حلف الأطلسي يعكف على إصلاح نفسه: 140 اقتراحاً لـ"عصر جديد"

02 ديسمبر 2020
ورقة إصلاحية تتضمن 140 مقترحاً سيناقشها الحلف (Getty)
+ الخط -

يواجه حلف شمال الأطلسي (ناتو) مرحلة حرجة في تاريخه، مع تبدل الأولويات والتحديات وزيادة الخصومات السياسية بين أعضائه الـ27 ، لا سيما بعد أن أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال المرحلة الماضية، شكوكه حول ولائه للحلف، وانتقاد حلفائه الأوروبيين علنًا، ومطالبته لهم بتسديد 2% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل الحماية، فضلًا عن وصف الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الـ"ناتو" بأنه "ميت دماغيا" بفعل غياب التوافقات بين أعضائه، فضلا عن تفاقم النزاعات بين عدد من دوله، كما هو الحال بين اليونان وفرنسا وتركيا.

هذا الواقع حتم على رئيس الحلف، ينس ستولتنبرغ، والدول المؤثرة فيه، مثل ألمانيا، رفع الصوت والحديث عن إصلاحات داخله، لتفادي الأسوأ، إذ تعكف مجموعة من الخبراء، تم تشكيلها بعد الانتقادات التي أثارها الرئيس ماكرون العام الماضي، على العمل وفق مقترحات معينة، وضمن معايير تنسجم مع مقومات وجود هذا الحلف العسكري الذي يعتبر نفسه "الضامن لعالم أكثر سلاما".  

ويقول الرئيس المشارك لمجموعة الخبراء المكلفة بإصلاحات حلف الأطلسي، وزير الدفاع والداخلية الألماني السابق توماس دي ميزيير، في حديث مع شبكة "إيه آر دي" الإخبارية، إن وضع التهديدات الخارجية تغير وحان الوقت للمضي قدما في تجديد التحالف، شارحا أن توصيات أعضاء المجموعة ارتكزت على سد الثغرات الداخلية داخل الأطلسي، وكذا اعتماد أطر أكثر مرونة، من قبيل اتخاذ القرارات بسرعة أكبر. ومن بين المقترحات الاستغناء عن مبدأ الإجماع عند التصويت، كما هو سارٍ منذ عقود، لكسر الجمود المسيطر على عمل الحلف.

من المفترض أن يصار إلى اعتماد مبدأ ما يمكن تسميته بــ"الالتزام الطوعي"، إذ تقوم الدول الأعضاء بإبلاغ بعضها البعض قبل اتخاذ قرارات مهمة

 مقابل ذلك، هناك مواقف متباينة في هذا الإطار، ومن بينها أن الانحراف عن الإجماع صعب لأن الحلف معني بالسلام والحرب. كذلك، من المفترض أن يصار إلى اعتماد مبدأ ما يمكن تسميته بــ"الالتزام الطوعي"، إذ تقوم الدول الأعضاء بإبلاغ بعضها البعض قبل اتخاذ قرارات مهمة. الورقة جاءت في 67 صفحة وتضمنت أكثر من 140 مقترحا، بعنوان "الناتو 2030: متّحدون لعصر جديد".

ومن المناقشات التي على ما يبدو أنها قد تكون حيوية: تبدل العقلية الاستراتيجية لحلف الأطلسي، وهو الذي تأسس على التعامل بشكل أقل مع التهديدات الداخلية وأكثر مع تلك الخارجية. في حين أنه برزت أخيرا مهددات أساسية ومهمة في الاستراتيجيا الأمنية، ومنها التعامل مع الإرهاب أو الهجمات الإلكترونية. وأبرزت التوصيات عدم إغفال القدرات الصينية التي كانت غائبة كليا عن اهتمامات التحالف، وأشار دي ميزيير إلى أنه من المهم العمل مع شركاء مثل اليابان وأستراليا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية. 

وبخصوص العلاقة مع روسيا، ذكرت الشبكة نفسها أن الورقة الإصلاحية التي قدمها فريق الخبراء تحتوي على نهج يقوم على الردع والحوار، وهذا أكثر نجاعة لمواجهة روسيا، إلا أنها كانت محل انتقادات من حزب اليسار، والذي اعتبر انها قد تؤدي إلى مزيد من حدة المواجهة العالمية وتجعل سياسة الانفراج أكثر صعوبة مع بكين وموسكو، وفق النائبة عن الحزب هايكه هانسل.

بخصوص العلاقة مع روسيا، احتوت الورقة الإصلاحية التي قدمها فريق الخبراء على نهج يقوم على الردع والحوار

وعن الأفكار والآراء المطالبة بأن يصبح الاتحاد الأوروبي أكثر استقلالية عسكريا أو حتى تأسيس جيش أوروبي خاص، لا يعتبر الوزير دي ميزيير، والمنتمي إلى حزب المستشارة ميركل، الدفاع الذاتي الاستراتيجي خارج "الناتو" أمرا منطقيا، وبدلا من ذلك يجب على الاتحاد الأوروبي أن يعزز قدراته داخل حلف الأطلسي.

في هذا السياق، ذكرت شبكة التحرير الألمانية أن جهودا تبذل في حلف الناتو حاليا لتضييق الفجوة بين الأميركيين والأوروبيين، تقوم على ترسيخ التعاون السياسي، إلى نقاط تتعلق بتوحيد نهج حلف الأطلسي تجاه العالم الخارجي من خلال التزامات وتشاور أقوى وقرارات عملية، منها ما يتعلق بدمج أساليب ما يسمى الحرب المختلطة، من حملات التضليل إلى الحرب السيبرانية والردع الاستراتيجي، داخل الحلف في المستقبل.