التزمت وسائل الإعلام والأجهزة الأمنية المصرية، الصمت تجاه التقرير الذي نشرته مجلة "جون أفريك"، التي تصدر بالعاصمة الفرنسية باريس قبل أيام، عن نجل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، العميد محمود السيسي، ووصفته بأنه القوة السوداء لوالده، والباني الحقيقي لسياسته القمعية "قائد أوركسترا القمع".
وبدأت المجلة تقريرها بتأكيد الصعوبات الشديدة في العثور على شخص في مصر يرغب في التحدث عنه. وقالت: "هذا ما تم تحذيرنا منه عند محاولة البحث عن محمود السيسي، الابن الأكبر للرأس الكبير في مصر، حيث بدا أن جميع أبواب القاهرة تغلق بخوف، كما أن الوعد بعدم الكشف عن هويته لم يعد ضماناً كافياً لذكر أي شيء بخصوص هذا الشاب البالغ من العمر 38 عاماً، والذي يمكن عدّ صوره على أصابع يد واحدة، وهو أحد أقوى رؤساء الأجهزة الأمنية في الديكتاتورية العسكرية".
وأضافت: "في تقليد كلاسيكي لنظم الحكم المستبد في الشرق الأدنى، وعلى خطى الجنرال حسني مبارك، سلفه الذي أطيح به في 2011، يعتمد المشير السيسي على دمه لضمان أمنه وسلطته، وترقية ابنه العسكري مثله، وهو في المرتبة الثانية بجهاز المخابرات المرتبط برئاسة الجمهورية، إذ جعله عميداً "سراً" قبل بلوغه السن القانونية، بحسب مصادر مطلعة".
وفي يناير/كانون الثاني 2018، حذرت صحيفة "نيويورك تايمز": "نجل السيسي محمود، الذي يعمل في جهاز المخابرات العامة، أنه يجب أن يحتفظ بدور مهم. وفي مناسبة واحدة على الأقل، رافق خالد فوزي (رئيس المخابرات المصرية) إلى واشنطن للقاء إدارة أوباما. ونادراً ما يذكره والده علناً إلى جانب شقيقيه مصطفى وحسن وشقيقته آية. ظهرت الشخصية في يوليو/تموز 2016 على الشاشات العالمية، بناءً على تسريبات إيطالية تربطه باغتيال جوليو ريجيني".
وفي يناير/كانون الثاني 2016، اختفى هذا الطالب الإيطالي الذي كان يحقق في النقابات العمالية المصرية قبل العثور على جثته في إحدى ضواحي القاهرة، وقد تعرض للتعذيب الوحشي.
وكتبت الصحيفة "من الصعب تصديق أن نجل السيسي لم يكن على علم بتحركات ريجيني حتى قبل اختفائه".
وفي عام 2018، حدّد محققون إيطاليون خمسة مشتبه بهم، جميعهم أعضاء في الجهاز الذي كان محمود السيسي مسؤولاً فيه عن التجسس المضاد وقت الجريمة، لكن في يونيو/حزيران 2020، اعترف رئيس الوزراء الإيطالي نفسه "بالقلق من بطء عملية تعاون مصر مع ايطاليا في هذا الملف".
ووصفت المجلة، الابن الأكبر للسيسي بأنه القوة السوداء لوالده، والباني الحقيقي لسياسته القمعية، "قائد أوركسترا القمع"، وجمال الجديد، الوريث القوي السابق لحسني مبارك. ودعا محمد علي في المنفى إلى التظاهر، ورغم المستوى غير المسبوق من القمع في مصر، نزل آلاف المتظاهرين إلى الشوارع.
وقالت المجلة إن الصورة غير الرسمية التي رسمها موقع "القاهرة 24"، وهو موقع يسيطر عليه جهاز المخابرات العامة، لمحمود السيسي، لا تتوقف عن تأكيد فكرة أن الابن يدين بترقيته فقط إلى استحقاقه الخاص وليس للتأثير الأبوي، ووفقاً لكاتب المقال، ورغبة منه في إعادة رسم الحقيقة حول رجل يعترف بأنه يحيط نفسه بالسرية، فقد ذهب إلى حد القول إن ابن السيسي كان، أثناء ثورة يناير/كانون الثاني 2011، أحد الضباط المسؤولين عن تأمين ميدان التحرير تحت اسم مستعار، وأنه اتصل بمجموعة من النشطاء والثوار وساعد منهم عدداً كبيراً. وأضافت "يمكننا أن نشك في هذا عندما نرى الحملة القاسية على النشطاء في عام 2011 والتي نفذتها الأجهزة التي يرأسها".
Égypte : Mahmoud al-Sissi, l’ombre de son pèrehttps://t.co/MWXBlevg2p
— Jeune Afrique (@jeune_afrique) December 10, 2020
وأشارت المجلة إلى ظهور محمود، في هذه الصورة الجذابة، باعتباره الابن الجدير لوالده، آخذاً الأب نموذجاً يحتذى به إلى حدّ متابعته في حياته المهنية كجندي وجاسوس ماهر في خدمة مصر وحدها".
وقالت المجلة: إذا لم يكن يخطط لجعل محمود خليفة له، فهل سيستخدم المشير السيسي أبناءه كما يفعل جاره وحليفه الليبي، المشير خليفة حفتر، الذي وضع خمسة من رجاله في مناصب رئيسية في نظامه، ليحمي نفسه من الضربات الداخلية أكثر من خلافته؟
وأضافت أنه في حين أن محمود، أكبر أبناء الرئيس المصري، يحتل المركز الأبرز، فإن شقيقه مصطفى هو أيضاً في وضع جيد داخل هيئة الرقابة الإدارية القوية، وأصغرهم، حسن، انضم أخيراً لمحمود في المخابرات بعد أن عمل في قطاع البترول.
وقالت إنه من الصعب عدم مقارنة هذه الترقيات العائلية بالعديد من "التطهيرات" التي تلت بعضها البعض على رأس الجيش والمخابرات منذ استيلاء عبد الفتاح السيسي على السلطة في يوليو/تموز 2013.
وأشارت إلى أنه "بين عامي 2014 و2017، طرد السيسي سبعة وأربعين عضواً رفيعي المستوى في جهاز المخابرات العامة من الجهاز، بعد تسريبات داخلية، ليحل أخيراً في عام 2018 محل مديره خالد فوزي اللواء عباس كامل، أحد أكثر الرجال خدمةً وولاءً".