تفجّرت سجالات مبكرة تتعلق بالانتخابات الرئاسية المصرية المقرّرة العام المقبل، داخل الحركة المدنية الديمقراطية (إطار لمعارضين مشاركين في الحوار الوطني) وخارجها، على الرغم من الشكوك بشأن إجراء هذا الاستحقاق في موعده.
السبب الرئيسي لهذا السجال كان البيان الذي أصدره رئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور السادات، بشأن "مرشح رئاسي مرتقب"، إذ قال إن "المرشح - المفاجأة" الذي أشار إليه في أحاديث صحافية وإعلامية سابقة، "لم يحسم موقفه نهائياً من الترشح للانتخابات"، لافتاً إلى أن "عدم الإفصاح عنه وعن خلفيته المدنية أو العسكرية، جاء بناءً على رغبته".
"مرشح مجهول" لرئاسيات مصر
وفيما لم يوضح السادات علاقته بالمرشح المقصود، أو الأطراف القائمة بالتشاور معه، أفاد بأنه "يعتزم حال خوضه الانتخابات اختيار وتعيين نائبين للرئيس، امرأة وشخصية مسيحية، يعلن عنهما مع تقدمه بأوراق ترشحه". ونقل السادات عن "المرشح المجهول"، وعده "بحسم موقفه على ضوء التزام وتجاوب الدولة مع التوصيات والضمانات التي طرحتها القوى الوطنية بشأن حرية ونزاهة العملية الانتخابية".
محمد أنور السادات: تردد اسم رئيس جهاز المخابرات العامة السابق اللواء مراد موافي، ضمن أسماء أخرى كثيرة
في المقابل، قال المتحدث باسم الحركة المدنية، خالد داود، إن "الضمانات التي طالبت بها الحركة في بيانها الأخير، في 13 إبريل/نيسان الحالي، حول نزاهة ومصداقية الانتخابات الرئاسية المقبلة، هي ضمانات عامة ولا ترتبط بأي مرشح محدد".
وأوضح داود أن الحركة المدنية "ستعقد المزيد من المشاورات خلال الأسابيع المقبلة بشأن ما تحقق من الإجراءات التي طالبت بها لضمان نزاهة الانتخابات الرئاسية"، مؤكداً أن "كل الأسماء التي يتم تداولها حالياً لخوض الانتخابات هي تكهنات، ولم يعلن أي طرف عن رغبته في الترشح بشكل نهائي".
البرلماني السابق، ورئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور السادات، قال في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "تردد اسم رئيس جهاز المخابرات العامة السابق، اللواء مراد موافي، ضمن أسماء أخرى كثيرة، وبعضها أسماء مدنية من دون خلفية عسكرية ولها تاريخها في العمل السياسي، مثل وزير الخارجية السابق نبيل فهمي، والبرلماني السابق أحمد طنطاوي، وغيرها من الأسماء المحتملة".
وأضاف السادات أن "هذا الأمر لم يُحسم وغير واضح، وما زلنا ننتظر مدى استجابة الدولة المصرية للضمانات القانونية لنزاهة العملية الانتخابية، واستجابة الدولة لوجود ضمانات حقيقية لمنافسة نزيهة هي ما تُشجع الأسماء الجادة على خوض هذه المنافسة، سيتضح هذا الأمر خلال الأيام المقبلة".
وتابع السادات: "بالتأكيد ستكون هناك مواقف إقليمية ودولية داعمة لمرشحين بعينهم، في حال أعلنوا ترشحهم، ولكن كما قلت إن الأمور جميعها معلّقة وتتوقف على ما تخبئه الأيام المقبلة".
مشهد ضبابي وشروط تنتظر
وطرحت أحزاب الحركة المدنية أخيراً 14 شرطاً يجب توفرها لإجراء انتخابات رئاسية حرّة ونزيهة تعكس نتائجها الإرادة الحقيقية للناخبين، وشملت الشروط: "التعددية الحزبية وفق الضوابط الدستورية، دورية الانتخابات، التداول السلمي للسلطة، حرية وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، إتاحة فرص متكافئة لجميع المرشحين، حياد مؤسسات الدولة ووقوفها على مسافة واحدة من كافة المرشحين طوال العملية الانتخابية، وتحديداً وزارتي العدل في ما يخص توثيق التوكيلات، والداخلية، التي ينحصر دورها في التأمين الإجرائي دون تدخل للتأثير في مسار العملية الانتخابية، ضمان سلامة المرشحين ومساعديهم ومندوبيهم والناخبين، والتزام المرشحين باحترام المدد الرئاسية التي ينص عليها الدستور وهي مدتان متتاليتان فقط".
لم يتوقف الأمر عند بيان الحركة المدنية الرافض الربط بين حديث السادات وموقف الحركة بشأن ترشيح منافس خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، إذ أكد نائب رئيس حزب الإصلاح والتنمية، علاء عبد النبي، أنه "من حق أي سياسي ورئيس حزب أن يتشاور مع من يراه ذا كفاءة وعلى قدر كبير من المسؤولية لخوض الانتخابات الرئاسية".
وشدّد عبد النبي، على أن "الضمانات التي أعلنتها الحركة المدنية أو أي من القوى الوطنية، هي أمر معلن ومتاح للجميع وكلّها رهن استجابة الدولة وتجاوبها مع هذه الضمانات، ومن حق أي مرشح أن يتخذ قراره بالترشح حتى لو لم تتم الاستجابة لها من جانب الدولة والأجهزة المعنية".
طرحت أحزاب الحركة المدنية 14 شرطاً، يجب توفرها لإجراء انتخابات رئاسية حرّة ونزيهة
وتابع عبد النبي: "ليست الحركة المدنية أو غيرها من القوى السياسية هي البوابة التي من خلالها فقط يتم أخذ قرار الترشح أو التوافق عليه، وربما نتفاجأ بأسماء لم تطرح من الأساس على الحركة المدنية أو في السباق الانتخابي من قبل".
وقال نائب رئيس "الإصلاح والتنمية"، إن "المرشح الذي أشار إليه رئيس الحزب، لم يحسم موقفه، وبالتالي لا مجال للتشاور بشأنه،
فضلاً عن أن ما تردد داخل الأوساط السياسية من وجود اتفاقات أو تنسيق ما بين الحركة المدنية والأجهزة المعنية في بعض الأمور، كله يستوجب عدم التشاور حتى حسم الأمر وحتى لا يتم حساب المرشح على أجهزة بعينها أو اعتباره مجرد ديكور يكتمل به المشهد الانتخابي المقبل".
في المقابل، كشفت مصادر في الحركة المدنية لـ"العربي الجديد"، أن "المرشح الذي يقصده السادات، هو رئيس جهاز المخابرات العامة السابق مراد موافي"، لافتة في الوقت ذاته إلى أن "المشهد بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة (ضبابي)، ولا توجد أي تأكيدات بشأن عملية انتخابية جادة حقيقية حتى الآن".
وأعلن البرلماني السابق أحمد الطنطاوي، المستقيل من رئاسة حزب "الكرامة" الناصري، أول من أمس الخميس، عزمه خوض انتخابات الرئاسة لعام 2024، وذلك بعد أسابيع من تصريحاته بأنه سيعود إلى البلاد مطلع شهر مايو/أيار المقبل، حيث غادر قبل أشهر مصر متجهاً إلى لبنان.
وكتب أحمد الطنطاوي عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، أنه "انتهى من صياغة رؤيته، وسيكشف عن كل خطوة منها في التوقيت والسياق المناسبين"، لافتاً إلى أن رؤيته لا تستبعد غيرها من الرؤى، بل تسعى للتكامل معها.