انحصر الخلاف في القوانين الانتخابية الليبية في شرط ترشح مزدوجي الجنسية لانتخابات رئيس الدولة، بعد أن كانت جملة من الشروط الخلافية تقف أمام التوافق حول تلك القوانين لعدة سنوات، كحق العسكريين في الترشح، والمطلوبين للعدالة في قضايا جنائية.
وأصبح جلياً أن اللواء المتقاعد خليفة حفتر هو العقبة المستمرة في طريق الانتخابات، مهما تكثفت النقاط والشروط الخلافية، كما السابق، أو تقلصت كما الحال الآن، فنحو مائة مرشح للرئاسة تقدموا بأوراقهم في نهاية عام 2021، ولا يدور أي خلاف بشأنهم على الرغم من أن بينهم من يحمل جنسية أجنبية.
وكانت لجنة 6+6، التي التأمت في بوزنيقة المغربية الأسبوع الماضي، على مشارف الإعلان عن اتفاق نهائي حول القوانين الانتخابية، خصوصاً أنه سبق أن أصدرت بياناً بذلك في 24 مايو/ أيار الماضي، أكدت فيه أنها "حققت توافقاً كاملاً بخصوص النقاط المتعلقة بانتخاب رئيس الدولة والسلطة التشريعية".
غير أنه بعدها تبدل الوضع، إثر مرافقة أحد أبناء حفتر عقيلة صالح إلى المغرب ليتغير كل شيء، ويتراجع الأخير عن كل اتفاقاته، ويتعرقل الإعلان عند شرط تنازل حامل الجنسية الأجنبية في الجولة الثانية من الانتخابات، وسط مطالبة صالح بضرورة أن يكون التنازل عن الجنسية بعد فوز المرشح. وهو ما أوضحه صالح بصراحة خلال كلمته أمام مجلس النواب، الاثنين الماضي.
وما أن أنهى صالح تأكيده، خلال كلمته في الجلسة ذاتها، على أن مجلسه لم يتسلم من لجنة 6+6 "أي قانون بشكل رسمي"، حتى باغته مجلس الدولة بالإعلان أنه أحال إلى مجلس النواب نص الاتفاق، وطالبه بإصداره بناء على نصوص التعديل الدستوري المنشئ للجنة، الذي يلزم المجلسين بضرورة اعتماد ما تتفق عليه اللجنة.
ولخطورة الوضع فضّل صالح كشف المستور وانتقل برفقة 90 نائباً للقاء حفتر في مقره العسكري في بنغازي، وإن لم يعلن عن تفاصيل اللقاء فبلا شك أن موضوعه الحديث حول القضية ذاتها، وتحديد حفتر ومشكلة جنسيته، وكيف يمكن تجاوزها.
ما يحمله كل هذا الحراك وكواليسه رسالة واحدة، مفادها أن حفتر يبحث عن حصن يلوذ به مما يخشاه في المستقبل، بعدما تخلى عن حلم سيطرته العسكرية وجيشه الذي كان قبل سنوات معدودة يدق أبواب العاصمة معلناً عن "الفتح المبين".
ولا أدل على ذلك من تجاوز المجلسين لعرقلة شرط ترشح العسكريين، النقطة الخلافية التي لم تعد تذكر، ما يعني ان حفتر قَبِل بتنازله عن حصنه العسكري الذي يدرك جيداً أنه لن يحميه بعد أن صار يتهاوى كل يوم.
لا يبدو أن حفتر بات يطمح للرئاسة وحكم البلاد فقط، بل يسعى لحماية نفسه من شيء ما، قد يكون مطالبة دولية يراها لمحاكمته على جرائمه، والحصانة الرئاسية قد تضمن له هذه الحماية، بخلاف الجنسية الأميركية التي لم تقدم له الحماية من مطالبات محكمة فرجينيا التي تنظر في قضايا مواطنين ليبيين رفعوها ضده.
واللافت أن فريق الدفاع عنه قدم للمحكمة العديد من المبررات لحضوره للمحكمة ليقدم إفادته، منها مطالبة بمنحه الحصانة السيادية بحجة أنه يتولى "مهام رئاسية"، مستنداً في ذلك إلى تواقيع جمعها أنصاره فوضوه من خلالها بقيادة البلاد.