حرب اغتيالات تستهدف معارضي النظام السوري في درعا

28 اغسطس 2022
حاجز لقوات النظام في حي درعا البلد (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

يواصل النظام السوري شنّ "حرب اغتيالات" بدأها قبل نحو 4 سنوات ضد أبرز معارضيه من عسكريين ومدنيين في محافظة درعا جنوب سورية، في سياق محاولات حثيثة لكسر إرادة هذه المحافظة التي شهدت الشرارة الأولى للثورة السورية في ربيع عام 2011.

اغتيال القيادي المعارض خلدون الزعبي

وشيّع أهالي بلدة طفس في ريف درعا الغربي، أول من أمس الجمعة، جثمان القيادي السابق في "الجيش السوري الحر"، خلدون الزعبي، والذي اغتيل الخميس الماضي مع عدد من مرافقيه في كمين اتُهمت قوات النظام بنصبه في منطقة المفطرة بين بلدة اليادودة وحي الضاحية بدرعا.

وجرت عملية الاغتيال أثناء عودة الزعبي إلى بلدته طفس بعد اجتماع مع رئيس جهاز الأمن العسكري لؤي العلي، في مدينة درعا، والذي دعا الزعبي إلى مكتبه للبحث في استكمال تنفيذ الاتفاق الذي أنهى التصعيد العسكري في طفس قبل أيام.

"تجمع أحرار حوران": لؤي العلي أعطى الأوامر بقتل خلدون الزعبي

ووفق "تجمع أحرار حوران"، الذي يقدّم نفسه على أنه "مؤسسة إعلامية مستقلة، تنقل أحداث الجنوب السوري"، فإن العلي الذي يرأس الجهاز الأكثر وحشية في التعامل مع السوريين في الجنوب "أعطى الأوامر بقتل الزعبي ورفاقه بعد انتهاء الاجتماع، كون الأخير يرفض الانضمام للنظام ويسعى للوصول إلى اتفاق من دون تسليم السلاح والخروج من المنطقة، الأمر الذي يرفضه النظام".

وأشار التجمع إلى أن عمليات الاغتيال التي تشهدها محافظة درعا تأتي في سياق "خطة وضعها النظام وحليفه الإيراني لضمان السيطرة الكاملة على الجنوب السوري".

وأعاد مشهد تشييع الزعبي ورفاقه، إلى الأذهان التظاهرات الحاشدة التي كانت شهدتها محافظة درعا قبيل إبرام اتفاق تسوية مع النظام في منتصف عام 2018، والذي كان مدخلاً للأخير للقيام بعمليات انتقامية واسعة بحق معارضيه، خصوصاً من الصفوف الأولى.

وقال الناشط الإعلامي يوسف المصلح، في حديث لـ"العربي الجديد"، تعليقاً له على اغتيال الزعبي، إن "درعا خسرت رجلاً كان يقف في وجه قوات النظام والمليشيات الإيرانية للحيلولة دون تنفيذ مشاريعها في المحافظة". وكان الزعبي يقود فصيل "لواء فجر الإسلام"، والذي كان أحد فصائل المعارضة في الجنوب السوري، واشترك في معارك ضد النظام، وضد تنظيم "داعش" في ريف درعا الغربي قبل عام 2018.

استهداف المعارضين في درعا

وكان الجانب الروسي ضغط عسكرياً على فصائل المعارضة في منتصف 2018 لتوقيع اتفاقات مع النظام تنهي حالة الحرب بين الطرفين، إلا أن موسكو لم تقم بدورها كضامن لهذه الاتفاقات، إذ أشاع النظام الفوضى والفلتان الأمني في درعا كي يسهل عليه التخلص من معارضيه عبر عمليات اغتيال واسعة النطاق أدت إلى مقتل عدد كبير من أبناء المحافظة على مدى 4 سنوات.

ووفق مصادر محلية، لا يكاد يخلو يوم من عملية اغتيال بحق المعارضين للنظام والجانب الإيراني، الذي يعمل على التغلغل في محافظة درعا عبر عمليات الاغتيال ونشر المخدرات بين الشباب، من خلال مليشياته ومجموعات محلية موالية له.

252 قتيلاً بـ294 استهدافاً في درعا خلال العام الحالي

وذكر مكتب توثيق الانتهاكات في "تجمع أحرار حوران"، أن شهر يوليو/تموز الماضي، شهد 32 عملية ومحاولة اغتيال، أسفرت عن مقتل 30 شخصاً، وإصابة 17 آخرين بجروح متفاوتة، ونجاة خمسة أشخاص.

ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد بلغت حصيلة الاستهدافات في درعا، خلال العام الحالي، 294 استهدافاً ما تسبب بمقتل 252 شخصاً.

وكان النظام قد فرض أواخر العام الماضي تسوية جديدة على مدن وبلدات درعا تقوم على سحب السلاح الفردي و"تسوية" أوضاع المسلحين والمطلوبين للأجهزة الأمنية والمنشقين عن قوات النظام، مقابل سحب الحواجز التي كانت تقطّع أوصال المحافظة.

واغتال النظام العديد من القياديين في فصائل المعارضة في محافظة درعا التي كانت شهدت انطلاق الثورة السورية ربيع عام 2011. وفي مقدمة هؤلاء المهندس أدهم الكراد، الذي اغتيل في أكتوبر/تشرين الأول 2020 في كمين استهدف سيارته قرب بلدة تبنة، على الطريق الذي يربط العاصمة دمشق بدرعا، بعد عودته من اجتماع مع مسؤولين في النظام لبحث قضية الإفراج عن المعتقلين.

وكان الكراد حجر عثرة أمام النظام لاستعادة حي "درعا البلد" بمدينة درعا. كما كان يحظى بشعبية واسعة في عموم المحافظة نظير الدور الذي قام به في محاربة قوات النظام على مدى نحو 8 سنوات.

ومن القادة الذين اغتالهم النظام في السنوات الأخيرة كذلك، ياسر الدنيفات الذي كان من قادة "الجيش الحر" في بلدة جاسم، وأحمد البقيرات الذي كان عضواً في "اللجان المركزية" في المنطقة الغربية من محافظة درعا، وفادي العاسمي وهو أحد مؤسسي المجلس العسكري في المحافظة نهاية عام 2011، ومحمود البنات الذي كان عضواً في اللجان المركزية في درعا وهي التي تتولى عمليات التفاوض مع النظام.

وكان مجهولون يُعتقد أنهم يتبعون للأجهزة الأمنية للنظام، اغتالوا في فبراير/شباط الماضي في بلدة عتمان في ريف درعا الشمالي، الحكم الدولي السابق في كرة القدم وعضو لجنة درعا المركزية مصعب البردان.

محمد الحاج علي: النظام السوري لن يتسامح مع من ثاروا عليه 

النظام السوري يحاول كسر إرادة أهالي درعا

في السياق، قال اللواء محمد الحاج علي، وهو أحد أبرز الضباط المنشقين عن جيش النظام وينحدر من محافظة درعا، في حديث مع "العربي الجديد"، إن النظام السوري "لن يتسامح مع من ثاروا عليه، وسيقوم بالتخلص من كل من سيكون له تأثير في المجتمع".

ولا يتوقع الحاج علي، ردة فعل شعبية غاضبة على اغتيال خلدون الزعبي "لأن الناس تعبت بعد نحو 12 سنة من الثورة"، معرباً عن اعتقاده بأن "للجانب الإيراني يداً في عمليات الاغتيال التي تطاول أبرز القادة في محافظة درعا".

ورأى الحاج علي أن هدف عمليات الاغتيال التي جرت على مدى نحو أربع سنوات في المحافظة هو "كسر إرادة الأهالي في درعا"، مضيفاً أن "التخلص من رموز مقاومة النظام، سيترك آثاراً كبيرة على إرادة أهل حوران".

تقارير عربية
التحديثات الحية