جون بولتون... المتلهف الدائم للحروب وإشعال الصراعات

14 يوليو 2022
بولتون في لندن، نوفمبر الماضي (جاستين تاليس/فرانس برس)
+ الخط -

عاد اسم مستشار الأمن القومي السابق في البيت الأبيض، جون بولتون، إلى الواجهة مساء أول من أمس الثلاثاء، بعد كشفه لمحطة "سي أن أن" الأميركية أنه "ساعد في التخطيط لمحاولات في دول أخرى".

وأدلى بولتون بهذه التصريحات، بعد جلسة استماع ثامنة للجنة "6 يناير" في الكونغرس، التي تحقق في اقتحام أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب، مبنى "كابيتول هيل"، مقر الكونغرس، في 6 يناير/كانون الثاني 2021.

وخلال حديثه إلى مذيع "سي أن أن"، جيك تابر، أشار بولتون إلى أن ترامب لم يكن مؤهلاً بما يكفي لتنفيذ "انقلاب مدبر بعناية". وأضاف لاحقاً: "باعتباري شخصاً ساهم في التخطيط لانقلاب، ليس هنا ولكن في أماكن أخرى، فإن ذلك يتطلب عملاً كثيراً. وهذا ما لم يفعله (ترامب)".

وشدّد المستشار الرئاسي السابق على أن الهجوم الذي شنّه حشد من أنصار ترامب على مقرّ الكونغرس، لم يكن محاولة انقلاب قام بها ترامب الذي كلّ ما فعله يومئذ هو أنه كان يتقلّب بين فكرة وأخرى".

جون بولتون ومحاولات الانقلاب 

وسأل تابر بولتون عن محاولات الانقلاب التي كان يقصدها، فردّ بولتون: "لن أخوض في التفاصيل"، قبل الإشارة إلى فنزويلا. وكان بولتون قد أيد علناً في عام 2019 عندما كان مستشاراً للأمن القومي الأميركي، دعوة زعيم المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو الجيش لدعم جهوده لإطاحة الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو، بحجة أن إعادة انتخابه لم تكن شرعية.

وبقي مادورو في نهاية المطاف في السلطة. وبولتون الذي تولّى مناصب عدّة في ثلاث إدارات جمهورية، كان أحد مهندسي غزو العراق في 2003، كما كان من دعاة توجيه ضربات عسكرية إلى إيران وكوريا الشمالية.

وذكرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية "يتمتع بولتون بمسيرة طويلة في مواقع الخارجية الأميركية. وشغل منصب مساعد المدعي العام في عهد رونالد ريغان (1981 ـ 1989)، وكان سفيراً للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في عهد جورج بوش الابن (2001 ـ 2009). وأعاده ترامب إلى البيت الأبيض كمستشار للأمن القومي في عام 2018، قبل أن يستقيل بعد عام ونصف العام تقريباً".

وتابعت الصحيفة: "طوال حياته المهنية، كان بولتون معروفاً بأنه من الصقور المتطرفة، وهو أحد أعضاء الحركة المحافظة التي فضلت استمرار سياسة خارجية قوية للولايات المتحدة وتغيير الأنظمة في بعض البلدان. ودافع بولتون في نقاط مختلفة عن التدخل العسكري الأميركي من إيران إلى ليبيا وكوبا. وأشاد بقادة اليمين المتطرف مثل (الرئيس البرازيلي) جايير بولسونارو، بوصفهم شركاء "متشابهين في التفكير".


ترامب: عدم الإصغاء لكلام بولتون جنّب العالم خوض العديد من الحروب العالمية

وسبق لترامب أن وصف بولتون بأنه "مجنون"، وذلك عشية نشر كتاب ذكريات بولتون حول عمله في البيت الأبيض، الذي انتقد فيه الرئيس بشدة في يونيو/حزيران 2020.

وقال ترامب في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، إن بولتون "لم يؤد عمله جيداً، وهو لم يكن ذكياً"، مشيراً إلى أن "كل ما يريده (بولتون) هو قصف الناس".

وأضاف ترامب: "أعتقد أنه الرجل الوحيد الذي صادفته بحياتي، الذي لم أره مبتسماً طوال سنة كاملة. وسألته: هل تبتسم على الإطلاق يا جون؟ وهذا قول يفسر الكثير عن أي شخص".

كما قال في سياق آخر إن "عدم الإصغاء لكلام بولتون جنب العالم خوض العديد من الحروب العالمية. ففي تغريدة له على "تويتر" في يناير 2020، اعتبر ترامب أنه "لو أصغيت إليه (لجون بولتون)، لكنا نخوض حرباً عالمية سادسة الآن".

وأضاف أن بولتون "توسل إليه" للحصول على منصب لا يحتاج لموافقة مجلس الشيوخ، بعد أن تم حرمانه في السابق من منصب سفير لدى الأمم المتحدة. كما أعرب الرئيس الأميركي عن امتعاضه من بولتون الذي سارع بعد "طرده" إلى تأليف كتاب وصفه بأنه "مليء بالأذى والأخطاء ويحتوي على معلومات سرية تخص الأمن القومي".

وفي مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في يونيو 2020، اعتبر ترامب أنه "حين تصطحبه (بولتون) إلى غرفة المفاوضات معك تضع نفسك في موقف تفاوضي جيد. لأنهم سيعتقدون أنه ما دام بولتون معك فأنت ذاهب إلى الحرب لا محالة. يريد أن يتحارب مع الجميع. لا تمر به حرب دون أن يحبها".

وأضاف: "بولتون شخص ناقم ارتكب أخطاء شنيعة حين ذهب إلى الحرب مع العراق، على الرغم من عدم وجود أسلحة دمار شامل". وكشف: "سألته سؤالاً واحداً: هل تعتقد أنك فعلت الصواب حين ذهبت إلى الحرب في العراق؟ أجاب: نعم". وأشار ترامب إلى أنها كانت "اللحظة التي قررت فيها عدم إبقائه، أنا أحب الاستماع إلى آراء كثيرين ولكن اتخاذ القرار بنفسي".

جون بولتون والشرق الأوسط

وفي مقال للكاتب بيل لو في موقع "ميدل إيست آي" البريطاني في مارس/آذار 2018، كشف أن "بولتون اعترف لي شخصياً بأنه يرغب في تغيير بعض الأنظمة في الشرق الأوسط ومناطق أخرى".

ورأى الكاتب أن "بولتون يتلهف إلى إشعال صراع جديد في الشرق الأوسط"، موضحاً أنه "عندما كان بوش الابن يدرس خياراته بشأن غزو العراق وإطاحة نظام صدام حسين، كان بولتون موجوداً إلى جانبه".

وبولتون هو نجل رجل إطفاء ووُلد في بالتيمور، وعمل في الحملة الرئاسية للسياسي الجمهوري باري غولدووتر عام 1964، ثم عمل مع سبيرو أغنيو، نائب الرئيس ريتشارد نيسكون.

ودرس القانون في جامعة يال، وعمل في إدارات الرؤساء الجمهوريين منذ أيام ريغان. واعتبر أن أسعد لحظة في حياته حصلت بينما كان يعمل في وزارة الخارجية الأميركية، حين أقنع المسؤولين الأميركيين بعدم التوقيع على اتفاقية الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية التي تأسست عام 2002.

وقال إنه شعر في ذلك الوقت وكأنه طفل في عيد الميلاد. وعندما أصبح بولتون مستشاراً للأمن القومي، أكد على أن أي شخص في المحكمة الجنائية الدولية كان يُحقق مع الجنود الأميركيين أو مسؤولي المخابرات عن جرائم حرب مُحتملة في أفغانستان، قد مُنع من الحصول على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة.


بولتون هو من أعلن أن الولايات المتحدة سوف تنشر قاذفات قنابل في الشرق الأوسط

أما علاقته السيئة مع إيران فتعود إلى وقت طويل، وفي عام 2015 كتب مقالاً في صحيفة "نيويورك تايمز"، رأى فيها أن أفضل طريقة للتصدي لشر إيران هي قصفها وشن حرب ضدها.

واعتبر أن طهران لن تتفاوض مع أي جهة مسؤولة بشأن برنامجها النووي، ولكنها خيّبت ظنونه وعقدت اتفاقاً مع إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، بعد محادثات مكثفة تولى مسؤوليتها وزير الخارجية حينها جون كيري.

ولاحقاً ونتيجة للتوترات المتزايدة مع إيران، كان بولتون هو من أعلن أن الولايات المتحدة سوف تنشر قاذفات قنابل في الشرق الأوسط. مع العلم أن بولتون الداعي دائماً إلى شنّ الحروب، تجنّب المشاركة في حرب فيتنام (دامت بين عامي 1955 و1975، وقاتل فيها الأميركيون بين عامي 1961 و1974) من خلال الانضمام إلى كلية القانون والانضمام إلى الحرس الوطني.

وينتقد العديد من خبراء السياسة الخارجية على مر السنين تاريخ واشنطن بالتدخل في شؤون دول أخرى، بدءاً من دورها في إطاحة رئيس الوزراء القومي الإيراني محمد مصدق في عام 1953 وحرب فيتنام، وغزوها للعراق وأفغانستان. إلا أنه من غير المعتاد أن يعترف مسؤولون أميركيون علناً بدورهم في تأجيج اضطرابات ببلدان أخرى.

وتأتي تصريحات بولتون في وقت تحاول فيه لجنة "6 يناير" النيابية التي تحقّق في ملابسات اقتحام مقرّ السلطة التشريعية تحديد الدور الذي أدّاه ترامب والمقربون منه في الهجوم على مبنى "كابيتول هيل". واتهم مشرعون، مساء الثلاثاء، ترامب بالتحريض على العنف في محاولة أخيرة للبقاء في السلطة بعد خسارته انتخابات 2020 الرئاسية.
(العربي الجديد، رويترز، فرانس برس)