حزب الله يجمع تبرّعات لـ"شراء الصواريخ والمسيّرات": إشراك بيئة المقاومة في الحرب

30 مايو 2024
تدريبات عسكرية لعناصر حزب الله على الحدود الجنوبية، 21 مايو 2023 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- حزب الله يطلق حملة تبرعات لشراء صواريخ ومسيرات في ظل الحرب على جبهة لبنان الجنوبية، مما يثير تساؤلات حول استعداد لتصعيد المواجهة مع إسرائيل أو تعكس أزمة مالية.
- الحملة تهدف أيضًا لدعم إعادة الإعمار ومساعدة النازحين، مع تجاوز عددهم المائة ألف، وتلقي تباينًا في الآراء بين الداعمين والمعارضين.
- حزب الله ومصادر مقربة يؤكدون أن الحملة تهدف لإشراك المجتمع وتعزيز الشعور بالمسؤولية تجاه المقاومة، مع التأكيد على الدعم الشعبي المستمر للمقاومة.

أطلق حزب الله حملة تبرّعات لشراء صواريخ ومسيّرات في ظلّ الحرب الدائرة على جبهة لبنان الجنوبية، الأمر الذي فتح باب التساؤلات والتحليلات حول توقيت وأسباب هذه الخطوة، وما إذا كان لها علاقة بالتجهيز العسكري الواسع لمرحلةٍ مقبلة قد تشهد تصعيداً شاملاً في المواجهة مع إسرائيل، أو تتصل بأزمة مالية يعاني منها حزب الله، وتراجع التمويل الإيراني له وحاجته "ضمنياً" إلى الدعم المالي أيضاً في إطار إعادة الإعمار ومساعدة نازحي القرى الحدودية الذين تخطّى عددهم المائة ألف.

وأعدّت "هيئة دعم المقاومة الإسلامية" مقطعي فيديو انتشرا عبر منصّات التواصل الاجتماعي، الأول يظهر رجلاً يمسك بيد طفله ويشير له إلى السماء، حيث تظهر مسيّرة لحظة طيرانها مع لقطاتٍ لها وهي تضرب بعض الأهداف، ويقول الرجل: "ارفع رأسك، لفوق، للسما، وشوف دعمك وين صار.. مسيّرة ميسّرة، وعين الله ترعاك... ساهم بمشروع ثمن مسيّرة". وفي الفيديو الثاني الذي نظمته الهيئة وروّجت له مع وضع رقم هاتفها للتواصل والتبرّع، تقول: "دعمكم بيوصل مثل هالصاروخ، ساهم بمشروع ثمن صاروخ".

وأثارت الحملة تباينات كثيرة شعبية وسياسية، خصوصاً حول خلفياتها، إذ ذهبت الآراء المعارضة لحزب الله باعتبارها دليلا على شحّ ماليّ تعاني منه المقاومة في لبنان، وحاجتها إلى دعم كبير لمواصلة الحرب مع إسرائيل التي ستطول بحسب المؤشرات الراهنة. كما اعتبرت أن هناك تراجعاً للتمويل الإيراني في ظل العقوبات الأميركية، ما يدفع حزب الله إلى البحث عن مصدر تمويل، خصوصاً أن الوضع اليوم يختلف عن السابق، ولا سيما ما كان عليه في حرب يوليو 2006، سواء عسكرياً لناحية أمد المواجهات، أو مالياً، ربطاً بالأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد منذ عام 2019.

كما يرفع حزب الله أيضاً "خطاب" إعادة الإعمار ومساعدة النازحين وأهالي القرى والبلدات الحدودية وذوي الشهداء، بحيث تقدّر الخسائر بمليارات الدولارات، والحكومة التي دفع حزب الله باتجاه صرفها مبلغا ماليا لدعم المتضرّرين وذوي الشهداء لم تقرّ لهم إلا 93 مليارا و600 مليون ليرة لبنانية، أي نحو 1.04 ملايين دولار، وتعرّضت في المقابل لوابل من الانتقادات من معارضي حزب الله لإقرارها تلك المساعدات.

حزب الله يحاول "إشراك المجتمع"

إلى ذلك، لا يرى الأستاذ الجامعي والناشط السياسي علي مراد، في حديثه مع "العربي الجديد"، أنّ إطلاق حملة التبرعات يأتي في سياق شحّ ماليّ يعاني منه حزب الله، فـ"حملات كهذه لا يكون هدفها جمع المال، بقدر ما تتصل بالتواصل مع الناس، والتعامل السياسي مع البيئة الشعبية، وإلا فهناك مصادر أكبر للتمويل يمكن اللجوء إليها"، على حد تعبيره. وأضاف مراد: "لا أعتقد أنّ حزب الله ينقصه المال، أو لديه هاجس مالي في إدارة المعركة، علماً أن الحرب الطويلة تحتاج إلى ذخائر وخدمات، لكن الهدف الأساسي برأيي من هذه الحملات يكون عادة إشراك المجتمع في المعركة وإشعار الناس بأنّ المعركة معركتهم".

واعتبر مراد أن "توقيت الحملة مرتبط بالحرب الطويلة، التي برأيي ستستمرّ أشهراً وتتخطّى عتبة السنة وربما أكثر، ولا شكّ أن حزب الله يقوم بهذه الإجراءات أيضاً بما هو طرف يتصرّف ويعتبر نفسه بأماكن كثيرة أنه يمثل المجتمع كلّه ويختزله"، مشيراً إلى أن "الوضع مختلف عن حرب يوليو 2006 التي استمرت أسابيع بينما هذه الحرب مندلعة منذ سبعة أشهر وأصبحت بمثابة نمط حياة".

في الأثناء، قال مصدر في حزب الله لـ"العربي الجديد"، إنّ "الهيئة تنظم كل فترة حملات دعم للمقاومة، وبشكل علني، والهدف الأساسي منها إشراك البيئة الحاضنة بالانتصارات في مواجهة العدو"، مشدداً "الحزب لا يعاني من شحّ مالي، على العكس، وهو يملك ترسانة أسلحة كبيرة قلنا مراراً وتكراراً إنها ستفاجئ العدو ولم نكشف إلا عن نسبة قليلة منها في المواجهات الدائرة منذ الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي"، لافتاً أيضاً إلى أنّ "بيئة المقاومة وحتى من خارجها يريدون دعمها في حربها مع العدو، وللحفاظ على الأرض التي هي لكل الشعب اللبناني".

كذلك، قال عاملون في هيئة دعم المقاومة لـ"العربي الجديد"، إنّ "الهيئة حصلت على ترخيص من وزارة الداخلية اللبنانية عام 1991، وبدايتها كانت عام 1985، بحيث دفعت الأحداث العديد من المؤيدين لحزب الله والمقاومة إلى تنظيم تجمّعات للتبرع لها، وكان لها دور أيضاً في الانتخابات النيابية عام 1992"، مشددين على أنّ "دور الهيئة يتصل بمجالين؛ الأول نشر ثقافة المقاومة في المجتمع، والثاني يتصل بتأمين الدعم المالي لها بهدف استمراريتها، ومشاركة الناس في الحفاظ على أرضها". وأكد هؤلاء أيضاً أنّ "الحصار والعقوبات على حزب الله لم تضعف الهيئة، بل على العكس التبرعات مستمرة وبزخم، وتريد دعم المقاومة بكلّ ما لديها"، مشددين على أنّ "هناك ناسا لا يمكنهم المشاركة ميدانياً في الحرب، ومواجهة العدو، ويريدون الدفاع في الوقت نفسه عن أرضهم وسيادة بلدهم وكرامتهم، من هنا يحرصون على التبرّع بهدف الانخراط في المواجهة".

وعملت الهيئة على مشاريع عدّة، أبرزها مشروع "القجّة"، وهو بمثابة صناديق تبرّع لدعم المقاومة وتم ربطها بـ"رمزية فلسطين وتحرير الأرض"، وسبق أن شدد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في أكثر من خطاب له، على أهمية وجود "قجة" في كل منزل، "لما تحمله من معانٍ تربوية وإيمانية". وعملت الهيئة أيضاً على مشروع "تجهيز مجاهد"، و"اقتل عدوّك بثمن رصاصة"، عدا عن مشاريع أخرى من أمسيات شعرية وإفطارات رمضانية وغيرها من المناسبات الدينية والوطنية يعود ريعها للمقاومة.

المساهمون