عجز حزب المؤتمر الشعبي العام عن استعادة تعافيه بعد مرور 3 أعوام من مقتل مؤسسه، علي عبدالله صالح، ولا يزال الكيان الذي حكم اليمن لمدة 33 عاما مبعثرا في 4 عواصم عربية، وفاقدا للبوصلة.
أحيا أنصار حزب المؤتمر، أمس الجمعة، الذكرى الثالثة لمقتل الرئيس اليمني السابق صالح، على أيدي حلفائه السابقين جماعة الحوثيين، وذلك بشكل رمزي في مدينة المخا، غربي البلاد، التي تتمركز فيها قوات نجل شقيق صالح، بعد أيام من حفل مماثل لفصيل مؤتمري بأحد فنادق العاصمة المصرية القاهرة، ظهر فيه خالد علي عبدالله صالح، أحد أنجال الرئيس السابق.
وكان من اللافت غياب نجل شقيق صالح، العميد طارق صالح، عن المهرجان الجماهيري الذي أقيم الجمعة في المدينة الساحلية، حيث ظهر محمد عبدالله القوسي، الشخصية العسكرية المقربة من صالح، وهو يضع إكليل الزهور على ما أطلق عليه "النصب التذكاري لشهداء ثورة 2 ديسمبر" .
وخلا الموقع الرسمي للحزب "المؤتمر نت" من أي إشارت للذكرى، أو ما أطلق عليها بـ"الانتفاضة" التي أطلقها صالح في 2 ديسمبر 2017، وقادته إلى نهاية مروّعة لم تكن في الحسبان، حين ظهر بعدها بساعات مقتولا، فيما لا يزال الغموض يلف مصير جثمانه، أو المقبرة التي حددها الحوثيون لدفنها فيه، حتى اللحظة.
ويكشف التجاهل الإجباري على الأرجح للذكرى، من قبل نسخة الحزب الرئيسية التي ما زالت في صنعاء، حجم الاستسلام الكامل من القيادات المؤتمرية لجماعة الحوثيين التي تصنف صالح بأنه "أحد الخونة"، بعد إعلانه قبل أعوام فض الشراكة معهم بعد الدعوة لقتالهم.
خلا الموقع الرسمي للحزب "المؤتمر نت" من أي إشارت للذكرى، أو ما أطلق عليها بـ"الانتفاضة" التي أطلقها صالح في 2 ديسمبر 2017، وقادته إلى نهاية مروّعة لم تكن في الحسبان، حين ظهر بعد ساعات مقتولا، فيما لا يزال الغموض يلف مصير جثمانه
وخلافا لنسخة صنعاء التي يتزعمها حاليا القيادي صادق أمين أبو رأس، يتناثر حزب المؤتمر على العاصمتين أبوظبي والقاهرة، في جناحين يدينان بالولاء لأحمد علي عبدالله صالح، المقيم في الإمارات بدرجة رئيسية، فيما يرى الجناح الرابع المتواجد بالعاصمة السعودية الرياض أن الرئيس عبدربه منصور هادي هو الرئيس الشرعي للمؤتمر، كونه كان آخر نواب الحزب المنتخبين من قواعده الجماهيرية.
وفي حين واصل الجناح الموالي للشرعية الاحتفاظ بعدد من الحقائب الوزارية والمناصب بالحكومة المعترف بها دوليا، واصلت جماعة الحوثيين ابتلاع حزب المؤتمر في صنعاء، بعد مقتل صالح، رغم الأحاديث التي تطلقها بين حين وآخر عن الشراكة.
وعملت جماعة الحوثيين، خلال الأسبوعين الماضيين، على تجريد حزب المؤتمر من آخر مصادر القوة في صنعاء، وذلك بفرض نائبين مواليين لها، في هيئة رئاسة البرلمان غير المعترف به دوليا، رغم أن طموحها كان يهدف للإطاحة بالشيخ يحيى الراعي، رئيس مجلس النواب الممتد منذ 2003 بدون انتخابات.
وقالت مصادر سياسية في صنعاء لـ"العربي الجديد"، إن جماعة الحوثيين تسعى من خلال الدخول في هيئة رئاسة البرلمان، إلى الانقضاض على عدد من القوانين اليمنية النافذة وتعديلها بما يتماشى مع توجهاتها، وطموحاتها في الحكم، وعلى رأس ذلك قانون الإجراءات الجزائية وقانون الزكاة وقوانين الضرائب والجمارك والسلك الدبلوماسي.
وعلى الرغم من استمرار عدد من القيادات المؤتمرية على هرم الحكومة والبرلمان ومجلس الشورى، إلا أن حضورها الصوري لا يجعلها قادرة على مقارعة القوة الحوثية، أو رفض أوامر الجماعة الرامية لتعديل حزمة من القوانين.
ولم تحصد القيادات المؤتمرية من استمرار شراكتها مع الحوثيين سوى ثمار شخصية على ما يبدو، فالتوجيه الحوثي بإعادة المقر الخاص بالحزب في صنعاء كان مشروطا بعدم رفع صورة صالح والأمين العام السابق للحزب الذي قتل أيضا رفقته، عارف الزوكا.
وأجبر الحوثيون النسخة المتواجدة بصنعاء على الرضوخ الكامل لطلباتهم وتأييد خطواتهم، بما فيها الأعياد الطائفية، لكن ذلك لم يشفع لهم أمام جماعة الحوثيين، التي وجّهت بإزالة اسم مؤسس الحزب صالح من النصب التذكاري لمبنى اللجنة الدائمة في منطقة الحصبة، شمالي العاصمة.
وكان رئيس النسخة المؤتمرية في صنعاء قد أقر، مطلع إبريل/ نيسان الماضي، فصل 31 قياديا رفيعا من عضوية الحزب، بتهمة "الإضرار بالوحدة الوطنية والإخلال بواجبات العضوية والإساءة للمؤتمر عبر وسائل الإعلام".
لم تحصد القيادات المؤتمرية من استمرار شراكتها مع الحوثيين سوى ثمار شخصية على ما يبدو، فالتوجيه الحوثي بإعادة المقر الخاص بالحزب في صنعاء كان مشروطا بعدم رفع صورة صالح والأمين العام السابق للحزب الذي قتل أيضا رفقته، عارف الزوكا
وجاء على لائحة المفصولين، الذين تم وصفهم بـ"الانتهازيين"، رئيس البرلمان المعترف به سلطان البركاني، ووزير الإعلام بالحكومة الشرعية، معمر الإرياني، ورئيس هيئة الأركان الموالي للشرعية، صُغير بن عزيز.
وبعيدا عن الوضع الذي تعيشه النسخة الواقعة تحت قبضة الحوثيين بصنعاء، ترفض النسخ الـ3 للمؤتمر الالتقاء حول هدف موّحد، حيث تكن النسخة الموجودة في أبوظبي والقاهرة العداء للشرعية، وسط غموض في الموقف تجاه جماعة الحوثيين التي أدرجت أحمد علي عبدالله صالح كنائب لرئيس تجمع صنعاء.
ويكشف التذبذب الحاصل في مواقف قيادات المؤتمر من الحكومة المعترف بها ومن جماعة الحوثيين، حجم الفراغ الذي تركه مؤسس الحزب صالح منذ مقتله قبل 3 أعوام، وسط مؤشرات عن طموح يبديه نجل شقيقه، الذي يقود 10 ألوية عسكرية مدعومة إماراتيا في الساحل الغربي، ليكون خليفته، ولعب دور سياسي، نظرا لافتقاد أحمد علي عبدالله صالح للكاريزما اللازمة لتأدية مهام والده.
وشن القيادي البارز في حزب المؤتمر، عادل الشجاع، هجوما لاذعا على قيادات المؤتمر، وقال إنه كان يعتقد أن مقتل صالح على يد عصابة الحوثي والتمثيل به والرقص حول جثته، سيكون كافيا لقيادات الحزب لتحديد موقف مما يجري وانتهاج طريق يحفظ للحزب توجهه الفكري.
وأشار الشجاع، في بيان على صفحته بموقع فيسبوك، اليومين الماضيين، إلى أنه طرح على اجتماع اللجنة العامة، الذي انعقد في فندق الفورسيزون بالقاهرة، الإثنين الماضي، أن خيار التحالف مع الحوثي لم يعد ممكنا، وأن الخيارات المتاحة أمامهم هي، إما التحالف مع الشرعية، أو الاستقلال في القرار.
وأشار الشجاع إلى أن طرحه قوبل بافتعال مشكلة لتعطيل أي تقارب في وجهات النظر من قبل فصيل فضّل الاستمرار في التحالف مع جماعة الحوثي بالرغم من أنه قتل رئيس الحزب والأمين العام، ونكل بالمؤتمريين وزج بهم في المعتقلات والسجون، لافتا إلى أنه واضح أن هذا الخيار يحفظ لهم استثماراتهم وعقاراتهم التي تقع تحت سلطة الحوثيين.
واتهم القيادي الشجاع الجناح الرافض للتحالف مع الشرعية بالتحول إلى قفازات بأيدي جماعة الحوثيين ودولة الإمارات، وعقد تحالفات انتهازية معهم، وكأن الحوثي ليس المسؤول عن إسقاط الدولة، ولا الإمارات مسؤولة عن كل التشوهات التي أصابت الشرعية، حسب تعبيره.