جولة ثانية من الحوار المصري... وقضية المعتقلين مستبعدة

04 سبتمبر 2023
من اجتماعات الحوار الوطني، مايو الماضي (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

انطلقت المرحلة الثانية من جلسات الحوار الوطني في مصر، أمس الأحد، وتضمّن جدول الأعمال، مناقشات لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة، وملفات أوضاع السجون، وتعديل أحكام الحبس الاحتياطي، وحرية التعبير والرأي، والعقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر والعلانية وغيرها من الملفات.

وبين المرحلتين الأولى والثانية من الحوار، صدر الكثير من الأحكام القضائية، كان آخرها، قبل انطلاق الجولة الثانية بساعات، الحكم بحبس الناشط السياسي محمد عادل 4 سنوات، بتهمة "نشر أخبار كاذبة في الداخل والخارج".

وفيما أفرجت السلطات المصرية عن 1662 سجيناً بين إبريل/نيسان 2022 ومنتصف يوليو/تموز الماضي، فقد احتجزت في المقابل 4968 سجيناً جديداً، بتهم ذات دوافع سياسية، وذلك بحسب حملة "حتى آخر سجين"، وهي مبادرة يقودها مدافعون مصريون عن حقوق الإنسان.

وقال الناشط السياسي، والباحث في العلوم السياسية حسام الحملاوي، لـ"العربي الجديد"، إن "المؤسسات الحقوقية، لم تتوقف ولم تهدأ خلال فترة الحوار الوطني، وإن كانت المحصلة النهائية لهذا الحوار صفر". 

لا تحسّن في أحوال المعتقلين

وأضاف: "لا تحسّن في أحوال المعتقلين، ولا توقف لحملات الاعتقال والإخفاء القسري، وهذا يعني أن النظام راوغ المعارضة في مسألة الحوار، ومستمر في سياساته القديمة".

حسام الحملاوي: المحصلة النهائية للحوار الوطني صفر

وتابع الحملاوي: "لا توقعات بأي تراجع في سياسات النظام، حتى مع قرب الانتخابات الرئاسية، بل قد تشتد في ملف الاعتقال والسجون. وبالتأكيد هذا يتطلب المزيد من الجهد على الساحات الدولية، في فضح جرائم النظام بحق المعارضين وأصحاب الرأي".

وحول مشاركة أعضاء من الحركة المدنية في جلسات الحوار الوطني في مرحلته الثانية، ومنهم المتحدث باسم الحركة خالد داوود، على الرغم من بيان الحركة الذي "تبرأ" من مخرجات الحوار، قال الحملاوي: "الحقيقة، لا أعلم إذا كانت الحركة المدنية مجبرة على المشاركة من عدمه، ولكن بالتأكيد لا أمل مرجواً من مهزلة الحوار الوطني". وتابع: "منذ أسبوع أصدرت الحركة بياناً قالت فيه إنه تم تجاهل توصياتها، فلماذا يشاركون في المرحلة الثانية اليوم، هل من أجل أن يتجاهلوا توصياتهم مرة أخرى؟ الموضوع مثل المضحكات المبكيات".

قضايا مستبعدة من النقاش على طاولة الحوار

ورأى مراقبون أن هناك قضايا بعينها مستبعدة من المناقشة على طاولة الحوار، وأبرزها ملف السجناء السياسيين. وفي تقرير أصدرته الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، أمس الأحد، استخلصت "الغياب التام حتى الآن في مناقشة العديد من القضايا الهامة، على رأسها إنهاء ملف المحبوسين السياسيين في مصر".

وأشارت إلى أنه "غاب ملف الاختفاء القسري تماماً من أجندة عمل لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة في الحوار الوطني، أو حتى الإشارة إليه في الجلسات التحضيرية للحوار". وعلى مدار العقد الماضي، تدهورت أوضاع السجون في مصر بشكل مقلق، إذ يتم منح الرعاية الطبية وحقوق الزيارة للسجناء بشكل انتقائي، ويقضي بعضهم سنوات في الحبس الانفرادي، حسب منظمات.

وعام 2019، حذر خبراء الأمم المتحدة من أن آلاف المعتقلين في مصر "ربما يعانون من انتهاكات جسيمة لحقوقهم الإنسانية، وقد يكون الكثير منهم معرضين بشدة لخطر الموت... ولا تزال السلطات المصرية ترفض السماح للجماعات الحقوقية المستقلة بتفقد أوضاع السجون".

بيومي: الرسائل والاستغاثات لم تتوقف من السجون ومقار الاحتجاز

وكانت الرسالة المسربة من داخل سجن "بدر 3"، قبل أيام، عبارة عن مذكرة جماعية، تقدّم بها المعتقلون لإدارة السجن، يحتجون فيها على "تردي الأوضاع، وعدم تنفيذ أي من الوعود البراقة التي أقسم مسؤولو الداخلية على تنفيذها، وأولها فتح الزيارة بشكل طبيعي، ولكل المعتقلين في السجن، وأن تكون الزيارة مثلها مثل باقي السجون الأخرى، وكذلك التريض والتشمس، بالإضافة إلى خدمات السجن السيئة للغاية".

الاستغاثات لم تتوقف من السجون ومقار الاحتجاز

وفي هذا الإطار، قال مدير مركز "الشهاب لحقوق الإنسان" خلف بيومي، لـ"العربي الجديد"، إن "الرسائل والاستغاثات لم تتوقف من السجون ومقار الاحتجاز، وكان أغلبها من سجن بدر 3، حيث اشتكى المعتقلون من تكرار التجاوزات، خصوصاً منع التريض والإصرار على الزيارة من وراء حائل، فضلاً عن ضعف الإمكانيات الطبية اللازمة للحالات الحرجة، بالإضافة لوجود كاميرات المراقبة داخل الزنازين".

وأضاف: "طوال هذه الفترة لم يسكت صوت المعتقلين، إذ دخلوا في إضراب، وهدد البعض منهم بالانتحار، ولذلك حاولت إدارة السجن التفاوض معهم، لكنها نكثت بكل الوعود".

وشدد بيومي على أن الأمر "ليس تصعيداً حقوقياً وإعلامياً بقدر ما هو صوت عال لهم يوضح استمرار الانتهاكات". وقال إن "هذه الرسالة، توضح كذب وخداع إدارة السجن، وضعف لجنة الحوار التي لم تقدّم أي حلول للمعتقلين. وعلينا جميعاً كحقوقيين وإعلاميين، أن نتضامن معهم ونكون صوتاً لهم".

المساهمون