"حماس" و"الإرهاب" الأوروبي: تأثير إسرائيل أقوى من وثيقة الحركة

27 يوليو 2017
مقاتلو "حماس" في استعراض عسكري (فرانس برس)
+ الخط -
على عكس كثير من التوقعات، أبقت محكمة العدل الأوروبية، حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، على لائحة الاتحاد الأوروبي "للإرهاب"، بعد قرار أصدرته محكمة البداية الأوروبية في ديسمبر/ كانون الأول 2014 بإلغاء إدراجها في اللائحة لعيب في الإجراءات. وكانت "حماس" تراهن مع إصدارها وثيقة المبادئ السياسية منتصف هذا العام، أنّ تقدم نفسها بثوب مختلف للعالم تحديداً لأوروبا، التي تجري بينها وبين الحركة في أوقات مختلفة اتصالات على مستويات مختلفة، رسمية وشبه رسمية، ووساطات في ملفات مختلفة منها الجنود الأسرى والانقسام الفلسطيني. لكن يبدو أنّ الحركة لم تنجح في تسويق وثيقتها، أو على الأقل جاءت الوثيقة التي تقبل دولة في حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967، في توقيت حساس، وظروف عربية داخلية صعبة وأزمات قاسية، كما أنّ ظهير "حماس" العربي بات في أزمة، ولم يعد هناك إجماع عليها في الإقليم كما كان في أوقات سابقة. مجموعة عوامل تلتقي عند نتيجة واحدة، وهي أن لوبي إسرائيل في أوروبا، أو الموقف الأوروبي الرسمي المؤيد لإسرائيل بشكل عام، لا يزال أقوى من الآثار التي كانت مرتقبة لإعادة "حماس" النظر بوثيقتها السياسية العامة.

ورغم أنّ "حماس" في الساحة الأوروبية ذات وجود قوي، إلا أنّ القرار الأوروبي الجديد يحمل مكامن خلل، إذ لم تستغل الحركة ومناصروها أوروبياً وثيقتها السياسية، كما أنها لم تنجح في تسويق أي من تغييرات القيادة التي حدثت فيها أخيراً، وتقاربها الأخير مع مصر. ويصف النائب عن "حماس" في المجلس التشريعي، يحيى موسى، في حديث لـ"العربي الجديد"، قرار المحكمة الأوروبية الإبقاء على حركته ضمن قائمة الإرهاب بـ"القرار المسيس، الذي يستجيب لضغوط الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة".

ويضيف أن "الجميع يعلم بأن حركة حماس لم تمسّ أي مواطن من مواطني الاتحاد الأوروبي، خصوصاً أن نطاق عملها مقتصر على الأراضي الفلسطينية المحتلة وعلى مقاومة الاحتلال، الذي كفلته كل الشرائع والقوانين الدولية لا سيما الأمم المتحدة".

ويشدد القيادي في "حماس" على أن "القرار مستهجن ومرفوض وفيه انحياز للاحتلال الإسرائيلي"، مشيراً في الوقت عينه إلى أن "القرار الصادر عن المحكمة الأوروبية، أبقى الحال على ما هو عليه وأحال القضية لمحكمة أدنى من أجل مناقشة القرار والنظر فيه". ويدعو "جميع المدافعين عن القضية الفلسطينية وحرية الشعب الفلسطيني للعمل الجاد من أجل رفض القرار الأوروبي الأخير بشأن إبقاء حركة حماس على قوائم الإرهاب، ومحاولة العمل لإلغاء هذا القرار لكونه انحيازاً واضحاً للاحتلال الإسرائيلي".

من جانبه، يشير الكاتب، المحلل السياسي إبراهيم المدهون، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "القرار مفاجئ وكان من المتوقع أن أوروبا ستراجع حساباتها، إلا أنه يبدو أن هناك تأثيراً على القرار في أوروبا ويحتاج إلى وقفة فلسطينية ورد فعل رسمي من السلطة والمؤسسات الفلسطينية المختلفة". ويلفت إلى أنّ "هذا القرار لا يمس حركة حماس نفسها، بل الشعب، كونها جزءاً من حركة التحرر الوطني، بالإضافة لعدم إمكانية ربط القرار الأخير الصادر عن المحكمة الأوروبية والوثيقة السياسية التي أصدرتها الحركة قبل أشهر".



ويبيّن أنّ "حركة حماس طالما بقيت تسير في طريق الكفاح المسلح، سيبقي اللوبي الصهيوني يضغط على القرار الأوروبي لتجريم الحركة في كل المحافل، الأمر الذي يتطلب وقفة جادة لا سيما من الجاليات العربية والفلسطينية في أوروبا، كون القرار يشكل إخفاقاً لهم". وعن الربط بين الوثيقة السياسية وقرار المحكمة الأوروبية الأخير، يشير المدهون إلى أن "حماس لم تخرج وثيقتها السياسية من أجل الضغط على المحكمة الأوروبية والتأثير على قرارها، كون الوثيقة معقدة للغاية وفيها من الأفكار والاستراتيجيات الكثير ولم يكن فيها تغيير حقيقي، خصوصاً في ظل تمسك الحركة بالخيار المسلح". ويرجح الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أنّ "تظل حركة حماس تعمل في إطارها الدبلوماسي والقانوني من أجل عرض صورة المقاومة الفلسطينية وإظهار الوجه الحقيقي لها وكشفه الوجه الحقيقي للاحتلال الإسرائيلي في الخارج، وستحاول العمل على إبقاء الصراع القانوني حاضراً رغم القرار الأخير".

وفي سياق متصل، يرى الكاتب والمحلل السياسي، طلال عوكل، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "الوثيقة الأخيرة للحركة لم تلب الشروط التي تضعها الرباعية الدولية أمامها، والمتمثلة في الاعتراف بإسرائيل، ونبذ الخيار المسلح والقبول بدولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو/ حزيران لعام 1967". ورغم أنّ القرار الأوروبي "مجحف" بحق "حماس"، إلا أنه يسير في الدائرة السياسية العامة ذاتها التي جاءت بها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أخيراً، وتبعتها الدول العربية في قمة الرياض التي انعقدت قبل أسابيع، وبالتالي فإن التعامل لن يكون مختلفاً كثيراً، وفق عوكل. ويضيف أنّ "هناك صعوبة في التعامل القانوني من قبل حركة حماس مع القرار الأوروبي، كونه صادراً عن محكمة، بالرغم من وجود توصية سابقة من البرلمان الأوروبي برفع الحركة من قوائم الإرهاب داخل دول الاتحاد الأوروبي". ويشير إلى أن "إجمالي ما قدمته حركة حماس في وثيقتها غير كاف بالنسبة للرباعية الدولية التي ترى أنها لم تأتِ بجديد إلا عبر القبول بدولة في حدود 1967 بشكل مؤقت دون الاعتراف بالاحتلال، بالإضافة إلى صعوبة وجود مرافعات قانونية في ظل حالة الانقسام الداخلي".



المساهمون