- مصر أبدت استعدادها لزيادة التنسيق الأمني على حدود غزة وسيناء، بينما تحاول الولايات المتحدة دفعها للعب دور أكبر في إدارة القطاع.
- الرئيس المصري السيسي شدد على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة فورًا وحذر من عواقب عملية عسكرية في رفح، مع استمرار الجهود الدبلوماسية لحل الصراع.
كشفت مصادر دبلوماسية مصرية وأخرى مطلعة على تحركات القاهرة بشأن ملف الوضع في قطاع غزة، أن "أجندة" زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي زار القاهرة أمس الخميس، "تضمنت مناقشة تصور أميركي للمرحلة المقبلة من الصراع الدائر، وكذلك إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب".
وبحسب المصادر، التي تحدثت إلى "العربي الجديد"، يتضمن التصور الأميركي، والذي يحظى بمباركة إسرائيلية، "تشكيل إدارة عربية للقطاع، تتولى الإشراف والإدارة المباشرة لمجموعات محلية مكونة من مخاتير وقيادات محلية".
وقال مصدر دبلوماسي مصري إن القاهرة "أبلغت الإدارة الأميركية، ومسؤولين في حكومة الاحتلال، الأسبوع الماضي، رفضها لعب دور مباشر في إدارة غزة عقب العدوان".
مصدر دبلوماسي مصري: القاهرة أبلغت أميركا والاحتلال رفضها لعب دور مباشر في إدارة غزة عقب العدوان
وأضاف أن "المسؤولين المصريين أكدوا أن الدور الذي يمكن أن تلعبه مصر، هو دعم ومساعدة السلطة الفلسطينية على إدارة القطاع، شريطة أن تكون السلطة هي المتصدرة للمشهد هناك وليس أي طرف عربي".
مصر مستعدة لزيادة التنسيق على الحدود مع غزة
وأوضح المصدر أنه "خلال مناقشات موسعة بشأن مصير منطقة رفح والحديث عن احتمالات الاجتياح البري الإسرائيلي لها، وكذلك التصورات الأميركية للأزمة، أبدت مصر استعدادها لزيادة التنسيق الأمني على الحدود بين قطاع غزة وسيناء، وزيادة كاميرات المراقبة، وكذلك قيام حملة موسعة من الجانب المصري، لاستهداف مواقع تقول الحكومة الإسرائيلية إنها تتضمن أنفاق تهريب، وتستخدمها حماس لتهريب الأسلحة إلى القطاع".
وأكد الدبلوماسي المصري أن "هناك محاولات أميركية متواصلة تتراوح بين الضغوط والمحفزات، لدفع القاهرة للعب دور واسع في إدارة قطاع غزة، إذ تعتبرها واشنطن حجر الزاوية في تصورها المطروح".
بلينكن أطلع مسؤولين عرباً على خطط عملية برفح
في مقابل ذلك، كشف مصدر مصري آخر، عن "تعثر المحاولات الرامية لوقف العملية العسكرية في رفح"، قائلاً إن "بلينكن أطلع مسؤولين عرباً على خطط (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتنياهو التي رفض خلالها أي حلول مرتبطة بمنع عملية رفح".
وأوضح المصدر أن "دوائر عربية وأميركية، بدأت العمل على خطة تخفيض أعداد النازحين الموجودين في رفح، والذين يقدر عددهم بنحو مليون و300 ألف نازح".
وأشار إلى أن "التصور المطروح، يتضمن نقل أعداد كبيرة إلى وسط غزة في مناطق حددها جيش الاحتلال، مع نقل أعداد من النساء والأطفال إلى مناطق في شمالي القطاع، بالإضافة إلى نقل عدد من النازحين إلى مصر بشكل مؤقت، وهو ما رفضته القاهرة".
وأشار المصدر إلى أنه "على الرغم من رفض القاهرة التصور المطروح، إلا أنها بدأت العمل على تجهيزات للتعامل مع ما يمكن وصفه بالارتدادات لعملية الاجتياح".
ورجحت مصادر محلية مصرية أنه في حال تنفيذ هذا السيناريو، فإن "مصر لا يمكنها أن تستوعب أكثر من 150 ألف نازح، لن يكونوا في مخيمات خاصة على الحدود مع قطاع غزة، ولكن يتم نقلهم إلى عدد من المدن والمناطق الجديدة، منها العاشر من رمضان، وأكتوبر الجديدة، ومنطقة في شرقي القاهرة". ووفقاً لهذا السيناريو المحتمل، فسوف تساعد التدفقات المالية من أوروبا ودول الخليج، ومنها مشاريع استثمارية سعودية ينتظر توقيعها مع مصر قريباً، في استيعاب أعداد من النازحين.
وقال مصدر دبلوماسي غربي في القاهرة، إن الولايات المتحدة تشجع الاتجاه نحو الاستثمار في مصر. وأضاف أن "ما نقل للقاهرة، هو أن نتنياهو، شدد خلال اتصال مع (الرئيس الأميركي جو) بايدن، على أن حرب إسرائيل لن تكتمل قبل الوصول لقيادة حماس في قطاع غزة وليس الأسرى".
السيسي يتمسك بوقف النار في غزة
يأتي هذا في وقت أكد فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه بلينكن أمس الخميس، ضرورة وقف إطلاق النار في غزة بشكل فوري. وقالت الرئاسة المصرية، في بيان، إن السيسي حذر من العواقب الخطيرة لشن جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية في مدينة رفح. وطالب السيسي بضرورة التحرك العاجل لإدخال كميات كافية من المساعدات إلى قطاع غزة، وفتح آفاق المسار السياسي من خلال العمل المكثف لتفعيل حل الدولتين.
مصدر مصري: تعثر المحاولات الرامية لوقف العملية العسكرية في رفح
وبالتزامن مع جولة بلينكن في المنطقة، استضافت القاهرة، اجتماعًا لوزراء خارجية 5 دول عربية وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، بحضور بلينكن.
وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، إن "زيارة بلينكن السادسة إلى المنطقة العربية، جاءت في إطار محاولة لزيادة الضغط على حماس، من قبل مصر وقطر، ولكن من الصعب تحقيق ذلك، لأن ذلك يعني أن المطلوب من حماس الانتحار".
وأضاف صادق، لـ"العربي الجديد": "بالطبع فإنه من المأمول ألا يقبل القادة العرب بذلك، ولذلك فإن المهمة ليست سهلة على الإطلاق، خاصة مع دعم أميركا لتصفية حركة حماس".
من ناحيته، قال السفير السوداني السابق في الولايات المتحدة، الخضر هارون، لـ"العربي الجديد"، إن "إدارة بايدن أبدت ضعفها عندما فشلت في إقرار وقف مؤقت لإطلاق النار خلال شهر رمضان (بدأ في 11 مارس/آذار الحالي)، والذي أرمي إليه، أن الإدارة الحالية وهي في الأشهر الأخيرة من عمرها، لن تنفق من رصيدها السياسي أكثر من فتات، تمثل في إلقاء المساعدات من الجو، وإدانات محتشمة للسلوك الإسرائيلي لإرضاء الناخبين العرب والمسلمين وقطاع من الأميركيين الذين هددوا بعدم التصويت لبايدن".
وبرأي هارون فإن "إسرائيل بقيادة نتنياهو ماضية في مخطط تصفية القضية الفلسطينية ومبدأ حل الدولتين، وتدرك حجم التأييد لتحقيق هذه الغاية في أميركا وأوروبا، وتراهن عليه، كما أنها ترنو ببصرها إلى ما بعد انتخابات أميركا في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وعليه لا أظن أن زيارة بلينكن للقاهرة قد تأتي بجديد".
وشدد على أن "الترياق الوحيد لمقاومة هذا المخطط هو الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني، وعدم الانخداع بالوعود قصيرة المدى التي تخدم السياسيين وحدهم، وفي الصفقات التي أخرجت المقاومة من عمان وبيروت وحتى تونس".
بدوره قال نائب رئيس "المركز العربي للدراسات السياسية" مختار الغباشي، لـ"العربي الجديد"، إن "الكل يبحث عن مخرج لهذا الذي نراه من دمار وهلاك وجوع داخل قطاع غزة، وآلية الوصول إلى اتفاق ما بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل أصبحت متعسرة للغاية"، مضيفاً أن "إسرائيل مشتتة، وهناك وقوف أميركي بلا حدود خلفها".