حدة الخلافات السياسية تتصاعد في الكويت وتصل إلى المعارضة

26 يناير 2021
الخلافات السياسية تحتد داخل مجلس الأمة (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

تتواصل حدة الخلافات في التصاعد في المشهد السياسي بالكويت رغم إعلان أمير البلاد، الشيخ نواف الأحمد الصباح، إعادة تكليف الشيخ صباح الخالد الصباح بتشكيل الحكومة الجديدة وتوليه منصب رئيس مجلس الوزراء، بعد استقالة حكومته نتيجة استجواب تقدم به ثلاثة من نواب المعارضة لرئيس مجلس الوزراء، رغم عدم مضي أكثر من شهر على تشكيل الحكومة.
لكن الحكومة نجحت في تحوير مسار الخلاف السياسي المحتد نحو المعارضة، التي بات أعضاؤها على خلاف كبير نتيجة عدم وضوح الرؤية في التعامل مع المشهد السياسي، ومع رئيس الحكومة تحديداً وخططه للإفلات من الاستجواب المقدم بحقه.
وفور صدور أمر إعادة تكليف صباح الخالد كرئيس للحكومة للمرة الثالثة في تاريخه، أصدر 7 نواب من المعارضة بياناً أعلنوا فيه رفضهم لـ"تحصين رئيس مجلس الوزراء"، وأكدوا أن محاور استجواب الرئيس لا تزال قائمة ولمحوا إلى عودتهم لتقديم الاستجواب من جديد له.

بات أعضاء المعارضة على خلاف كبير نتيجة عدم وضوح الرؤية في التعامل مع المشهد السياسي ومع رئيس الحكومة تحديداً وخططه للإفلات من الاستجواب المقدم بحقه

لكن نواباً معارضين آخرين، كان أبرزهم النائب مساعد العارضي، أعلنوا إعطاء مهلة لرئيس مجلس الوزراء لتمرير القوانين التي تقدم بها 16 نائباً من المعارضة، وهم نواب "الكتلة الوطنية" بقيادة النائب حسن جوهر، ونواب "الحركة الدستورية الإسلامية" (حدس) الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الكويت، بالإضافة إلى نواب كتلة "قبيلة مطير" والذين يهدفون إلى الحصول على عفو خاص بحق المحكومين في قضية اقتحام مجلس الأمة عام 2011 والتي تورط بها نواب سابقون وناشطون شباب.
وأدت التصريحات المتبادلة، وتباين وجهات النظر بين أطراف المعارضة البرلمانية إلى تصاعد حدة الخلاف بين فريقين، إذ يرى فريق النواب الـ7 ضرورة التصعيد وإسقاط رئيس مجلس الوزراء بأي ثمن أو دفعه للتخلي عن بعض الوزراء الذين لا تريدهم المعارضة، وأبرزهم وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء أنس الصالح، بينما يرى فريق النواب الـ16 ضرورة التفاهم مع الحكومة والحصول على مكاسب سياسية منها وتمرير قوانين مهمة، أبرزها التعديل على قوانين الجرائم الإلكترونية والحريات الإعلامية وتعديل الدوائر الانتخابية وهي قوانين وافقت الحكومة على التفاهم بشأنها.
كما برزت الخلافات بين كتل المعارضة على قيادة المشهد السياسي لها، إذ قال النائب صالح ذياب المطيري: "هناك من يحاول اختطاف القرار داخل المعارضة بدون رؤية أو نهج سياسي وهو أمر لن نسمح به".
وكان رئيس مجلس الوزراء صباح الخالد قد أعلن عقب تكليفه عن "خارطة طريق" للتفاهم مع نواب مجلس الأمة قائلاً: "الحكومة القادمة ستعمل على التنسيق مع النواب في كل القضايا والملفات المطروحة على الساحة وعلى رأسها الاستمرار بمكافحة الفساد، وذلك عبر عدد من التشريعات التي تستهدف معالجة هذا الملف والقضاء على الفساد وأسبابه وإلى جانب قوانين الانتخابات البرلمانية والإعلامية".
وحدد صباح الخالد أولويات حكومته التي سيجري على أساسها التعاون مع أعضاء البرلمان وهي: "تطوير البيئة الاقتصادية، تحقيق الرخاء، تشريعات مكافحة الفساد، قوانين الانتخابات، القوانين الإعلامية، تطوير البنية التحتية، تطوير الخدمات العامة".
وأكد مصدر داخل الحكومة لـ"العربي الجديد"، اشترط عدم ذكر اسمه، أن عملية "تفكيك المعارضة جارية على قدم وساق"، موضحا أن "الحكومة اتبعت خطة للهروب من الاستجواب عبر تقديم استقالتها، واستبعاد وزير أو اثنين فقط، والعودة من جديد بعد سقوط الاستجواب وشراء الوقت للتفاوض مع نواب مجلس الأمة وإعطائهم وعوداً حول القضايا التي يريدون إثارتها أو القوانين التي يريدون تمريرها".

وأضاف المصدر ذاته أن النواب الراغبين في تأييد استجواب رئيس مجلس الوزراء تناقصوا من 38 إلى 9 نواب فقط، مؤكداً أن "الضغط الإعلامي على النواب لتأييد الاستجواب بدأ في التناقص وأن الكتلة الصلبة من المعارضة لن تتجاوز 10 نواب فقط في الأيام القادمة".
من جهته، قال النائب عبد العزيز الصقعبي، وهو أحد أعضاء مجلس الأمة عن "حدس" لـ"العربي الجديد": "إننا نطالب رئيس مجلس الوزراء بعد إعادة تكليفه بتبني خارطة الطريق التي وضعها والتأكيد على مطالب النواب في تمرير القوانين الخاصة بالحريات وتعديل النظام الانتخابي بالإضافة إلى المصالحة الوطنية".
يذكر أن شرارة التصعيد في العملية السياسية الكويتية انطلقت عقب انتخابات مجلس الأمة والتي جرت في الخامس من شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي حيث أفرزت انتصاراً ساحقاً لنواب المعارضة والقبائل.
وأدى هذا الانتصار إلى تنسيق قادة المعارضة في ما بينهم لقطع الطريق أمام ترشيح مرزوق الغانم، مرشح الحكومة لرئاسة مجلس الأمة، والذي كان رئيس المجلس في عامي 2013 و2016، وحصلت المعارضة على وعود من 42 نائبا بالتصويت لمنافس الغانم، وهو النائب السابق بدر الحميدي، لكن المعارضة فوجئت بتصويت الحكومة بالكامل لصالح الغانم إضافة إلى اختراق الحكومة لعدد من نواب المعارضة وتصويتهم لصالح الغانم الذي حصل على 33 صوتاً مقابل 28 صوتا للحميدي.
واستغلت الحكومة حالة الارتباك التي حدثت في أوساط المعارضة عقب فشلها في انتخابات الرئاسة، لتسيطر على انتخابات اللجان البرلمانية وهو ما أدى بنواب المعارضة لتقديم استجواب لرئيس مجلس الوزراء في الرابع من يناير/ كانون الثاني الجاري.

وتقدم ثلاثة من نواب المعارضة، وهم النائب بدر الداهوم، وثامر السويط وخالد مونس العتيبي باستجواب لرئيس مجلس الوزراء مكون من ثلاثة محاور تضمنت تدخل الحكومة في انتخابات رئيس مجلس الأمة وانتخابات اللجان، وعدم تقديم الحكومة لبرنامج عمل مما يشكل مخالفة دستورية.
ورفضت الحكومة التجاوب مع الاستجواب واختارت عدم حضور جلسات مجلس الأمة مما عطل انعقاد الجلسات وفقاً للمادة 116 من الدستور الكويتي والتي تشترط وجود الحكومة لعقد الجلسات.
وتقدم وزراء الحكومة باستقالة جماعية لرئيس مجلس الوزراء في الرابع عشر من يناير/ كانون الثاني، فيما قبل أمير الكويت الاستقالة بعدها بأيام.

المساهمون