جيريمي كوربين.. اليساري العنيد أمام "آلة ستارمر" في انتخابات مجلس العموم البريطاني

27 يونيو 2024
جيريمي كوربين مشاركاً في فعالية منددة بالحرب على غزة، 17 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- جيريمي كوربين، الزعيم السابق لحزب العمّال، يخوض انتخابات مجلس العموم البريطاني كمستقل بعد رفض حزب العمّال تمثيله بسبب اتهامات بمعاداة السامية نتيجة دعمه للقضية الفلسطينية.
- استطلاعات الرأي تظهر تقدم كوربين في استطلاع مباشر ضد حزب العمّال بنسبة 48% مقابل 40%، مع تفاعل كبير في حملته الانتخابية ودعم من ناشطين من جميع أنحاء المملكة المتحدة.
- يواجه كوربين تحديات من حزب العمّال و"آلة ستارمر" التي تسعى لإزاحته، مع بقاء السؤال حول ما إذا كانت هذه الانتخابات ستمثل نهاية مسيرته السياسية أو بداية لتحالف يساري جديد.

يواجه زعيم حزب العمّال البريطاني السابق جيريمي كوربين (75 عامًا)، تحديًا غير مسبوق في انتخابات مجلس العموم البريطاني، التي تجرى الأسبوع المقبل في الرابع من يوليو/ تموز. يكمن التحدي في أن يعرف الناخبون أن ممثلهم عن منطقة إسلينغتون نورث منذ عام 1983 يخوض الانتخابات مستقلاً لأول مرّة وليس عن العمّال، بعدما رفض الحزب بقيادة كير ستارمر أن يكون جيريمي كوربين ممثل الحزب في هذه المنطقة بالانتخابات، بعد حملة ضده اتهمته بـ"معاداة السامية" بسبب مواقفه المساندة لقضية الشعب الفلسطيني وضدّ الاحتلال الإسرائيلي، والتي انتهت بسحب الثقة منه عام 2020.

ستارمر الذي صرّح سابقًا بأنه يقف وراء جيريمي كوربين قائدًا للحزب، انقلب عليه لاحقًا وقاد حملة داخليّة لتصفية الأصوات المؤيدة للفلسطينيين داخل حزب العمّال، ولاحقًا ضد الشخصيّات المحسوبة على التيار اليساري، ضمن مساعيه لنقل حزب العمّال نحو الوسط.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، أظهر أول استطلاع خاص بالحملة الانتخابيّة أجرته مؤسسة "يو غوف" أن نسبة تأييد حزب العمّال في إسلينغتون نورث بلغت 43%، مقابل 29% لكوربين. ولكن عندما طُلب من الجمهور الاختيار مباشرة بين كوربين وحزب العمّال، كان متقدمًا بنسبة 48% مقابل 40%. وقال المشاركون في الاستطلاع من كلا الجانبين إن هذه النتيجة المختلطة تشير إلى أن الكثير من الناخبين المحليين يبدو أنهم لم يلاحظوا أن النائب جيريمي كوربين الذي مثلهم لأكثر من 40 عامًا، وحصل على أغلبية 26 ألف صوت في عام 2019، لم يعد مع حزب العمّال.

جيريمي كوربين لم يعد ممثلاً لحزب العمّال

تنشط حملة جيريمي كوربين الانتخابيّة هذه الأيام على التأكيد أنه لم يعد ممثلًا لحزب العمّال وأصبح مستقلًا. هذه واحدة من الرسائل المركزيّة التي ينقلها الناشطون في الحملة خلال طرق أبواب المنازل. كان الإعلان المفاجئ لانتخابات مجلس العموم البريطاني أمرًا غير متوقع لحملة كوربين وعامل ضعف لها، خصوصًا افتقاره إلى البيانات والبنية التحتيّة التي تأتي مع كونه مرشحًا للحزب، نظرًا لضيق الوقت لبناء نظام موازٍ.

لكن هذا التحدي جعل من حملة كوربين الانتخابيّة نقطة لاستقطاب الناشطين الداعمين له من جميع مناطق المملكة المتحدة، إذ يتطوع في حملته عشرات الناشطين المتحمسين من خارج منطقته الانتخابيّة، بهدف إبقاء صوت كوربين داخل البرلمان البريطاني. وبحسب أعضاء في الحملة، طرق 1000 شخص الأبواب نيابة عنه في نهاية الأسبوع الماضي وأخذ بعض المتطوعين إجازة للسفر من أماكن بعيدة مثل أيرلندا الشمالية، حتى إن وزير المالية اليوناني السابق يانيس فاروفاكيس جاء لدعم حملته ورفع لافتة مكتوب عليها "صوتوا لجيريمي كوربين".

مواجهة "آلة ستارمر"

يُمثّل كوربين الحركة الشعبيّة اليساريّة في الغرب التي نشأت في العقد الأخير وانحسرت، وأصبح واحدًا من رموزها البارزة. في الأشهر التسعة الأخيرة، لم يغب يومًا عن تظاهرات التضامن مع فلسطين في لندن، وكان له خطاب دائم من على منصة الخطابات بعد نهايات التظاهرات الوطنيّة التي كانت تنظم كل ثلاثة أسابيع من أجل غزّة بمشاركة مئات الآلاف. إلى جانب دعمه القضية الفلسطينيّة دون توقف، رغم حملات التحريض والتشويه التي تعرّض لها من الإعلام البريطاني وخصومه السياسيين، يناضل أيضًا من أجل قضايا العدالة الاجتماعيّة بعناد وقوّة وأصبح يعتبر نائبًا متأصلًا في دائرته الانتخابيّة.

قال كوربين في تصريح يوم أمس لموقع "ذا نيو ستيتسمان": "قبل ثلاثة أسابيع لم يكن لدينا أي شيء تقريبًا. والآن لدينا عملية ضخمة ومنظمة تنظيمًا جيدًا. الناس الذين يعيشون في المنطقة المحلية هنا، والذين لم يكونوا ناشطين سياسيًّا سابقًا، يتجهون للتطوع بطريقة لم أرها من قبل في أي انتخابات". إلا أنه يقر أيضًا بالصعوبة في مواجهة ما أسماه "آلة ستارمر".

يتنافس كوربين في منطقته مع برافول نارغوند عن حزب العمّال، وهو عضو مجلس إسلينغتون ورجل الأعمال الخاص في مجال الرعاية الصحيّة، والذي يؤمن بخصخصة القطاع الصحي. ومع أنه من المبكّر الحكم على من سيفوز في مقعد كوربين التاريخي في إسلينغتون، تثار تساؤلات من قبيل: هل ستكون نهاية رمز الحركة اليساريّة داخل مجلس العموم؟ أم ستكون بداية لتشكيل تحالف من النواب اليساريين في وجه حزب العمّال والمحافظين؟