جمع مجلس القيادة اليمني برعاية سعودية: تمهيد لتغييرات

29 سبتمبر 2022
لا يزال العليمي في الرياض منذ أغسطس الماضي (Getty)
+ الخط -

بعد أكثر من أربعة أشهر من توقف اجتماعاته على وقع الخلافات في صفوفه، اجتمع أعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني بكامل أعضائه من جديد، أمس الأربعاء، لكن هذه المرة في الرياض في مكتب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان وبحضور رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، بعد أن كانت مغادرة رشاد العليمي عدن في شهر أغسطس/آب الماضي، بعد فشله في تخفيف حدة التباينات بين أعضاء المجلس، أدت إلى تجميد غير معلن للمجلس.

واضطرت السعودية، أخيراً، إلى استدعاء كامل أعضاء المجلس الذين يحتلون أيضاً صفة نائب الرئيس، وهم عيدروس الزبيدي، وسلطان العرادة، وطارق صالح، وعبدالرحمن المحرمي، وعبدالله العليمي، وعثمان مجلي، وفرج البحسني إلى أراضيها لمحاولة تسوية الخلافات بين الأعضاء وإنهاء مقاطعة بعضهم للاجتماعات في عدن. وكان الزبيدي آخر الواصلين أمس الأربعاء.

وكان آخر اجتماع عقده المجلس بكامل أعضائه في عدن في 25 مايو/أيار الماضي، برئاسة رشاد العليمي. وفرضت الخلافات مغادرة تدريجية لعدد من أعضاء المجلس قبل أن تتسبب الاشتباكات في شبوة بين قوات من الجيش اليمني وتشكيلات مسلحة موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي في تفجير الخلافات وخروجها للعلن. 

عقد وزير الدفاع السعودي اجتماعاً مع رشاد العليمي وأعضاء المجلس السبعة

ولوح نائب رئيس المجلس، عبدالله العليمي، في 12 أغسطس/آب الماضي، بالاستقالة على خلفية أحداث شبوة. وقال يومها مصدر مقرب منه، لوكالة "رويترز" إنه تم إقناعه بالعدول عن قراره، لمنع أي اهتزاز داخل المجلس.

وتبع ذلك مغادرة رئيس مجلس القيادة في 15 أغسطس في "زيارة غير رسمية" إلى الإمارات ثم انتقل بعدها إلى الرياض، ليمكث فيها منذ ذلك الحين. مع العلم أنه خلال هذه المدة سافر مرتين الأولى إلى ألمانيا ثم إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، شارك على هامشها في ندوة لمركز الشرق الأوسط أقرّ فيها بوجود خلافات بين أعضاء المجلس، شارحاً طبيعتها ومحاولات التغلب عليها.

وقبل ذلك، كان طارق صالح قد عزف عن العودة إلى عدن، ومكث في الساحل الغربي، فيما استقر سلطان العرادة في مأرب. في المقابل، كان فرج البحسني يتنقل بين الرياض وحضرموت، فيما عثمان مجلي بقي في الرياض.

ولم يبق في عدن طيلة الفترة الماضية سوى نائب العليمي، ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي والعضو الآخر في مجلس القيادة الرئاسي عبدالله المحرمي، الذي التحق برئيس المجلس في الرياض منذ أكثر من نصف شهر.

وعقد وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، بصفته المسؤول عن الملف اليمني، في الرياض أمس الأربعاء، اجتماعاً مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، وأعضاء المجلس السبعة الآخرين.

إعادة لم شمل مجلس القيادة

وأشارت نحو 10 مصادر سياسية مقربة من 5 أعضاء في مجلس قيادات المجلس تواصلت معهم "العربي الجديد" تباعاً إلى أن الاجتماع جاء ليعيد لم شمل المجلس، وبالتالي إعادة تحريك الملفات المتوقفة بسبب توسع التباينات بين الأعضاء ورفض بعضهم العودة إلى عدن.

وأوضحت المصادر، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن الرياض سعت عبر الاجتماع إلى عدم تكرار العمليات العسكرية الأخيرة الأحادية التي قام بها "المجلس الانتقالي الجنوبي" في شبوة وأبين، ووقف شن حملات إعلامية من قبل الأخير على شركائه في مجلس القيادة، إضافة إلى بحث ملف حماية قيادات المجلس وتأمين قصر المعاشيق في عدن أمنياً، والذي قد يشهد تغيراً خلال الفترة المقبلة بعد تدخل السعودية في الملف.

كما أن ملف عودة جميع قيادات المجلس الرئاسي، إضافة إلى وزراء في الحكومة، للعمل من عدن بعد المقاطعة أصبح وشيكاً. وكان عزوف قيادات في مجلس القيادة الرئاسي وعدد من الوزراء عن العمل من عدن أدى إلى تعثر كل الملفات التي كان رشاد العليمي قد بدأ تحريكها من العاصمة اليمنية المؤقتة خلال الفترة الماضية.

وكان عيدروس الزبيدي ضغط، خلال الفترة الماضية، لعودة العمل من عدن ومنع العمل من خارجها، أو من خارج البلاد. مع العلم أنه تولى طيلة الفترة الماضية عقد الاجتماعات بمختلف المسؤولين اليمنيين من العاصمة عدن، ليبدو وكأنه من يدير مجلس القيادة الرئاسي.

وعلى الرغم من أن ضغط الزبيدي أدى إلى عودة رئيس الحكومة معين عبد الملك إليها، إلا أن هذه العودة لم تسفر عن تحريك الملفات، بحكم استمرار توقف دور مجلس القيادة الرئاسي الذي يعد المسؤول الأول عن جميع الملفات.

مقترحات بإعادة هيكلة مجلس القيادة الرئاسي

وحسب مصادر سياسية يمنية مطلعة على النقاشات الدائرة حالياً، وتحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن هناك مقترحات تطرح من قبل أعضاء في المجلس وأطراف سياسية محسوبة على معسكر الشرعية بشأن إعادة هيكلة المجلس، مثل تقليص عدد نواب الرئيس من سبعة إلى اثنين، واحد يمثل الجنوب وآخر يمثل الشمال، بينما رشاد العليمي يمثل الوسط، فيما يتم منح القيادات الأخرى مناصب أخرى، وذلك في إطار محاولة لخفض التباينات بين نواب الرئيس.

وأشارت المصادر إلى أن هناك طرحا آخر، يتمحور حول ضرورة تسلم كل نائب من النواب السبعة الحاليين مهمة معينة، سياسية أو اقتصادية أو عسكرية وغيرها. ولفتت إلى وجود طرح لإجراء تغييرات في رئاسة الحكومة، وتعديلات في هياكل عدد من الوزارات.

هناك مقترحات على طاولة المجلس لدراستها، مثل تقليص عدد نواب الرئيس من سبعة إلى اثنين

لكن لا يوجد حسم بشأن هذه القضية وأي السيناريوهات قد يتم السير فيه، وإن كان الأول المتعلق بتقليص عدد النواب الأكثر استبعاداً. وتسود قناعة بأن أي تغيير في تركيبة المجلس لن يكون إلا بقرار سعودي، وغالباً ما سيكون مفاجئاً على غرار ما حدث عندما فوض الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي صلاحياته إلى مجلس القيادة الرئاسي في ختام مشاورات للقوى اليمنية في الرياض برعاية مجلس التعاون الخليجي.

مع العلم أن الإعلان الرئاسي بنقل السلطة وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي، الذي صدر في 7 إبريل/نيسان 2022، لم يحدد كيفية إعادة هيكلة المجلس.

3 سيناريوهات لإعادة التماسك للمجلس

وفي السياق، كتب الصحافي والمحلل السياسي ماجد الداعري، في تغريدة اليوم الخميس، إن هناك ثلاثة سيناريوهات متوقعة لإعادة ترتيب وحدة وتماسك مجلس القيادة الرئاسي وتفعيل مهامه الوطنية المعطلة.

 

 

وأوضح أن السيناريو الأول يتمحور حول تحديد مهام وصلاحيات معينة لكل عضو على مستوى الجمهورية أو عن الأقاليم، والثاني إعادة ترتيب أهمية النواب، بتسمية كل منهم كنائب أول وثانٍ وثالث ورابع... إلخ، أو بتسمية تخصصية كنائب للشؤون الاقتصادية وآخر للعسكرية ونائب للشؤون السياسية وللشؤون المحلية وغيرها، حسب قدرات وتخصص كل نائب. ويتمحور السيناريو الثالث حول تقليص عدد نواب الرئيس والاكتفاء باثنين عن الجنوب ومثلهما للشمال.

ووفقاً للداعري "لم يمنح بيان الرئيس هادي بنقله للسلطة وتفويض صلاحياته إلى مجلس رئاسي، أي صلاحيات لرئيسه العليمي لإقصاء أي من زملائه بالمجلس، كونهم مشمولين أساسا بتلك الصلاحيات الرئاسية إلى جانب اشتراط توافق أغلبيتهم على أي قرارات يراد اتخاذها وبالتالي فمن بيده إصلاح مسار المجلس غير من أعلن تشكيله".