادة تكتل حركتي حماس وفتح

وعلى الرغم من التداعيات الإيجابية لصمود/استبسال مقاتلي حركتي حماس والجهاد الإسلامي، والنجاح الملحوظ في "التكتل"، وبروز "توزيع الأدوار المدروس" بين الحركتين في استهداف قوات الاحتلال واستنزافها، سواء داخل قطاع غزّة أم في مستعمرات غلاف غزّة، لم تنجح الحالة الفلسطينية العامة بعد في تحقيق أهدافٍ يترقبها الشعب الفلسطيني في ما يخص المشروع الوطني الفلسطيني الأشمل، (من قبيل استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية بين قطاع غزّة والضفّة الغربية، ومعالجة آثار الانقسام السياسي والوطني والمجتمعي كلّها، فضلًا عن إصلاح منظّمة التحرير الفلسطينية واستعادة دورها النضالي السابق، قبل اتّفاق أوسلو.. إلخ).

وعلى الرغم من استمرار الضغوط الأميركية/الإسرائيلية بعد حرب غزّة، لترسيخ أسس الانقسام الفلسطيني وتأبيده، ووضوح المناورات السياسية لواشنطن (عبر طرح أفكار "إصلاح السلطة الفلسطينية"، وتجديد حلم "الدولة الفلسطينية"، والتلويح بورقة تمويل السلطة الفلسطينية أو حجبها، وكذا بناء الرصيف الأميركي العائم قبالة غزّة.. إلخ)، لا يحجب ذلك حقيقة عدم ارتقاء تعاون مختلف الأطراف الفلسطينية لوقف حرب الإبادة، خصوصًا بعد انجراف شخصياتٍ في حركة فتح، ومسؤولين في السلطة الفلسطينية، نحو "اجترار" خطاب "الاتهامات/التشكيك"، وتحميل حركة حماس جزءًا من المسؤولية عن استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية، ولا سيّما بعد مجزرة المواصي خانيونس (13/7/2024).

ويبدو لافتًا في سياق التداعيات الإقليمية للحرب أن تكون تداعياتها على تكتل محور المقاومة أوضح من تداعياتها على إعادة تكتل حركتي حماس وفتح؛ إذ يلعب الاستقطاب الإقليمي بين محور المقاومة، الذي تقوده إيران، وتندرج فيه حركتا حماس والجهاد الإسلامي، في مواجهة "المحور الأميركي الإسرائيلي العربي الرسمي"، دورًا بارزًا في الانقسام الفلسطيني، وإعاقة فرص تشكيل "جبهةٍ فلسطينيةٍ موحدةٍ" تتصدّى لتصاعد الضغوط الأميركية/الإسرائيلية.

يبقى القول إنّ احتمالات رأب الصدع الفلسطيني، وتشكيل "جبهةٍ وطنيةٍ موحّدةٍ"، يمكن أن تتحسّن كثيرًا في حال إبرام صفقة تبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، على نحوٍ يؤدي إلى تحرير قياداتٍ فلسطينيةٍ وازنةٍ، ترجّح كفّة تيار المقاومة، وتدعم الوحدة الوطنية، وهو ما يبدو إحدى أهداف حماس من المبادرة بهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

المساهمون