يتأرجح مصير بلدة أم باطنة في ريف القنيطرة، بجنوب سورية، ما بين الاجتياح من قبل قوات النظام، أو تهجير عائلات يرفض أبناؤها الانخراط في الخدمة العسكرية في هذه القوات، بينما تشهد محافظة درعا حراكاً شعبياً متصاعداً لمقاطعة الانتخابات الرئاسية التي يتجهز النظام السوري لإجرائها في 26 مايو/أيار الحالي.
وشهدت بلدة أم باطنة حركة نزوح في أيام عيد الفطر خشية قيام قوات النظام السوري باقتحامها، وفق مصادر محلية أشارت إلى أن مفاوضات بين أجهزة النظام الأمنية ووجهاء من هذه البلدة فشلت مجدداً. ويصرّ النظام على تهجير عائلات من البلدة إلى الشمال السوري، في تكرار لسيناريو اتبعه خلال العامين الأخيرين في المدن والبلدات التي ترفض الخضوع لسلطته الأمنية والعسكرية. في المقابل، تتمسك العائلات، والتي رفض شبانها الالتحاق بالخدمة العسكرية في قوات النظام، بالبقاء في منازلها، وهو ما يفتح الباب أمام اقتحام يخشى أن تتخلله عمليات انتقام وتصفية واسعة النطاق بحق المعارضين للنظام.
وذكر "تجمع أحرار حوران" أنّ العميد طلال العلي، المسؤول في فرع جهاز "الأمن العسكري" في القنيطرة، هدد أهالي أم باطنة مجدداً باقتحامها، في حال عدم قبول عشرة عائلات بالتهجير نحو الشمال السوري. وتؤكد مصادر محلية أنّ هناك دوراً لطهرات في ما يجري في بلدة أم باطنة القريبة من حدود الجولان السوري المحتل، مشيرةً إلى أن الجانب الإيراني يصرّ على تهجير كل الشبان الرافضين لسلطة النظام ليسهل بعد ذلك السيطرة على البلدة.
يصر النظام على تهجير عائلات من أم باطنة للشمال السوري
وكان النظام أبرم منتصف عام 2018 اتفاقات تسوية مع فصائل المعارضة السورية في محافظتي درعا والقنيطرة المتجاورتين، إلا أنّه لم يلتزم بهذه الاتفاقات. وباءت جهود النظام طيلة أكثر من عامين في فرض سيطرة كاملة على الجنوب السوري بالفشل، حيث لا تزال بلدات ومدن محافظة درعا تشهد عمليات شبه يومية ضد قوات النظام.
في غضون ذلك، تشهد بلدات ومدن درعا حراكاً شعبياً رافضاً لانتخابات النظام الرئاسية المقررة في 26 مايو الحالي. وانتشرت أخيراً عبارات على جدران في مدن وبلدات عدة في محافظة درعا، تدعو إلى مقاطعة هذه الانتخابات، وعدم انتخاب "الطاغية قاتل الأطفال"، في إشارة لبشار الأسد الذي وُصف في عبارة أخرى بـ"مجرم العصر"، و"محبوب الصهاينة".
من جانبه، أشار الناشط الإعلامي أحمد المسالمة، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ غالبية أهل الجنوب السوري "يعتبرون ما سيجري في 26 مايو تجديد بيعة لبشار الأسد وليس انتخابات"، مضيفاً: "هناك رفض شعبي كبير، ولن تكون هناك مشاركة في هذه المسرحية في أغلب مدن وبلدات وقرى الجنوب السوري، وخاصة في محافظة درعا". وأوضح أن التهديدات التي صدرت من فعاليات ثورية لمن يشارك أو يسهم في هذه الانتخابات "دفعت من كان ينوي المشاركة إلى التراجع"، مضيفاً: "كانت روسيا تحاول إخراج مسيرات تأييد شعبية في محافظة درعا لهذه الانتخابات، إلا أنها فشلت في ذلك". وتابع: "ارتفاع وتيرة الفلتان الأمني والتظاهرات ونقاط الاحتجاج والعبارات والملصقات على الجدران وعمليات الاغتيال المستمرة، أدت إلى عدم استقرار كاف في محافظة درعا يسمح بإجراء الانتخابات كما كان يخطط النظام وروسيا وإيران".
وأوضح المسالمة أنه "في بعض البلدات التي لم تخرج عن سيطرة النظام على مدى سنوات الثورة، مثل الصنمين وازرع وحباب، هناك حراك مؤيد لهذه الانتخابات"، مضيفاً: "يحاول النظام تقديم المغريات لعدد كبير من قرى وبلدات محافظة درعا من خلال تقديم الخدمات وتوفير المواد الغذائية مقابل المشاركة في الانتخابات، إلا أن الفعاليات الشعبية والوجهاء يرفضون ذلك بالمطلق".
عبارات على جدران في درعا تدعو إلى مقاطعة الانتخابات
من جانبه، اعتبر الصحافي محمد العويد، وهو من أبناء محافظة درعا، أن النظام السوري "سيحرص على إجراء الانتخابات ووضع الصناديق في مركز مدينة درعا، وفي بعض البلدات التي يسيطر عليها بقوة السلاح"، موضحاً أن "ريف درعا الغربي الذي يضم بلدات عدة منها طفس، تل شهاب، المزيريب، اليادودة، لن يشهد أي نشاط انتخابي". كما أوضح أن ريف درعا الشرقي ومركزه مدينة بصرى الشام "لن يشهد هو الآخر أي نشاط، وكذلك الحال في حي درعا البلد القريب من مركز مدينة درعا مركز المحافظة". وبيّن العويد أن "قوات النظام تسيطر على الجانب الأكبر من ريف درعا الشمالي القريب من العاصمة دمشق، وبالتالي ستوضع صناديق الانتخاب في بلدات هذا الريف ومنها الصنمين وازرع ونوى".
على صعيد آخر، يواصل الجانب الروسي حملته الجوية على تنظيم "داعش" على امتداد البادية السورية، حيث شنت مقاتلات روسية عشرات الغارات على فلول التنظيم خلال اليومين الأخيرين، في محاولة جديدة للحد من العمليات التي يقوم بها ضد قوات النظام والمليشيات الإيرانية. ووفق مصادر متقاطعة، فإن الغارات الجوية شملت محيط جبل البشري، عند الحدود الإدارية بين الرقة ودير الزور، ومحاور في ريف حماة الشرقي ولا سيما محيط قرية إثريا، إضافة إلى بادية حمص الشرقية.