حلقات التحرك الأميركي باتجاه سورية: وفد إلى دمشق بعد وقف هجمات إسرائيل

17 ديسمبر 2024
بلينكن في مؤتمر صحافي بعد اجتماع العقبة، 14 ديسمبر 2024 (أندرو كاباليرو رينولدز/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تتسارع الجهود الأميركية لإعادة بناء العلاقات مع سورية بعد انهيار نظام الأسد، مع تحضير إدارة بايدن لزيارة وفد رسمي إلى دمشق، في ظل توقف محتمل للعمليات الجوية الإسرائيلية.
- هناك دعوات في الولايات المتحدة للاعتراف بشرعية الحكومة السورية الجديدة ورفع العقوبات، خاصة بعد القضاء على النفوذ الإيراني، رغم المعارضة في الكونغرس.
- إدارة بايدن تسعى للتواصل مع حكومة أحمد الشرع، بهدف إعادة بناء العلاقات منذ 2014، مما يمهد لعودة سورية إلى الساحة الدولية.

تتطوّر حلقات التحرك الأميركي باتجاه الوضع الجديد في سورية، بقدر ما تتسارع عملية فتح خطوط التواصل بين واشنطن ودمشق. خلال الأسبوع الأول من تسلم "هيئة تحرير الشام" زمام الأمور في أعقاب انهيار نظام بشار الأسد، انتقلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من الترحيب المتحفظ والمشروط بالتغيير في سورية، إلى وضع الترتيبات لقيام وفد رسمي بزيارة إلى العاصمة السورية "خلال الأيام المقبلة"، حسب الناطق في وزارة الخارجية ماثيو ميلر. وربما حصل ذلك غداً أو بعده، فالمقدمات جرى استكمالها، والوقت من ذهب لإدارة تريد تدشين عودة العلاقات مع سورية قبيل مغادرتها القريبة للبيت الأبيض.

وعلى الأرجح أن التوقيت مرهون بوقف العمليات الجوية الإسرائيلية ضد سورية، والتي لمّحت الإدارة إلى قرب انتهائها، فلا تستقيم مثل هذه الزيارة وسط استمرار العدوان الإسرائيلي بسلاح أميركي على ما تبقى من المواقع العسكرية السورية، ومن دون أي مبرر ميداني. منذ البداية، أخذت العلاقات هذه الوجهة، بما أوحى بأن واشنطن كانت في جو ما حصل. تبدّى ذلك في ردودها الأولية التي انطوت على شيء من الاطمئنان، ولو الضمني، إذ جرى تسليط الأضواء على التوجهات والمقاربات الراهنة للقيادة السورية الجديدة، وليس على خلفياتها السياسية والأيديولوجية. ثم انتقل الموقف وفي غضون أيام قليلة، من حالة "الترقب والمتابعة"، إلى ربط التواصل مع قيادة أحمد الشرع بجدّية "أفعالها وليس بياناتها"، والذي انتهى بعد يومين إلى اتصال مباشر معها، كشف عنه وزير الخارجية أنتوني بلينكن خلال جولته الأخيرة في المنطقة. هذه النقلة السريعة بدت انعكاساً للثقة بقيادة "الهيئة"، والتزامها بما يتناسب مع إخراج الوضع السوري من محنته ووضعه على سكة التعافي.

وقد واكبت ذلك دعوات وطروحات تدفع باتجاه القيام بالمزيد من الانفتاح على سورية الجديدة، "لالتقاط الفرصة المتاحة"، ليس فقط عبر تفعيل التواصل، بل أيضاً من خلال عدم التردد في "الاعتراف بشرعية الحكومة الجديدة". وثمة دعوات إلى عدم التردد في "رفع العقوبات على الاستثمارات والتي فرضت على حكم لم يعد في السلطة... وخاصة أن المؤشرات الأولية مشجعة"، وفق المحلل جوش روغن. والأهم من المؤشرات أن النظام البديل الذي أطاح الأسد "جلب معه القضاء على النفوذ الإيراني في سورية"، واستطراداً في المنطقة.

مثل هذه القراءات كان لها صدى في الكونغرس. بعض الجمهوريين والديمقراطيين في مجلس النواب توجهوا إلى الوزير بلينكن ومستشار الرئيس جيك سوليفان بطلب "تليين" العقوبات على سورية الجديدة، "بما يسهّل عليها مهمتها في ترسيخ الاستقرار، والنهوض بإعادة البناء، وجذب الاستثمارات". ومثل هذه الأصوات كانت نادرة في كونغرس تسوده ثقافة التعميم السلبي عموماً تجاه العرب، وخاصة سورية، والتي أوجزتها السيناتور جين شاهين، التي ترى أنه "ليست هناك في سورية جهات جيدة (مقبولة)".

على الرغم من أجواء الرفض السائدة إجمالاً، والمتأثرة بمقاربة الرئيس المنتخب دونالد ترامب لسورية، والذي يفضل، حتى الآن، أن تبقى سورية خارج اهتمامات واشنطن، قطعت إدارة بايدن مسافة هامة في ملاقاة البديل الذي دخل دمشق قبل أسبوع. فبعد التواصل المباشر مع حكومة الشرع، والذي يبدو أنه حصل على مستوى عالٍ لم تكشف عنه وزارة الخارجية، يجري الإعداد لقيام مسؤول كبير أو ربما وفد، بزيارة دمشق، كخطوة رمزية لاحتضان سورية ما بعد الأسد، بحيث تكون الخطوة بمثابة حجر الأساس لإعادة بناء العلاقات المقطوعة بين البلدين منذ 2014. وبذلك، فإن عملية الترميم والتعويم جارية بصورة متسارعة ومن دون اعتراض ترامب، المتوقع أن تبقى له الكلمة الفصل في إعادة مدّ الجسور مع دمشق بعد رفعها من لائحة الإرهاب.

المساهمون